زيادة الرسوم الجمركية في سورية تثير مخاوف من ارتفاع الأسعار والركود

12 يناير 2025
ازدحام متاجر دمشق في رأس السنة، 31 ديسمبر 2024 (على حاج سليمان/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- زيادة الرسوم الجمركية وتأثيرها: قررت الحكومة السورية المؤقتة زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 300-500% على بعض البضائع المستوردة، مما أثار مخاوف من ارتفاع الأسعار وتعمق الركود الاقتصادي، وتوقف عدد من التجار عن الاستيراد بسبب الزيادة "الجنونية والمفاجئة".
- ردود الفعل والتعديلات المحتملة: القرار أثار اعتراضات شعبية، مما دفع الحكومة للتفكير في تعديل الرسوم، خاصة للمحروقات والسلع الاستهلاكية، رغم تأكيد المسؤولين على عدم توفر تعديلات إضافية حاليًا.
- أهداف النشرة الجمركية الجديدة: تهدف لحماية المنتج المحلي، دعم الصناعة والزراعة، وجذب الاستثمارات من خلال تخفيض الرسوم على المواد الأولية وتقديم إعفاءات للمستثمرين، مع تقليص الرسوم بنسبة 50-60% لتحسين مستوى معيشة المواطنين.

أثار قرار زيادة الرسوم الجمركية في سورية على جميع البضائع القادمة إلى البلاد مخاوف من ارتفاع الأسعار وتعمق الركود الاقتصادي داخل الأسواق. وأكد عدد من التجار السوريين المستوردين لـ"العربي الجديد"، أن التعريفة الجمركية الجديدة التي فرضتها الحكومة المؤقتة، أمس السبت، تضمنت زيادة بنسبة 300 إلى 500% في الرسوم على بعض البضائع المستوردة من خلال معابر الشمال السوري والمتمثلة بمعبر باب الهوى شمال إدلب، ومعبر باب السلامة ومعبر الراعي شمال حلب. وفي المقابل، خُفضَت الرسوم الجمركية على جزء قليل من السلع غير الرئيسية من خلال المعابر التي كان يُسيطر عليها النظام السوري سابقاً، وأشارت المصادر إلى أن عدداً كبيراً من التجار قرروا حالياً وقف عمليات الاستيراد، واصفين هذه الزيادة بـ"الجنونية والمفاجئة".

وتثير هذه الخطوة مخاوف كبيرة بشأن تأثيرها في الأسواق المحلية، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها سورية، ولا سيما أن سكان مناطق شماليّ سورية يعانون من أوضاع إنسانية صعبة جداً.

وقال صالح الإدلبي، وهو أحد التجار المستوردين للمواد الغذائية، إن "رفع التعرفة الجمركية له العديد من المساوئ، خصوصاً في الحالة السورية". وأضاف في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "الرسوم الجمركية ستزيد من تكاليف الاستيراد على بعض أنواع السلع، وهذا الأمر بدوره سيؤدي إلى رفع أسعارها على المستهلكين، في السوق الحرة، التجار يتهربون من دفع أي تكلفة إضافية من الربح أو رأس المال".

وأشار الإدلبي إلى أن "رفع الأسعار الذي قد ينتج من رفع التعرفة الجمركية سيؤدي بدوره إلى نوع من الركود في السوق، لكون القدرة الشرائية للسوريين في الوقت الحالي منخفضة، أضف إلى ذلك أن الطلب على السلع المستوردة قد يتراجع"، معتقداً أن "هذا الأمر ذو اتجاهين، الأول جيد على المنتج المحلي، والثاني سيّئ على التجار. لكن تكلفة المنتج المحلي قد تكون أكبر من المنتج المستورد، وهذا بحد ذاته أزمة إضافية".

واعتبر الإدلبي أن "هذا النوع من القرارات الحكومية متسرع في الفترة الحالية، والأفضل العمل على إجراء تسهيلات وليس التضييق".

وقالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إن الحكومة السورية المؤقتة قد تعيد النظر بنشرة الرسوم الجمركية التي أصدرتها السبت، بعد الاعتراضات الشعبية وارتفاع الأسعار بمدن شمال غربي سورية. وأضافت المصادر أن التعديل قد يطاول تخفيض بعض الرسوم أو إلغاء البعض الآخر، خصوصاً المتعلقة بالمحروقات والسلع الاستهلاكية ومواد البناء التي ارتفعت الرسوم عليها وفق النشرة الجديدة، بين 100 و500%.

بدوره، قال عمار عبد العزيز، أمين جمارك معبر باب السلامة الحدودي مع تركيا في ريف حلب الشمالي، في تسجيل صوتي ضمن إحدى مجموعات التجار السوريين على تطبيق واتساب: "بخصوص التعريفة الجمركية الجديدة، التي جرى العمل بها ابتداءً من تاريخ أمس السبت، فقد شملت تخفيضاً في بعض الرسوم ورفعاً في أخرى، وذلك لتتماشى مع الرسوم المفروضة في المعابر التي كانت تحت سيطرة النظام السابق، حيث إنه كان هناك فرق كبير بين رسومنا ورسوم النظام السابق، لذا صدر هذا القرار عن إدارة الجمارك العامة وهيئة المعابر والنوافذ البحرية، وأصبح معتمداً من قبل الحكومة السورية".

وأوضح عبد العزيز أن "أي تعديلات إضافية غير متاحة حالياً، وأي طلبات استرحام أو تغييرات لا يمكن تنفيذها إلا من طريق غرف التجارة، وهو إجراء طويل ومعقد. لذا، أرجو من الجميع متابعة أعمالهم وفق القرارات الحالية". ودعا أصحاب السيارات التي تحمل البضائع إلى "الاستمرار في العمل وأن يحرصوا على تشغيلها بدلاً من إيقافها، حيث لم يعد الانتظار أو التوقف يفيد. القرار صدر وأصبح نافذاً، وبالتالي لا يمكننا تعديله أو تغييره".

وأصدرت مديرية الجمارك العامة في سورية، السبت، تسعيرة تعريفية جديدة عممتها "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية"، وحصل "العربي الجديد" على نسخة من التسعيرة الجديدة التي تُظهر ارتفاعاً كبيراً في الرسوم الجمركية المفروضة على جميع البضائع القادمة إلى البلاد، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ لأسعار السلع في أسواق الشمال السوري.

وقال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مازن علوش، وفق ما نقلت وكالة "سانا" إن نشرة الرسوم الجمركية الموحدة قد أُصدِرَت اعتباراً من السبت، لتسري على جميع الأمانات الجمركية في المنافذ البرية والبحرية والمطارات، على أن يُعمل بها بدءاً من تاريخ إصدارها.

وأوضح علوش أن النشرة راعت حماية المنتج المحلي عبر تشجيع الصناعة من خلال تخفيض الرسوم على المواد الأولية، إضافة إلى تطبيقها للروزنامة الزراعية لحماية الفلاح ودعم القطاع الزراعي.

ووفق مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، فإن النشرة تهدف إلى دعم القطاع الصناعي وتعزيز جذب الاستثمار، حيث تضمن إعفاءات للمستثمرين وأصحاب المعامل الذين اضطروا إلى إخراج معداتهم أو منشآتهم نتيجة لظروف الحرب، ويرغبون في إعادة إدخالها إلى البلاد، وكذلك لأولئك الذين ينوون إدخال معامل جديدة.

وأكد علوش أن النشرة قلصت الرسوم الجمركية بنسبة تراوح بين 50 إلى 60‎% مقارنة بالرسوم السابقة، ما سينعكس مباشرةً على المواطنين في عموم الأراضي السورية، ويعزز قدرتهم على الاستهلاك بأسعار معقولة، وبالتالي رفع مستوى معيشة جميع المواطنين.

ولفت علوش إلى أن هذه النشرة تشكل الخطوة الأولى ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين وضمان حياة كريمة لهم، فضلاً عن دعم القطاعين الصناعي والزراعي، وتعزيز جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

المساهمون