استمع إلى الملخص
- تقلبات العملات توفر فرصًا للبنوك الاستثمارية وصناديق التحوط للاستفادة من فروق الأسعار، بينما تزيد من تكاليف الشركات المتاجرة عبر الحدود بسبب الحاجة للتحوط من مخاطر العملة.
- ارتفع الدولار الأميركي إلى أقوى مستوياته في أكثر من عامين، بينما انخفض الدولار الكندي والبيزو المكسيكي، وواجه اليوان الصيني ضغوطًا، لكن بنك الشعب الصيني اتخذ تدابير لدعم استقراره.
لا يبدو أن أي قطاع اقتصادي في العالم بعيد عن تأثيرات الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على حلفائه وخصومه. فما تداعياتها على أسعار صرف العملات العالمية؟ علماً أن سوق العملات البالغ حجمه 7.5 تريليونات دولار يومياً، أصبح نقطة محورية للمستثمرين؛ فمع فرض إدارة ترامب أكبر زيادات في الرسوم الجمركية الأميركية منذ قرن من الزمان، ترى بلومبيرغ في تقرير لها اليوم الخميس، أن أنماط التجارة العالمية المتغيرة تؤثر في آفاق النمو والتضخم، ما قد يؤثر بدوره في أسعار الصرف. فما أبرز علامات الاستفهام المطروحة على هذا الصعيد؟
كيف تؤثر الرسوم الجمركية في العملات؟
إذا كانت منتجات دولة ما خاضعة لرسوم الاستيراد الأميركية، فإنها ستصبح أكثر تكلفة بالنسبة إلى المستهلكين الأميركيين. وهذا يقلل الطلب على هذه المنتجات والعملة المطلوبة لشرائها، ما يؤثر في قيمة هذه العملة ويعزز الدولار الأميركي. وعلى نحو مماثل، إذا فرضت دول أخرى رسوماً جمركية انتقامية على السلع الأميركية المستوردة، فقد ينخفض الطلب على الدولار. ويمكن أن تؤدي الرسوم الجمركية أيضاً إلى التضخم في الدولة التي تفرضها حيث تصبح السلع المستوردة أكثر تكلفة. وهذا بدوره، قد يعزز التوقعات بأن البنك المركزي في البلاد سيميل نحو أسعار فائدة أعلى. وتعزز الأسعار المرتفعة العائدات على الودائع المصرفية المحلية، ما يضيف المزيد من الدعم للعملة.
لكن الأمر يصبح أكثر تعقيداً إذا أدت الرسوم الجمركية إلى نوبة أطول من التضخم. وهذا في نهاية المطاف يخفف من إنفاق المستهلكين ويدفع الشركات إلى إنفاق أقل بسبب ارتفاع تكاليف المدخلات. وهذا من شأنه أن يقلل من جاذبية البلاد وجهةً استثمارية، وبالتالي الطلب على عملتها. وقد اعترف ترامب للأميركيين بأنه قد يكون هناك "اضطراب بسيط" في المستقبل في الاقتصاد الأميركي، لكنه دافع عن خطته، قائلاً إنها ستجمع تريليونات الدولارات من الإيرادات وتعيد التوازن إلى العلاقات التجارية التي وصفها بأنها غير عادلة.
من يستفيد ومن يخسر عندما تكون العملات متقلبة؟
يمكن للبنوك الاستثمارية والسمسرة الاستفادة من تقلبات العملات لأنها تخلق المزيد من الفرص للاستفادة من فروق الأسعار. ولكن بالنسبة إلى الشركات التي تتاجر عبر الحدود، فإن أسعار الصرف المتقلبة تجعل ممارسة الأعمال أكثر تكلفة لأنها مضطرة إلى إنفاق المزيد للتحوط من تعرضها للعملة.
وبعد فترة طويلة من الهدوء النسبي في أسواق العملات، بدأت البنوك بتوظيف المزيد من تجار الخيارات، وزادت صناديق التحوط من مراكزها على أمل أن تتسبب رسوم ترامب في تحركات كبيرة في أسعار الصرف. كذلك يتعرض المستثمرون الذين يشترون أصولاً خارجية لمخاطر العملة، وقد زاد الكثير منهم من تحوطاتهم، وفقاً لجيفرز.
هل أصبحت أسواق العملات أكثر تقلباً الآن؟
بصرف النظر عن بعض التحركات الواضحة في العملات الفردية، كان المستوى الإجمالي لتقلبات الصرف الأجنبي محصوراً نسبياً منذ تولى ترامب منصبه. تحولت تهديدات الرسوم الجمركية إلى إجراءات ضد كندا والمكسيك والصين، ولكن لا يزال هناك الكثير من عدم اليقين حول ما إذا كانت المفاوضات قد تشهد تقليص تدابير الرسوم الجمركية. وقد منح البيت الأبيض بالفعل شركات صناعة السيارات في المكسيك وكندا إعفاءً لمدة شهر واحد، ويفكر ترامب في تقديم إعفاء على بعض المنتجات الزراعية. وقد يؤدي ذلك إلى انتعاش البيزو المكسيكي والدولار الكندي من أدنى مستوياتهما الأخيرة.
ماذا فعلت رسوم ترامب بالدولار الأميركي؟
ارتفع مؤشر بلومبيرغ للدولار الفوري إلى أقوى مستوى له في أكثر من عامين في بداية فبراير وسط توقعات بأن أجندة ترامب التعريفية ستؤدي إلى تأجيج التضخم وتأخير تخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. لكن سلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة الأخيرة جعلت المستثمرين يغيرون تركيزهم على توقعات النمو. كانت الأسواق لا تزال في وضع يسمح لها بمزيد من قوة الدولار في أوائل مارس/آذار، على الرغم من أن مديري الأموال كانوا مضطرين إلى التعامل مع التيارات المتقاطعة التي قد تغير التوقعات، بما في ذلك زيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا وتدابير الرسوم الجمركية الانتقامية من مناطق أخرى.
ما رد فعل الدولار الكندي والبيزو المكسيكي؟
كانت كندا والمكسيك من بين الدول الأولى التي تلقت تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية، وانخفضت كلتا العملتين مقابل الدولار عندما أُعلِنَت الرسوم في أوائل فبراير/شباط. لامس ما يسمى بالدولار الكندي 1.45، وهو أضعف مستوى له مقابل الدولار منذ أكثر من عقدين من الزمان، بينما انخفض البيزو المكسيكي إلى مستويات أقل بقليل من 21 مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ عام 2022.
ومنذ ذلك الحين، كان هناك بعض التقلبات وسط تأخيرات التنفيذ والمفاوضات، لكن خبراء النقد الأجنبي يتوقعون على نطاق واسع أن تظل العملات بالقرب من أدنى مستوياتها الأخيرة في الأشهر المقبلة.
ماذا عن اليوان الصيني؟
وبرز اليوان في دائرة الضوء وسط أحاديث في السوق عن أن بكين قد تضطر إلى خفض قيمة عملتها لتخفيف تأثير الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على الواردات الصينية وتعزيز الاقتصاد الهش بالفعل. وخلال الحرب التجارية الأخيرة، سمح بنك الشعب الصيني لليوان بالانزلاق إلى أضعف مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية في سعيه لدعم المصدرين المحليين.
وفي الآونة الأخيرة، عزز بنك الشعب الصيني دفاعه عن العملة بدلاً من ذلك، مؤكداً موقفه الصارم بشأن الحفاظ على استقرار اليوان. ساعدت التدابير الداعمة التي اتخذها البنك المركزي ــ مثل أسعار الفائدة المرجعية اليومية الثابتة، وزيادة مبيعات الأوراق المالية في الخارج، وتأخير خفض أسعار الفائدة، ووقف شراء السندات الحكومية ــ في دعم اليوان في الخارج، بعد أن هبط إلى ما يقرب من أدنى مستوى قياسي في يناير/كانون الثاني.