استمع إلى الملخص
- تفاصيل البناء والتحديات: يتطلب المشروع حفر ثلاثة ملايين متر مكعب من الصخور عبر شبه جزيرة ستاد، مع تحديات تتعلق بالتكاليف والتعقيدات الهندسية. بدأ التخطيط في أكتوبر 2023، مع توقع اكتماله في 2031.
- الفوائد الاقتصادية والاجتماعية: يسهم النفق في تحسين سلامة الملاحة وتقليل التكاليف، ويعزز الاقتصاد المحلي بتوفير فرص عمل ودعم السياحة، مما يعزز النمو الاقتصادي ويدعم التجارة العالمية.
بالتزامن مع تصاعد أزمة التجارة العالمية وتعطل مرور السفن عبر الممرات المائية في البحر الأحمر، خاصة مضيق باب المندب، بسبب العدوان الأميركي على اليمن وإعلان الحوثيين منع عبور السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل، تعمل النرويج على تشييد أول "نفق" بحري في العالم مخصص للسفن الضخمة، في مشروع يوصف بأنه أعجوبة هندسية رائدة تهدف إلى حماية السفن من الأخطار البحرية.
ويحمل المشروع اسم "نفق ستاد" أو Stad، ويُتوقع أن يُحدث ثورة في مجال النقل البحري، إذ يبلغ طوله 1.7 كيلومتر، وارتفاعه 50 متراً، وعرضه 36 متراً، ما يجعله كافياً لعبور سفن يصل وزنها إلى 16 ألف طن، وفق ما ذكره موقع "نورديك ماركتينغ" Nordic Marketing، الأمر الذي يفترض أن يدعم عمليات التجارة العالمية.
وصُمّم النفق ليستوعب السفن التي يصل طولها إلى نحو 400 قدم، ووزنها الإجمالي 11 ألف طن، وهو ما يطابق مقاييس أكبر سفن الرحلات البحرية التابعة لأسطول Coastal Express، التي تبحر على طول الساحل النرويجي بين بيرغن، جنوب غربي البلاد، وكيركينيس في أقصى الشمال. وتهدف النرويج من إنشاء هذا النفق إلى تمكين السفن التجارية من تفادي أحد أخطر ممرات التجارة العالمية المائية في البلاد، وهو بحر "ستادهافيت" Stadhavet الغادر، الذي يفصل بين النرويج والدنمارك والسويد، ويُعد نقطة عبور بحرية حيوية. ويشتهر البحر بأحواله الجوية المتقلبة وأمواجه العاتية، ما جعله موقعًا للعديد من الحوادث البحرية عبر التاريخ. ويوفّر النفق ممراً آمناً للسفن عبر هذا البحر.
أما عن تفاصيل البناء، فوفقاً لموقع شركة "COWI" النرويجية المختصة بمشروعات الأنفاق والتي تتولى إدارة المشروع، سيُقام النفق عبر شبه جزيرة "ستاد" في منطقة فيستلاند بالنرويج، بالقرب من منطقة ستادهافيت في السويد. ويعتزم المهندسون حفر ثلاثة ملايين متر مكعب من الصخور باستخدام تقنيات متقدمة للحفر والتفجير، مع انطلاق أعمال البناء في عام 2026، ومن المتوقع اكتمال المشروع بحلول عام 2031.
وقد أُسند تنفيذ المشروع إلى إدارة السواحل النرويجية (Kystverket)، بينما اختيرت شركة COWI مستشاراً فنياً لهذا العمل الضخم. وكان البرلمان النرويجي قد صادق في عام 2021 على مشروع بناء نفق السفن "ستاد" بتكلفة قدرها 4.09 مليارات كرونة نرويجية (306 ملايين جنيه إسترليني)، فيما ارتفعت الكلفة حالياً إلى نحو 5.06 مليارات كرونة (378 مليون جنيه إسترليني). وفي العام نفسه، حصلت إدارة السواحل النرويجية على إذن من وزارة النقل للشروع في التحضيرات الخاصة بالمشروع، وقد بدأ التخطيط له فعليًا في أكتوبر 2023، من دون انطلاق أعمال البناء حتى الآن.
وفي صيف عام 2023، أطلقت المرحلة الثانية من عمليات الحفر الأساسية للمشروع الذي سيضم كهفًا كبيرًا وطويلاً يُحفر عبر جبل بين مضيقين في غرب النرويج. واقتصادياً، من المتوقع أن يسهم المشروع في توفير مرور آمن للسفن التجارية، والحد من الخسائر في الأرواح والسفن الناتجة عن سوء الأحوال الجوية، بالإضافة إلى خفض استهلاك الوقود وتقليل المخاطر، ما يدعم النمو الاقتصادي وعمليات التجارة العالمية في المنطقة.
وسيُسهم النفق في تحسين سلامة الملاحة البحرية في منطقة تشتهر بحوادثها البحرية بسبب الظروف الجوية القاسية، كما سيقلل من فترات الانتظار التي تتطلبها العواصف، ويخفض التكاليف المرتبطة بتأخير الشحنات، ما يدعم الاقتصاد المحلي ويعزز حركة الشحن في المنطقة، وفق تقارير الصحافة النرويجية. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يجلب المشروع فوائد اقتصادية طويلة الأمد للمنطقة، حيث سيستفيد منه العمال المحليون خلال مرحلة البناء، كما يُرجح أن يُعزز السياحة على طول الساحل النرويجي في المستقبل، وفق ما أورد موقع "نورديك ماركتينغ".
ويُذكر أنه في عصر الفايكنغ، كان البحارة يضطرون لجرّ سفنهم مسافة 4.5 كيلومترات عبر شبه الجزيرة لتجنب مخاطر الإبحار في بحر ستادهافيت، الذي لا تزال السفن الصغيرة والمتوسطة تتجنبه أو تضطر لانتظار تحسّن الطقس لعبوره، وهو ما يُبرز أهمية هذا النفق الجديد الذي من شأنه إنقاذ الأرواح وتقليل استهلاك الوقود بشكل كبير للسفن العابرة شبهَ جزيرة ستاد.
ويتوقع الخبراء أن يسهم النفق في تحسين ظروف العمل للصيادين والبحارة وشركات الشحن في المنطقة، وأن يكون له تأثير إيجابي على السياحة والاقتصاد المحلي. ورغم المزايا العديدة، يواجه المشروع تحديات متعددة، أبرزها ارتفاع الكلفة التي تُقدر بمليارات الكرونات، إضافة إلى التعقيدات الهندسية المرتبطة بحفر نفق بهذا الحجم تحت الأرض، والتأثيرات البيئية المحتملة على المنطقة.
وفي فبراير/شاط 2024، توقفت أعمال الحفر الأساسية في النفق مؤقتًا بسبب "التقدم الضعيف" الناجم عن صلابة الصخور وتسرب المياه، قبل أن تُستأنف لاحقًا، وفق ما نقل موقع "جروندينغ إنجنيرينغ".