استمع إلى الملخص
- توقعات وول ستريت كانت تشير إلى استمرار قوة الدولار بفضل سياسات ترامب، لكن خبراء يرون أن الدولار القوي يعيق الصناعة الأميركية ويزيد الواردات.
- مع تصاعد القلق بشأن الاقتصاد الأميركي، يتوقع المحللون خفض الفائدة ثلاث مرات بحلول يناير 2026، مما يعزز التوقعات بضعف الدولار في المستقبل.
تحول المضاربون في سوق العملات البالغ حجمها 7.5 تريليونات دولار يومياً إلى الرهان على انخفاض الدولار لأول مرة منذ فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية العام الماضي. وراهنت صناديق التحوط ومديرو الأصول وغيرهم من المتداولين على تراجع قيمة الدولار بإجمالي 932 مليون دولار، وفق بيانات لجنة تداول السلع المستقبلية للأسبوع المنتهي في 18 مارس الجاري.
يمثل ذلك تحولاً كبيراً مقارنة بمنتصف يناير الماضي، عندما بلغ إجمالي قيمة الرهانات على قوة الدولار 34 مليار دولار. كذلك أحدث إشارة إلى أن سياسات ترامب والتساؤلات بشأن الاقتصاد الأميركي تؤثر سلباً -وليس إيجاباً- في آفاق العملة الأميركية. قال بارش أوباديايا، مدير استراتيجية الدخل الثابت والعملات في شركة "أموندي" (Amundi) في الولايات المتحدة: "لقد انقلبت تجارة ترمب كما نعرفها رأساً على عقب. كذلك إن الطرح الفوضوي والمربك للسياسات أدى إلى حالة من عدم اليقين. وأدى ذلك إلى تغيير رؤية السوق لتأثير السياسة في الاقتصاد والتضخم والسياسة النقدية، من تحفيزي إلى انكماشي".
وكان العديد من محللي وول ستريت قد توقعوا في بداية 2025 أن يواصل الدولار قوته -على الأقل في النصف الأول من العام الحالي- بفضل التوقعات المتعلقة بسياسات ترامب وتقديرات بخفض محدود في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي.
ويقول تقرير بموقع "دويتشه فيله" الألماني، يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب مقتنعًا بأن قوة الدولار تعوق الصناعة الأميركية. ويرى ترامب أن الولايات المتحدة بحاجة إلى دولار أضعف لدفع الصادرات، واستعادة وظائف التصنيع، والمساعدة في خفض العجز التجاري الهائل للبلاد. لكن آخرين لا يقتنعون ببساطة بهذه الحجة.
في هذا الصدد، أوضح الخبير المالي ديفيد لوبين، أن قوة الدولار تعني أن شراء العملات الأخرى أرخص نسبيًا، بينما يعني ضعف الدولار ارتفاع تكلفة شرائها. وصرّح الباحث البارز في مركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن لـ DW بأن الأمر "يتعلق بأسعار الصرف". وقال لوبين: "عندما يكون الدولار قويًا، ترتفع واردات الولايات المتحدة لأن السلع الأجنبية تصبح أرخص مقارنةً بالسلع المنتجة محليًا". وأضاف أنه في الوقت نفسه، تنخفض الصادرات الأميركية مع ارتفاع أسعارها.
لكن يرى محللون أن تصاعد القلق بشأن مسار الاقتصاد الأميركي عزز التوقعات بخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 3 مرات بحلول يناير 2026. رغم أن مؤشر بلومبيرغ للدولار الفوري سجل ارتفاعاً طفيفاً الأسبوع الجاري، إلا أنه يتجه نحو أسوأ أداء شهري له منذ أواخر 2023. وذكر خبراء استراتيجيون في "دويتشه بنك" في مذكرة للعملاء بتاريخ 19 مارس الحالي أن الدعم الذي كان متوقعاً سابقاً للدولار على إثر وعود ترمب بشأن السياسة التجارية، بدأ يتلاشى بالفعل.
من جهة أخرى، قلص محللون استراتيجيون في "كريدي أغريكول سي آي بي" (at Credit Agricole CIB) توقعاتهم، قائلين إنهم "قللوا من تقدير مدى تأثير احتمال نشوب حرب تجارية عالمية تقودها الولايات المتحدة، إلى جانب عمليات تسريح العمالة في القطاع العام والقيود على الهجرة، بالنمو الأميركي"، ما أثار مشاعر سلبية تجاه الدولار.
وقال براد بيشتل، رئيس قسم العملات العالمية في "جيفريز" (Jefferies): "كان هناك قدر كبير للغاية من المبالغة في الترويج لتجارة الدولار الصاعد المرتبطة بترامب في بداية العام الحالي".
ويرى محللون أن هنالك شبه إجماع بين هذه البنوك على توقع ضعف محتمل للدولار الأميركي بسبب عوامل مثل المبالغة في تقييمه مقارنة بالعملات الأخرى، والتحولات الجيوسياسية المؤدية إلى نزع الدولرة، وتشديد الظروف المالية التي تؤثر بقرارات السياسة النقدية، والضغوط التضخمية التي تؤثر بإجراءات بنك الاحتياط الفيدرالي في المستقبل.