سورية...أزمة غاز تعرقل الحياة في إدلب

09 مارس 2025
نقص الإمدادات وزيادة الطلب أدى لارتفاع أسعار الغاز، دمشق في 16 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتفاقم أزمة الغاز في إدلب، مما يضطر الأهالي والنازحين للبحث عن بدائل مثل الحطب والفحم، ويزيد من الأعباء المالية والمخاطر الصحية، حيث تجاوزت أسعار أسطوانات الغاز 15 دولاراً.

- الأسر النازحة تعتمد على المساعدات الإنسانية وتواجه صعوبة في الطهي بسبب ارتفاع أسعار الغاز، مما يضطرها للاعتماد على وجبات بسيطة، وتطالب بتوفير الغاز بأسعار معقولة.

- تؤثر الأزمة على أصحاب الحرف والأفران، مما يضطرهم لتقليص العمل أو الإغلاق، وتعكس الأزمة جزءاً من أزمة إنسانية أكبر في إدلب.

تتفاقم أزمة الغاز المنزلي في محافظة إدلب شمال غربي سورية، لتصبح واحدة من أكثر المشكلات إلحاحاً، والتي تؤثر على حياة الأهالي والنازحين، مما يزيد من مأساتهم في منطقة تعاني أصلاً تدهوراً اقتصادياً ونقصاً في الخدمات الأساسية.
وقال حسام بربور وهو أب لخمسة أطفال يعيش في مدينة إدلب: "نحن نعاني منذ أشهر نقص الغاز.. كل يوم أذهب إلى محلات توزيع الغاز وأعود خالي الوفاض، أصبحت الأسطوانات مثل الذهب، نادراً ما نجدها".

وأضاف أن نقص الغاز يجبر العائلات على اللجوء إلى بدائل مثل الحطب أو الفحم للطهي والتدفئة، مما يزيد من الأعباء المالية ويعرض صحتهم للخطر بسبب الأدخنة والغازات السامة. وبالإضافة إلى نقص الغاز، يعاني الأهالي ارتفاع أسعار الأسطوانات نتيجة انقطاعه المستمر وتوفره بكميات قليلة إن وجد، فبعد أن كانت تعبئة أسطوانة الغاز بما يعادل 11.5 دولاراً، وصل السعر الآن إلى أكثر من 15 دولاراً في بعض الأحيان. 

وقالت حسنة الراشد، وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي وتعيش في مخيم خالدي شمال إدلب: "نعتمد على المساعدات الإنسانية لتأمين الغذاء والدواء، وحتى الغاز الذي يعد وسيلتنا الوحيدة للطهي أصبح من الكماليات، كيف نطهو طعامنا في هذا الشهر الفضيل، الأسعار مرتفعة جداً ولا نستطيع تحملها". وأضافت:" أشتاق إلى الأيام التي كنا نطبخ فيها وجبات دافئة كل يوم، الآن، نأكل الخبز مع الزيت والزعتر ولا نستطيع الطهي، أحلم بيوم تعود فيه الحياة إلى طبيعتها، ونعيش مثل بقية الناس في هذا العالم". 

في ظل هذه الأزمة، تحاول الراشد إيجاد حلول بدائية لتأمين احتياجات عائلتها، كاستخدم الحطب والفحم، لكنها ليست حلولاً مستدامة، وتطالب الحكومة الجديدة والمنظمات الإنسانية بتأمين الغاز المنزلي بشكل مستمر وبأسعار معقولة وتقول: "نحن نعيش في ظروف صعبة جداً، ونحتاج إلى مساعدة عاجلة، الغاز ليس رفاهية، بل ضرورة للحياة اليومية". 

لم تؤثر أزمة انقطاع الغاز على العوائل فقط في إدلب، وإنما أيضاً على أصحاب الحرف والأفران الذين يعتبرون الغاز المادة الأساسية لعملهم، وهو ما قاله رامز أبو يوسف، صاحب مخبز في إدلب الذي يعتمد على الغاز لتشغيل فرنه الذي يشكل مصدر رزقه الوحيد، ولكن مع نقص الغاز وانقطاعه، أصبح مضطراً إلى إغلاق المخبز لعدة أيام في الأسبوع، وهو ما راح يؤثر على عمله ودخله اليومي. 

من جانبه يرجع مناف الراعي وهو بائع غاز في سوق إدلب، أسباب غياب الغاز المنزلي وارتفاع أسعاره إلى نقص الإمدادات وزيادة الطلب عليه خاصة في شهر رمضان، مؤكداً تحديد السعر من قبل الحكومة وهو 12.23 دولاراً للأسطوانة الواحدة، ورفع الأسعار هي تجاوزات غير مضبوطة من قبل الموزعين ومراكز البيع. 

وأوضح الراعي لـ"العربي الجديد" أنه يعمل في هذه المهنة منذ سنوات، ولكن الوضع الآن هو الأسوأ على الإطلاق، لافتاً إلى أن الناس يتصارعون للحصول على أسطوانة غاز، وأحياناً تصلهم كميات محدودة لا تكفي حتى لربع الطلبات. وأشار إلى أن الأسر الفقيرة هي الأكثر تضرراً، لحاجتها إلى الغاز المنزلي للطبخ، بينما من يعيشون في المدن فيمكن أن يستعيضوا عن الغاز بالكهرباء المتوفرة لديهم. 

وتابع أن أزمة الغاز طالت هذه المرة، وهي جزء من أزمة إنسانية أكبر تعيشها إدلب، حيث يعاني السكان نقص الغذاء والدواء والكهرباء، مؤكداً أن انقطاع الغاز المنزلي ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل هي أزمة إنسانية تمس كل جانب من جوانب الحياة، وتعكس معاناة يومية يعيشها الأهالي والنازحون في ظل ظروف صعبة ونقص في الخدمات الأساسية.

المساهمون