ترامب يتحدث للصحافيين عن التعريفات الجديدة/ واشنطن/ 31يناير2025 (Getty)
04 فبراير 2025
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الصين وتأجيل خطط فرض 25% على المكسيك وكندا، مع استهداف الاتحاد الأوروبي لاحقاً، كوسيلة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية.

- تُعتبر الرسوم الجمركية ضرائب على السلع المستوردة لدعم الصناعات المحلية، وقد تؤدي إلى تكاليف إضافية للمستوردين الأميركيين تصل إلى 1.1 تريليون دولار خلال العقد المقبل.

- يتحمل المستهلكون والشركات الأميركية التكاليف الناتجة عن زيادة الرسوم، مما يثير تحديات قانونية في منظمة التجارة العالمية، حيث وصفت الصين الرسوم بأنها "انتهاك خطير".

أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اضطرابات في الاقتصادات والأسواق بإعلانه فرض الرسوم الجمركية على أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين. وحتى الآن، فرض ترامب رسوماً بنسبة 10% على الصين، وأجّل خطط فرض 25% على البضائع الواردة من المكسيك وكندا، وأشار إلى أنه سيتجه نحو الاتحاد الأوروبي لاحقاً.

وبعيداً عن كل هذا الضجيج، فإن للرسوم الجمركية تأثيرات عملية على أرض الواقع. "العربي الجديد" يوضح لكم هنا كيف تعمل هذه الرسوم الجمركية، ومن يتحمل تكلفتها، وكيف تُجمَع الإيرادات منها؟

  • ما هي الرسوم الجمركية وما الغرض من فرضها؟

الرسوم الجمركية ضرائب تُفرض على السلع المستوردة. وكما هو الحال مع مختلف أنواع الضرائب، فهي مصدر لإيرادات الحكومة، اعتمدت عليه الدول منذ فترة طويلة لدعم الصناعات المحلية، من خلال جعل المنتجات الأجنبية أكثر تكلفة. ويستخدم ترامب الرسوم الجمركية وسيلةَ ضغط لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، وهو ما ظهر بوضوح في الرسوم المخطط فرضها على الواردات من المكسيك وكندا، حيث وافق ترامب على تأجيلها حتى الأول من مارس/ آذار المقبل، بعد أن وافقت الجارتان في القارة الشمالية على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة دخول المهاجرين والمخدرات إلى الأراضي الأميركية.

  • كيف تُفرض الرسوم الجمركية وكيف تُجمَع؟

وزير الخزانة الأميركي هو المسؤول عن وضع اللوائح المتعلقة بجمع الرسوم الجمركية، لكن هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP) هي الجهة الحكومية المكلفة فرضها عند ما يقرب من 330 منفذ دخول في جميع أنحاء البلاد، تشمل المعابر الحدودية عبر الطرق أو السكك الحديدية، وكذلك الموانئ البحرية والمطارات. ويقوم الوكلاء بمراجعة المستندات، وإجراء عمليات التدقيق، وجمع الرسوم والعقوبات، لتُجمَع الأموال عند تخليص الجمارك وتُودَع في الصندوق العام لوزارة الخزانة. أما من يفشلون في إعلان الكمية أو الفئة أو الأصل الصحيح لمنتج معين، سواء عن قصد أو بسبب الإهمال، فهم معرضون للعقوبات.

يستخدم ترامب الرسوم الجمركية كوسيلة ضغط لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، وهو ما ظهر بوضوح في الرسوم المخطط فرضها على الواردات من المكسيك وكندا

وتَعبُر بعض السلع والمكونات الحدود الأميركية عدة مرات قبل أن تصبح منتجاً نهائياً، كما هو الحال مع سيارة تحتوي على أجزاء مصنوعة في الولايات المتحدة، ولكن تُجمَّع في المكسيك ثم يُعاد استيرادها إلى الولايات المتحدة. ووفقاً لقواعد هيئة الجمارك وحماية الحدود، فإن المنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة، التي يُعاد استيرادها إلى البلاد دون "تحسينها" أو "تطويرها" من حيث القيمة، تكون معفاة من الرسوم الجمركية.

مثال آخر: إذا صدّرت الولايات المتحدة الذهب إلى الهند لاستخدامه في صناعة الأقراط، فستُفرَض تعريفات على المنتج النهائي عند إعادة دخوله إلى الولايات المتحدة، وفي هذه الحالة، ستُفرَض ضريبة حتى على قيمة الذهب نفسه.

  • ما حجم الأموال المتوقع أن تجمعها الولايات المتحدة؟

كانت الرسوم الجمركية في السابق المصدر الرئيسي لإيرادات الحكومة الأميركية، لكنها شكّلت نسبة ضئيلة من الإيرادات الحكومية خلال القرن الماضي. ووفقًا لتحليل أجراه مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في سانت لويس استناداً إلى بيانات حكومية، فقد شكلت التعريفات أقل من 3% من الإيرادات الفيدرالية العام الماضي.

وإذا تم فرض التعريفات بشكل دائم فقد تترجم إلى 1.1 تريليون دولار من التكاليف الإضافية للمستوردين الأميركيين خلال العقد المقبل

وإذا فُرضَت التعريفات بشكل دائم كما اقتُرِحَت في الأصل، فقد تترجم إلى 1.1 تريليون دولار من التكاليف الإضافية للمستوردين الأميركيين خلال العقد المقبل، وفقًا لتقديرات مؤسسة الضرائب، وهي مؤسسة بحثية غير حزبية. وفي عام 2025 وحده، تتوقع المجموعة أن التعريفات الجديدة قد ترفع الرسوم الجمركية بنحو 110 مليارات دولار. وتُقدّر مؤسسة الضرائب أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الصين خلال ولايته الأولى، والتي وسّعها جو بايدن خلال رئاسته، تدرّ حالياً 77 مليار دولار سنوياً.

  • من يتحمّل تكلفة الرسوم الجمركية؟

أظهرت الأبحاث عموماً أن المستهلكين والشركات الأميركية هم من يتحملون التكاليف الناتجة من زيادة الرسوم الجمركية. وقد يخفض المنتجون الأجانب أسعارهم أو قد يتحمل المستوردون الأميركيون جزءاً من التكاليف، ولكن غالباً ما تختار الشركات رفع الأسعار وتحميل المستهلكين بعضاً من هذه التكاليف للحفاظ على الأرباح. ومع ذلك، هناك بعض الثغرات المحتملة، مثل عملية الإعفاء التي تسمح للشركات بطلب الإعفاء من التعريفات إذا كان دفعها سيضر بأعمالها بشكل غير عادل، ولم يكن هناك خيار آخر لشراء المنتجات من دولة أخرى.

  • ما هي عواقب فرض الرسوم الجمركية؟

توضح بيانات التجارة الحديثة بين الولايات المتحدة والصين ما يحدث عند فرض الرسوم الجمركية. وخلال ولايته الأولى (2016-2020)، فرض ترامب مجموعة من الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، بما في ذلك الفولاذ والألمنيوم والمحركات. ونتيجة لذلك، انخفضت نسبة المنتجات التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين من 20% قبل حرب ترامب التجارية الأولى في عام 2018 إلى حوالى 14% فقط من الواردات الأميركية في عام 2023.

وعلاوة على ذلك، فعند فرض الرسوم الجمركية، غالباً ما يلجأ المستوردون إلى تجنبها بطرق مختلفة، مثل شحن البضائع عبر دولة ثالثة، أو التقليل من قيمة المنتجات المُعلنة، أو تصنيفها على أنها سلع مشابهة بمعدلات رسوم أقل. ووجد اقتصاديون في بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" أخيراً أن التهرب من الرسوم الجمركية يمكن أن يفسر ما يصل إلى 90 مليار دولار من التراجع المقدر بـ 240 مليار دولار في الواردات الأميركية من الصين مقارنة بمستويات ما قبل الحرب التجارية.

واقترحت إدارة ترامب إنشاء هيئة مستقلة تُسمى "هيئة الإيرادات الخارجية" لجمع الرسوم الجمركية في جزء من سياسته التجارية "أميركا أولاً". ولكن محللين أشاروا إلى أن عائدات الرسوم الجمركية ليست مصدراً "خارجياً" للإيرادات، نظراً لأن المستوردين الأميركيين هم من يدفعون هذه الرسوم، التي يُحمَّل جزء منها المستهلك الأميركي. ومع ذلك، فإن هذا المفهوم يعكس رغبة ترامب في تصوير الرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية مصدراً للإيرادات لا يتحمله دافعو الضرائب.

  • ماذا عن اتفاقات التجارة الحرة؟

تمتلك الولايات المتحدة اتفاقيات تجارة حرة مع 20 شريكاً تجارياً حول العالم، بما في ذلك المكسيك وكندا، في إطار اتفاقية تُعرف باسم "اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا" (USMCA)، التي حلت محل اتفاقية نافتا السابقة. وبموجب هذه الاتفاقيات، تلتزم الدول خفض الرسوم الجمركية تدريجياً حتى تصل إلى الصفر. ومع ذلك، فإن الرسوم التي فرضها ترامب على المكسيك وكندا، والتي أُجِّلَت الآن، تتعارض مع الاتفاقية التجارية بين الدول الثلاث، والتي من المقرر إعادة التفاوض عليها في عام 2026. وهدد ترامب بفرض تعريفات على كولومبيا في أسبوعه الأول في البيت الأبيض، قبل التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة.

وباعتبارها عضواً في منظمة التجارة العالمية، تلتزم الولايات المتحدة قواعد تشمل قيوداً على استخدام الإعانات والحواجز التجارية مثل الرسوم الجمركية والحصص. وفي رد فعل على الجولة الأخيرة من تعريفات ترامب على الصين، تعهدت وزارة التجارة في بكين بتقديم "دعوى قضائية" ضد الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية، ووصفت الرسوم الجمركية الشاملة بأنها "انتهاك خطير" لقواعد التجارة الدولية.

المساهمون