استمع إلى الملخص
- أكد وزير المالية السوري أن رفع العقوبات سيفتح الباب أمام الاستثمارات في قطاعات مثل البنية التحتية والطاقة، مشدداً على مكافحة الفساد وتطوير بيئة الاستثمار لجذب المستثمرين.
- لقي القرار ترحيباً كردياً ودعماً دولياً، حيث أُشيد بالدور السعودي والتركي في تخفيف المعاناة الإنسانية، مما يعكس تحولاً سياسياً في الموقف الأميركي تجاه دمشق.
رحّب مسؤولون سوريون بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات المفروضة على سورية، واعتبروه تحوّلاً بالغ الأهمية يمهّد الطريق أمام تعافي الاقتصاد السوري، وانفتاحه مجدداً على النظام المالي العالمي. وأشاد المسؤولون بالجهود الإقليمية والدولية التي أسهمت في إنجاز هذا التحوّل، مؤكدين أن هذه الخطوة "ستنعكس إيجاباً على حياة المواطنين السوريين".
وأكد وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، وفق وكالة الأنباء السورية "سانا"، أن من شأن رفع العقوبات عن سورية أن يسهم كثيراً في توفير البيئة المواتية لعودة اللاجئين السوريين، وتأمين الخدمات الأساسية التي يحتاجونها في مختلف القطاعات. وأوضح الوزير أن "هذه الخطوة ستفتح الباب أمام جذب الاستثمارات والتدفقات المالية، وتمهّد لعودة سورية إلى النظام المالي والنقدي العالمي". وأشار إلى أن البلاد تمتلك فرصاً كبيرة، وتواجه حاجة ماسة للاستثمارات في قطاعات متعددة، أبرزها البنية التحتية والطاقة والتعليم والقطاع المالي والمصرفي.
وأضاف أن رفع العقوبات سيزيد من سقف التحديات التي تواجه سورية، لكنه أكد في الوقت ذاته "عزم الحكومة على المضي قدماً في إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير البيئة المؤسسية والتشريعية الجاذبة للاستثمار". وأشار وزير المالية السوري إلى أن العقوبات فُرضت في بداية الأزمة بهدف حماية الشعب السوري مما وصفه بـ"ظلم النظام المخلوع"، مبيناً أن رفعها اليوم "يشكّل فرصة حقيقية للشعب السوري لإعادة بناء دولته ومؤسساتها".
وشدد وزير المالية على استمرار الجهود الحكومية في مكافحة الفساد، وتطوير بيئة الاستثمار، وحماية حقوق المستثمرين، وتحسين أداء الجهاز القضائي، مؤكداً أن "سورية ماضية في أن تكون مساهمًا فاعلاً في استقرار المنطقة وتنميتها". وختم برنية بدعوة جميع المستثمرين، والمؤسسات المالية الإقليمية والدولية، ورجال الأعمال، والدول الراغبة، إلى التوجّه نحو الاستثمار في سورية، مؤكداً أن رفع العقوبات سيلعب دوراً محورياً في عودة اللاجئين وجذب الاستثمارات الضرورية لإعادة الإعمار.
بدوره، قال عبد القادر حصرية، حاكم مصرف سورية المركزي، في تصريح لقناة الإخبارية السورية، إن "رفع العقوبات خطوة بالغة الأهمية في طريق استعادة الاستقرار الاقتصادي وتعافي البلاد". وأضاف: "الشعب السوري عانى طويلاً من آثار هذه العقوبات التي قيّدت الوصول إلى النظام المالي العالمي، وأثّرت مباشرةً في معيشته".
وأعرب حصرية عن شكره "لكل من دعم سورية، ولا سيما الأشقاء في السعودية وقطر وتركيا، والأصدقاء في بريطانيا والاتحاد الأوروبي، على جهودهم الدبلوماسية وحرصهم على دعم الاستقرار والتنمية في بلادنا". كذلك أكد أن "رفع العقوبات فرصة كبيرة لتحقيق الرؤية لاقتصاد مزدهر والتخطيط لتطوير الأدوات النقدية وتعزيز الشفافية والانضباط المالي"، مشدداً على أن القرار "سيفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح والتكامل مع الاقتصاد العالمي".
من جهته، أكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أن "قرار رفع العقوبات الأميركية يمثل خطوة إيجابية تصب في مصلحة سورية وشعبها"، مهنئاً السوريين بهذا القرار، ومثمِّناً "عالياً جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية لوساطتهم الفاعلة ومواقفهم المشرفة". وأوضح أن "قرار رفع العقوبات يمثل بداية مرحلة جديدة تحمل بشائر الخير لسورية"، واعداً الشعب السوري بأن "القادم أفضل".
أكراد سورية يرحبون برفع العقوبات
في السياق، لقي قرار رفع العقوبات المفروضة على سورية ترحيباً واسعاً من قبل أحزاب وهيئات وشخصيات سياسية كردية سورية، معتبرين أنه يمثل بارقة أمل نحو إنهاء المعاناة وتحقيق انفراج سياسي واقتصادي في البلاد. وأعرب "مجلس سورية الديمقراطية"، الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، عن تقديره للقرار، معتبراً إياه مؤشراً إيجابياً يصبّ في مصلحة الشعب السوري. وأشاد البيان بالدور البنّاء الذي لعبته السعودية وعدد من الأطراف الإقليمية في دعم الجهود لتخفيف المعاناة الإنسانية وتحقيق انفراج في الملف السوري.
بدوره، شكر القائد العام لقوات سورية الديمقراطية مظلوم عبدي الرئيس الأميركي على القرار، وكتب على منصة "إكس": "نأمل أن تُستثمر هذه الخطوة في دعم الاستقرار وإعادة البناء، بما يضمن مستقبل أفضل للسوريين كافة". وفي تصريحات لـ"العربي الجديد"، قال الصحافي الكردي السوري عمر كوجري إن الليرة السورية ارتفعت بنسبة 16.5% مقابل الدولار خلال أقل من ساعتين من إعلان القرار، معبّراً عن اعتقاده أن "سورية ستعود أقوى".
من جانبه، اعتبر شلال كدو، رئيس حزب الوسط الكردي في سورية (أحد أحزاب المجلس الوطني الكردي)، أن قرار رفع العقوبات يمثل "نهاية حقبة سوداء وبداية أخرى أكثر إشراقاً"، مشيراً إلى أن القرار يفتح الباب لإعادة تدوير الاقتصاد السوري وإطلاق عملية الإعمار، وقد يسهم في حلحلة الوضع الداخلي على أكثر من صعيد. ووصف كدو الخطوة بأنها "ضرورة أخلاقية وإنسانية قبل أن تكون سياسية واقتصادية".
وعبّر عن أمله أن تشكل دافعاً حقيقياً لكل السوريين بمختلف انتماءاتهم للعمل نحو بناء دولة عصرية تضمن الحقوق وتحترم جميع المكونات. وأكد أن القرار جاء بعد وعود وضمانات حقيقية من السعودية وتركيا لتلبية المطالب الأميركية من السلطات السورية الجديدة، مشيراً إلى أن المنطقة بأكملها تتجه نحو التنمية والاستثمار، ما يقتضي القضاء على التطرف والإيديولوجيات العابرة للحدود.
وكان ترامب قد أعلن، يوم الثلاثاء، خلال خطاب ألقاه في الرياض ضمن زيارته لمنطقة الخليج، أنه سيصدر أوامر برفع العقوبات عن سورية "من أجل منحها فرصة للنمو"، مؤكداً أن هذا القرار اتُّخذ بعد مشاورات مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأعرب عن أمله في نجاح الحكومة السورية الجديدة، قائلاً: "هناك حكومة جديدة نأمل أن تنجح، أقول: حظاً سعيداً يا سورية. أرونا شيئاً خاصاً".
كذلك التقى ترامب اليوم الأربعاء، الرئيس السوري أحمد الشرع، في اجتماع هو الأول من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار عام 2011، وسقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول العام الفائت 2024، ما يعكس تحولاً سياسياً لافتاً في الموقف الأميركي تجاه دمشق.