زيادة في رسوم الإغراق على "الفينيل" الأميركي ترفع أسعار الأحذية في مصر

16 فبراير 2025
صناعة الأحذية في مصر تتضرر من رسوم الإغراق/ القاهرة/ 17ديسمبر 2016 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قررت الحكومة المصرية زيادة رسوم الإغراق على مادة "البولي كلوريد فينيل" المستوردة من الولايات المتحدة من 9% إلى 13%، مما أثار مخاوف من ارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار المنتجات الجلدية والأحذية.

- تواجه الصناعات المحلية تحديات في تلبية الطلب على المادة، ودعا رئيس الاتحاد العربي للصناعات الجلدية إلى تشجيع الإنتاج المحلي للبدائل وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

- شهدت أسعار الأحذية والمنتجات الجلدية ارتفاعاً بسبب التضخم، لكن المصانع المحلية تمكنت من تلبية 99% من احتياجات السوق، مما ساهم في استقرار الأسعار نسبياً.

أثار قرار الحكومة المصرية زيادة رسوم الإغراق على مادة "البولي كلوريد فينيل" الواردة من الولايات المتحدة، والمستخدمة في الصناعات الكيماوية والأحذية ومواد البناء، من 9% إلى 13%، بحد أدنى 107 دولارات على الطن، مخاوف لدى المنتجين والموزعين من رفع تكاليف الإنتاج، وزيادة أسعار المنتجات الجلدية والأحذية والمواد المنزلية خلال فترة الأعياد.

وفرض وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب رسوم الإغراق على الواردات ذات المنشأ أو المصدّرة من الولايات المتحدة من مادة البولي كلوريد الفينيل (PVC)، بنسبة 13% من قيمة التكاليف والتأمين وأجور الشحن (CIF)، وبحد أدنى 107 دولارات للطن. وقرر الوزير فرض الزيادة على المنتج الأميركي لمدة خمس سنوات جديدة تبدأ من أمس السبت، مؤكداً أن الرسوم تستهدف الحد من تداعيات الانخفاض الشديد في قيمة المنتج مقارنة بأسعار التكلفة والمنتجات النظيرة في السوق المحلية.

وجدد القرار خلافات قديمة بين الغرف الكيماوية والصناعات الجلدية، ما أدى إلى صدور قرار بفرض رسوم مكافحة الإغراق على المنتج الأميركي بنسبة 9% في ديسمبر/ كانون الأول 2021، بناءً على طلب قطاع المعالجات التجارية بوزارة الصناعة، وتحقيقات لجان فنية أثبتت أن مادة البولي كلوريد فينيل تُورَّد إلى السوق المحلية بأسعار مُغرِقة، مع هامش إغراق يبلغ 9% من قيمة التكاليف والتأمين وأجور الشحن، ما يتسبب في أضرار بالغة لصناعات مواد البناء، والأجهزة الطبية، والمواد المنزلية، والمستلزمات المدرسية، والسيارات، والجلود، والأحذية.

وحذرت غرفة الصناعات الكيماوية من فرض الرسوم الحمائية على مادة تُستخدم في إنتاج الأحذية، وخطوط المياه والصرف وأسلاك الكهرباء، مشيرة إلى عدم قدرة المنتج المحلي على الوفاء باحتياجات 403 مصانع، التي تُقدَّر بنحو 450 ألف طن سنوياً، بينما تصل الطاقة الإنتاجية القصوى للمصانع المصرية إلى 150 ألف طن فقط.

ولفتت الغرفة إلى أن تطبيق رسوم الإغراق أدى إلى ارتفاع تكلفة الصناعات المرتبطة بمادة البولي كلوريد فينيل بنسبة 10% عام 2021. ويتوقع أعضاء الغرفة أن تؤدي الرسوم الجديدة إلى زيادة أسعار المنتجات بنحو 5% على الأقل، بافتراض ثبات جميع العوامل الأخرى، بما في ذلك سعر الدولار مقابل الجنيه، خلال الربع الثاني من العام الجاري، وهي الفترة التي تشهد إقبالاً متزايداً على المنتجات التي تعتمد على المادة الأميركية في التصنيع، خصوصاً الأحذية، والبلاستيك المطاطي، وشبكات الكهرباء والمياه والصرف.

وأكد محمد مهران، رئيس الاتحاد العربي للصناعات الجلدية، أن أي زيادة تُفرض على رسوم الإغراق أو الجمارك على الواردات تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية المرتبطة بها، داعياً الحكومة إلى الكف عن إضافة أي أعباء على فواتير الواردات، لما لذلك من تأثير مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الصادرات المحلية، ما يقلل من العائدات منها.

وفي مقابلة مع "العربي الجديد"، طالب مهران الحكومة بتشجيع الشركات المصرية على إنتاج البدائل محلياً بدلاً من الاعتماد على السياسات الحمائية من دون وضع جدول زمني واضح أمام المنتجين لتوفير البدائل المناسبة للصناعات المختلفة. واقترح منح الغرف الصناعية والمستثمرين مهلة زمنية للبحث عن بدائل للواردات كثيفة الاستخدام، مثل مادة البولي فينيل، مع تقديم الدعم للمصنعين المحليين لضمان خفض الاعتماد على الاستيراد وتقليل تكلفة المنتج النهائي للمستهلكين.

وأشار مهران إلى ضرورة التزام الغرف الصناعية والجهات الحكومية بالاستفادة من الخبرات الدولية وتدريب الشباب الخريجين على تصنيع المواد البديلة، مع التوسع في إنتاجها محلياً لتوفير البديل الكفء بالسعر المناسب والكميات اللازمة للمصانع والورش المتخصصة. وأشار إلى أن الصناعات لا تزدهر من دون رؤية واضحة وتعاون بين جميع الأطراف المشرفة عليها، لا سيما في ظل ارتفاع الطلب على هذه المواد والحاجة الملحّة لتوفيرها بالعملة المحلية، مع إمكانية استخدامها في صناعات موجهة للتصدير.

بدوره، أكد شريف يحيى، رئيس شعبة الأحذية بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن سوق المنتجات الجلدية والأحذية تشهد ركوداً شديداً خلال الآونة الأخيرة متأثرة بتراجع الطلب من المستهلكين الذين تبدّلت أولوياتهم في توجيه نفقاتهم الأسرية. وأوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن مصنعي وتجار الأحذية يحرصون على امتصاص جزء كبير من تكاليف الإنتاج، لمنع حدوث زيادات كبيرة في أسعار المنتجات، ما قد يؤثر على قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها، لا سيما من الأحذية والمنتجات الجلدية.

وأفاد جهاز الإحصاء الحكومي بارتفاع أسعار الأحذية والمنتجات الجلدية بنسبة 21.1% في يناير/كانون الثاني 2025، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024، مرتفعةً من معدل سنوي بلغ 19.3% في يناير 2023، ما يعكس تصاعد التضخم في هذا القطاع على مدار الأعوام الماضية. كما تأثرت أسعار المواد البلاستيكية والكيماوية ومواد البناء بمعدلات تضخم متفاوتة، حيث بلغ معدل التضخم السنوي في هذه الفئات 23.3% في يناير 2025، مقارنةً بـ31.2% في يناير 2024.

وأشار يحيى إلى أن ارتفاع أسعار الأحذية والمنتجات الجلدية خلال الفترة الماضية كان مدفوعاً بتغيرات التضخم، التي ترجع أساساً إلى تقلبات سعر الصرف، وتكاليف التشغيل، وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج. وأوضح أن استقرار سوق المبيعات حالياً يعود إلى زيادة المعروض من المنتجات المحلية، وإقبال المستهلكين على الشراء من الأسواق الشعبية والقديمة في المدن الكبرى، بدلاً من المراكز التجارية الكبرى التي تعرض الماركات العالمية، والتي لم تعد تشكل سوى 1% فقط من إجمالي المبيعات حالياً. كما أشار إلى أن المصانع المحلية توفر 99% من احتياجات المواطنين من الأحذية، التي شهدت تحسناً كبيراً في الجودة، مع الحفاظ على مستويات أسعار مناسبة للأسر المتوسطة والفقيرة.

وفي جولة لـ"العربي الجديد" في أسواق وسط العاصمة التي تشتهر بكثرة محال الجلود والأحذية، رُصد تذبذب في أسعار بيع الأحذية، حيث تراوحت الأسعار بين 400 و600 جنيه للأحذية الجلدية الشعبية للرجال والنساء، و500 جنيه للأطفال، بينما ارتفعت أسعار الأحذية متوسطة الجودة إلى ما بين 2000 و3000 جنيه. في المقابل، شهدت أسعار الماركات العالمية ارتفاعاً كبيراً، حيث تبدأ أسعار الأحذية المستوردة من خمسة آلاف جنيه وتصل إلى 13 ألف جنيه في المتوسط.

وأدى هذا الارتفاع الحاد في الأسعار إلى ظهور أسواق موازية لبيع رواكد منتجات الماركات العالمية، القادمة عبر شبكات التهريب ومحال بيع "البالة". وسُجّلت زيادة في أسعار الأحذية الأصلية المخزنة من مستوى 1000 إلى 1800 جنيه، بينما ارتفعت أسعار النسخ المقلدة من 500 إلى 700 جنيه.

(الدولار = 50 جنيهاً)

المساهمون