رمضان مصر مكلف... تراجع الطلب على "الياميش" والفوانيس

01 مارس 2025
أسواق رمضان في مصر، القاهرة في 21 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد الأسواق المصرية إقبالاً كبيراً على شراء السلع استعداداً لشهر رمضان رغم ارتفاع الأسعار بنسبة تزيد عن 30%، مدفوعاً بالعادات الرمضانية والاستقرار النسبي في سعر الصرف.
- تراجعت مبيعات فوانيس رمضان والياميش بسبب ارتفاع الأسعار، بينما أصبحت التمور والمشروبات الطازجة بديلاً اقتصادياً، مع ارتفاع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية مثل السكر والدواجن.
- ساهم الاستقرار النسبي في سعر الدولار وتراجع الطلب على الصادرات الزراعية في وفرة الخضراوات واستقرار أسعارها، مع دور المعارض الحكومية في توفير السلع بأسعار مخفضة.

رغم ارتفاع الأسعار بمعدلات تزيد عن 30%، تشهد الأسواق المصرية إقبالاً واسعاً من الجمهور على شراء السلع استعداداً لشهر رمضان الذي يبدأ اليوم السبت عند معظم المسلمين في العالم. اعتاد المصريون على ولائم تجمع الأسر، وآخرون يوزعون صدقاتهم وزكواتهم في هذا الشهر، ما يزيد الطلب على السلع الأساسية التي تبدو متوافرة بكفاءة عن الأعوام الماضية، في ظاهرة يرجعها كبار المستوردين والموزعين إلى الاستقرار النسبي في سعر الصرف، وتراجع الطلب من جانب المستهلكين، متأثرين بانخفاض القدرة الشرائية، وقيمة الدخول.

في محاولة لتهدئة النفوس الغاضبة من الغلاء، تعد الحكومة بزيادة رواتب العاملين بالدولة والحد الأدنى للأجور للعاملين بالقطاع الخاص إلى نحو سبعة آلاف جنيه، وتتوسع في زيادة المعارض الشعبية لبيع السلع بأسعار مخفضة، يراها الجمهور لا تسد حاجة 5% من المواطنين الذين تبدلت أولوياتهم عند شراء السلع للتركيز على تدبير نفقات الطعام. 

في جولة ميدانية لـ"العربي الجديد"، رصدت إقبالاً ضعيفاً على شراء فوانيس رمضان الشعبية ومعدات الإضاءة المستوردة التي تزين البيوت والشوارع، وكذلك الحال في سوق الياميش من المكسرات المحلية والمستوردة، حيث أصبحت التمور سيدة الموائد، مع عودة إلى المشروبات الطازجة والشعبية، وأوراق الزينة بدلاً من أعمدة الكهرباء الملونة، للحد من المصروفات. 

لم يتراجع الطلب على الياميش والفوانيس من فراغ، حيث زادت أسعار جميع السلع، وأصبح الغلاء المتصاعد سمة أساسية يتعامل معها المواطنون بهدوء وصبر. تعكس أسعار المواد الغذائية الزيادة المسجلة في معدلات التضخم التي بلغت 24% على أساس سنوي في شهر يناير/ كانون الثاني 2025، حيث ارتفع سعر كيلو السكر من مستوى 28 جنيهًا إلى 34 جنيهًا، مع توافره بالأسواق، بعد ابتعاد الحكومة عن تسويقه وتوزيعه على المحال والمراكز التجارية. 

وزاد سعر الفول المدمس "سيد المائدة" على السحور من 35 إلى 55 جنيهاً، ومشروب الكركديه الشعبي من 180 إلى 260 جنيهاً، بينما ارتفعت أسعار الدواجن البيضاء من 80 إلى 110 جنيهات والبلدي من 90 إلى 140 جنيهاً في المتوسط، متأثرة ببرودة الأجواء وزيادة تكاليف التدفئة والكهرباء عن العام الماضي.

وصعدت أسعار اللحوم بوتيرة أبطأ متأثرة بزيادة التراجع في الطلب من المستهلكين، الذين تبدلت أولوياتهم في اختيار نوعية الغذاء والسلع، وفق دراسات ميدانية للمعهد القومي للبحوث الاجتماعية، بسبب الهبوط الشديد في الدخول وتراجع مستويات المعيشة والقوة الشرائية لدى المستهلكين. كما شهدت أسعار التمور زيادة كبيرة في المعروض من التمور المحلية، مع توافر منتجات التمور السعودية الطازجة والمغلفة، عن الموسم الماضي، مع صعود كبير في أسعارها مقارنةً برمضان الماضي.

ورغم انخفاض الواردات بنسبة 50% من منتجات الياميش المستورد بسبب توقع الموزعين تراجع الطلب من جانب المستهلكين أسوة بالعام الماضي، صعدت الأسعار بمعدلات تزيد عن 30% عن رمضان الماضي. كذلك تشهد أسعار الخضراوات حالة من الاستقرار النسبي عند المستويات المرتفعة التي بلغتها خلال نفس الفترة من العام الماضي متأثرة بتحسن الأجواء الشتوية.

ويشير محللون إلى أن الاستقرار النسبي في سعر الدولار، مع إلزام المصدرين بتسليم 40% من عوائد التصدير للبنوك، أدى إلى تراجع الطلب على صادرات الحاصلات الزراعية، التي تواجه مخاطر في الشحن وزيادة الفائدة والتكاليف، الأمر الذي حقق وفرة من المعروض بالأسواق وخاصة البصل والبطاطس والخيار والبازلاء والفراولة والبرتقال.

يشير رئيس لجنة التجارة الداخلية في شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية إلى أهمية المعارض التي تقام بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في الحد من زيادة أسعار السلع، مؤكداً في تصريح لـ"العربي الجديد" توافر المنتجات بأقل من قيمتها بنحو 30% عن مثيلاتها المعروضة في المحال والمراكز التجارية. تأتي تصريحات المسؤولين مهدءات في وقت تتعاظم فيه موجات التضخم، بينما اعتاد الناس على زيادة الأسعار مع ارتفاع الطلب على الاستهلاك الذي يقدره الخبراء بنحو 50% عن المعدلات الطبيعية.

وينصح الخبير الاقتصادي مدحت نافع المستهلكين بالتخطيط المسبق لشراء السلع قبل حلول رمضان بفترة طويلة، حتى لا يشاركوا في زيادة موجات التضخم دفعة واحدة، محذراً من عدم قدرة الأسواق على خفض الأسعار بالنسب ذاتها بعد انتهاء رمضان، ما يبقي على الارتفاعات لاحقاً.

وفي السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد" إمكانية امتصاص الزيادة في الطلب عبر تجزئته على مدار أشهر، بشراء السلع القابلة للتخزين لفترات طويلة مثل التمور والأرز والسكر والزيوت، بما يحافظ على كبح النمو المفاجئ في الأسعار ويهيئ الموردين والمنتجين لمعدل تدفق للسلع في الأسواق يتناسب مع حجم الطلب، من دون الحاجة إلى دفعهم لشراء مستلزمات الإنتاج دفعة واحدة، بما يرفع أعباء التشغيل وزيادة الطلب على الدولار، وهو الأمر الذي يشعل نار التضخم والأسعار.

المساهمون