زيت "النيرولي" التونسي يتشبث بصدارة الأسواق رغم احتدام المنافسة

زيت "النيرولي" التونسي يتشبث بصدارة الأسواق العالمية رغم احتدام المنافسة

24 مايو 2022
موسم تقطير الزهر ينشط الحركة الاقتصادية بمناطق زراعة الحمضيات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يسعى منتجو "النيرولي" في تونس إلى تجاوز عثرات المواسم الماضية والحفاظ على عرش الإنتاج العالمي للزيت المستخرج من "الزهر"، بينما تحتد المنافسة العالمية مع دخول فاعلين جدد في سوق التصدير من أهمهم مصر.
وتسببت الجائحة الصحية وتراجع الطلب العالمي على زيت "النيرولي" خلال الموسمين الماضيين في عزوف لدى المزارعين خوفا من الخسائر، وهو أثر سلبا على الحركة الاقتصادية في مناطق الإنتاج التي تستفيد من موسم تقطير الزهر سنوياً.
يسهم موسم تقطير الزهر في تنشيط الحركة الاقتصادية بمناطق زراعة الحمضيات في شمال شرق تونس، حيث يساعد تحويل زهر الحمضيات على خلق آلاف فرص العمل الموسمية، إلى جانب جني عائدات من العملة الصعبة مقابل بيع مستخرج "النيرولي" إلى أبرز دول صناعة العطور العالمية.
ويعتبر منتج "النيرولي" من أرفع الزيوت الروحية، التي تنتج في موسم تقطير الزهر، كما أنه يحتلّ مكانة مهمة على مستوى السوق العالمية نظرا للجودة العالية التي يتمتّع بها، إضافة إلى منتجات ماء الزهر.
يعدّ موسم الزهر الذي يمتد ما بين شهري أبريل/ نسيان ومايو/ أيار من أهمّ المواسم الفلاحيّة التي تتميز بها منطقة الوطن القبلي شمال شرق تونس، وذلك رغم قصر مدة الجني والتقطير التي لا تتجاوز الشهر.
ورغم محدودية المساحات المخصّصة لغراسة الأرنج المنتج للزهر التي لا تتعدى 480 هكتارا تسعى وحدات إنتاج الزيوت الروحية المستخرجة من هذه النبتة البيضاء إلى مزيد من تطوير قطاع التحويل للمحافظة على مكانة تونس في السوق الدولية للعطريات.

وتعتمد تونس في صناعة زيوت "النيرولي" ومستخرجات الزهر على 8 وحدات تحويل تمكن من صناعة إنتاج سنوي لا يقل عن 1500 كلغ من الزيت الذي تدخل في تركيبة أبرز العطور الرفيعة.
وأكد مدير المنتج بأقدم وحدة لصناعة زيت النيرولي (شيدان)، علاء العياشي، أن تونس لها إمكانيات مهمة لتطوير صناعات الزيوت الروحية المستخرجة من زهور حمضيات الأرنج في ظل طلب عالمي كبير على هذه المادة.
وقال العياشي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن موسم جني وتقطير الزهر يخلق حركية اقتصادية كبيرة ويوفر فرص عمل دائمة وأخرى موسمية، غير أن وحدات الإنتاج تعمل على استدامة هذه الصناعة وتوسعتها عبر تحويل النشاط باقي أشهر السنة إلى استخراج زيوت روحية من نباتات عطرية أخرى ومكونات أشجار الحمضيات على غرار الأغصان التي يجرى تقليمها في شهري مايو/ أيار ويونيو/ حزيران.
وأفاد أن القطاع يساهم في تنشيط الاقتصاد وذلك بما يوفره من عائدات نتيجة تركيز 8 وحدات لتحويل المنتج التي تقوم بدورها بتصدير زيت النيرولي بمعدل 1500 كغ خلال في السنة مقابل 2500 يورو للكلغ الواحد.
ورغم دخول دول مثل مصر والمغرب ولبنان في منافسة تونس على سوق النيرولي، إلا أن العياشي أكد أن المنتج التونسي يحتل الصدارة عالميا من حيث الجودة والكمية، معتبرا أن ذلك يوفر أرضية خصبة لتطوير الإنتاج والتصدير.
وتعوّل وحدات الإنتاج هذا العام على تجاوز عثرات الموسمين الماضيين اللذين أثرا في وتيرة تصدير منتوج "النيرولي " ومستخرجات الزهر بسبب هبوط الأسعار نتيجة الجائحة الصحية.
ومن أجل ذلك قال العياشي إن وحدات التحويل بصدد تطوير سياسة مرافقة للمنتجين، للحفاظ على استمرارية توفير المواد الأولية والعناية بغراسات حمضية الأرنج التي يقطف منها الزهر.

تمتدّ غراسات الأرنج بمحافظة نابل على مساحة 480 هكتارا، بينما معدل الإنتاج السنوي للزهر خلال الخمسة مواسم الأخيرة بلغ حوالي 1999 طنا.
ويؤكد المندوب الجهوي بالمحافظة حمزة البحري، تسجيل تطور نسبي في الإنتاج خاصة خلال الثلاثة المواسم الماضية، وذلك نظرا لدخول عدد مهم من الأصول في مرحلة الإنتاج، وبذل مجهود من قبل المنتجين والفنّيين وللتوسع المنجز سنويا في الغراسات.
وأفاد البحري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن معدل الطن المحول بالطريقة الصناعية يستخرج منه حوالي 1 كغ من النيرولي وقرابة 600 لتر من ماء الزهر، مشيرا إلى أن مستوى إنتاجية شجرة الزهر يتغير من موسم لآخر، وذلك لارتباطه الوثيق بالظروف المناخية ومستوى العناية والتدخلات التي يقوم بها المنتج خاصة على مستوى الري والتسميد.
وأوضح المتحدث أن موسم الماضي شهد وفرة إنتاج مع انخفاض حاد في الأسعار، وذلك بسبب وجود مخزون من مادة النيرولي لدى وحدات التحويل تعود للموسمين الماضيين وتفشي جائحة كوفيد 19 في العالم التي أثرت على أسواق بيع العطورات خاصة بالمطارات.
كما فسر المسؤول بمندوبية الفلاحة أسباب هبوط الأسعار في الموسم الماضي بتضرر القدرة التنافسية في ظل دخول السوق المصرية على الخط بكميات وفيرة من النيرولي وبأسعار منخفضة، ما تسبب في عزوف عدد كبير من الفلاحين عن عملية الجني باعتبار أن كلفة البيع لا تغطي مصاريف خلاص اليد العاملة المختصة.
تشير التقديرات الأولية لإنتاج الزهر للموسم الحالي إلى إمكانية بلوغ 2542 طنا مقابل إنتاج 2350 طنا خلال الموسم الماضي أي بزيادة تقدّر بـ8 بالمائة.

المساهمون