الركود يلاحق الحكومة الألمانية المقبلة

25 فبراير 2025
خلال الانتخابات الألمانية، 23 فبراير 2025 (هاليل ساغريكايا/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فاز المحافظون بقيادة فريدريش ميرز في الانتخابات الألمانية المبكرة، مما يمهد الطريق لتشكيل حكومة جديدة مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وسط انهيار الحكومة السابقة وتحديات اقتصادية كبيرة.
- يواجه ميرز تحديات اقتصادية، مع انكماش الاقتصاد الألماني منذ جائحة كوفيد-19، وتركز حملته على إلغاء القيود التنظيمية وخفض الضرائب وإغلاق الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين.
- تتفاقم الأزمات الاقتصادية بسبب حرب أوكرانيا وارتفاع تكاليف الطاقة، وتحتاج ألمانيا إلى إصلاحات هيكلية لتعزيز النمو والأمن، مع دعوات لتخفيف البيروقراطية لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

فاز المحافظون بزعامة فريدريش ميرز في الانتخابات الوطنية الألمانية المبكرة التي جرت أول من أمس الأحد، بعد انهيار الحكومة السابقة، وفيما تتجه الأمور نحو تشكيل حكومة مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي، هدأت مخاوف السوق من أن أكبر اقتصاد في أوروبا لا يمكن أن يحكمه إلا ائتلاف ثلاثي آخر.

والسؤال المطروح الآن أمام الزعيم المحافظ فريدريش ميرز هو مدى السرعة التي يستطيع بها تشكيل حكومة، ومع من يستطيع تشكيلها، وما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تسعى إلى التأثير على هذه العملية، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال". وتتعرض أوروبا لضغوط للتنسيق السريع للرد على تهديدات دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على صادرات القارة للولايات المتحدة، فيما تعاني فرنسا وألمانيا من عجز شديد في الأشهر الأخيرة، بعد أن فقدت حكومتاهما أغلبيتهما البرلمانية.

ويواجه ميرز مهمة شاقة تتمثل في تحويل الاقتصاد الألماني الذي لم ينمُ إلا بالكاد منذ ما قبل جائحة كوفيد-19، ومن المرجح أن ينكمش للعام الثالث على التوالي. وقد خاض ميرز حملته الانتخابية على أساس إلغاء القيود التنظيمية وخفض الضرائب على الأعمال والدخل، فضلاً عن إغلاق الحدود البرية أمام أغلب المهاجرين غير الشرعيين.

وقال تقرير لوزارة الاقتصاد الألمانية، الشهر الماضي، إن المخاوف بشأن الأمن الوظيفي وعدم اليقين الجيوسياسي المستمر لا تزال تعيق التعافي الملحوظ في مناخ الاستهلاك، فيما أعلنت غرفة التجارة والصناعة الألمانية أن الاقتصاد الألماني سينكمش بنسبة 0.5% هذا العام، مسجلاً انكماشاً للعام الثالث على التوالي، وتتوقع الغرفة أطول فترة ضعف في تاريخ ألمانيا.

أزمات الاقتصاد الألماني

وأثرت حرب أوكرانيا وما صاحبها من تضخم، والمنافسة المتزايدة من الخارج، وارتفاع تكاليف الطاقة، وارتفاع أسعار الفائدة، والآفاق الاقتصادية غير المؤكدة، على الاقتصاد الألماني، الذي انكمش في عام 2024 للعام الثاني على التوالي. وصاحب الانكماش تنامي ظاهرة إفلاس الشركات، وقدرت وكالة الائتمان "كريديت ريفورم" عدد حالات إفلاس الشركات في ألمانيا بـ 22 ألفا و400 حالة العام الماضي. وهو أعلى مستوى منذ عام 2015. وفي العام 2025، قد تصل الأرقام إلى ذروة عام الأزمة المالية في 2009 بأكثر من 32 ألف حالة.

وتواجه ألمانيا نزاعات عمالية كبرى في عام 2025 مع بدء انهيار الرابطة الراسخة بين الشركات والعمال التي كانت تعتبر منذ مدة طويلة ركيزة أساسية للنجاح الاقتصادي للبلاد، في أعقاب المنافسة الشرسة والضعف الاقتصادي وارتفاع التكاليف. وقال الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز، رولاند بوش، لوكالة رويترز: "إننا لا نحتاج إلى مزيد من المناقشات، فالمشاكل معروفة جيداً ونحن بحاجة إلى التنفيذ الآن. لأن العالم لا ينتظرنا والضغوط التي تفرضها ألمانيا على نفسها للتحرك، وخاصة في ما يتصل بالقدرة التنافسية، هائلة".

وأكد الرئيس التنفيذي لبنك دويتشه ورئيس جمعية البنوك الألمانية كريستيان سوينغ أن "ألمانيا تحتاج الآن إلى حكومة قادرة وراغبة في العمل وبسرعة. إن التحديات التي تواجه بلادنا هائلة: فالاقتصاد يحتاج بشكل عاجل إلى بداية جديدة من خلال إصلاحات جوهرية. ولا بد أن يكون النمو والقدرة التنافسية محور التركيز في الفترة التشريعية المقبلة، حتى تظل ألمانيا موقعاً جذاباً للشركات والمستثمرين على حد سواء".

كذا شددت رابطة صناعة السيارات الألمانية VDA على أن "ألمانيا تحتاج الآن إلى حكومة مستقرة في أسرع وقت ممكن... إن وجود صوت ألماني قوي وموحد في أوروبا أمر ضروري، وكذلك الإصلاحات في ألمانيا. إن صناعة السيارات الألمانية عازمة على الاستمرار في خدمة السوق العالمية بنجاح من ألمانيا، وهذا يتطلب أجندة شاملة لتعزيز قدرتها التنافسية. إن الشركات ككل، وخاصة العمود الفقري لازدهارنا ــ قطاع الشركات صغيرة ومتوسطة الحجم ــ لم تعد قادرة على تحمل أسعار الطاقة المرتفعة، والبيروقراطية المفرطة، والضرائب والرسوم".

وشرح رئيس جمعية الصناعة بيتر ليبينغر: "الآن هو الوقت المناسب لبداية جديدة حقيقية: إصلاحات هيكلية واضحة وقرارات حاسمة لتحقيق المزيد من النمو والأمن. ونحن بحاجة إلى إشارات تخفيف فعّالة قصيرة الأجل من خلال الحد من البيروقراطية وتبسيط إجراءات الموافقة. وفي الأمد المتوسط، نحن بحاجة إلى خطة استراتيجية جريئة تعمل على إعفاء الشركات من البيروقراطية والضرائب وإطلاق العنان للإبداع والنمو من خلال المزيد من الحرية، بدلاً من الإدارة الجزئية من جانب الدولة. ولا بد أن يكون كل ما يخلق النمو والأمن في مركز الاهتمام".

المساهمون