استمع إلى الملخص
- الحد الأدنى الحالي للأجور 260 ديناراً لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية، ويوصي الخبراء بأن يكون 55% من متوسط الأجور الوطنية، مما يعزز الحماية الاجتماعية ويقلل الفقر.
- رفع الأجور يعزز الاقتصاد بزيادة القوة الشرائية وتحفيز الطلب المحلي، ويشجع مشاركة الشباب والنساء في سوق العمل دون التأثير سلباً على الوظائف.
توقعت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد" أن تعلن الحكومة الأردنية عن رفع الحد الأدنى للأجور خلال الأسبوع المقبل بعدما انتهت اللجنة الثلاثية لشؤون العمل من مناقشاتها بهذا الشأن، والتي استمرت عدة أسابيع. ورغم أن المطالبات كانت تصب باتجاه رفع الأجور من 260 ديناراً إلى 300 دينار على الأقل إلا أن ما رشح من معلومات يشير إلى أن الزيادة ستبلغ 20 ديناراً فقط (28 دولاراً تقريباً) في المرحلة الأولى على أن تزيد بالقيمة ذاتها في وقت آخر.
وقال رئيس المرصد العمالي الأردني أحمد عوض لـ "العربي الجديد" إن زيادة الأجور يجب أن تكون بالقدر الذي يساعد العمال على تحسين أوضاعهم المعيشية بعض الشيء ومواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم، حيث تآكلت الدخول بشكل كبير منذ عدة سنوات ولم ترتفع فيها الأجور، ما زاد معاناة شرائح كبيرة من المواطنين.
وأضاف أن الزيادة كما هو مقدر يفترض أن تكون بواقع 40 ديناراً على الأقل لتصل إلى 300 دينار وأهمية أن تشمل الزيادة كافة فئات العمال لمواجهة الأعباء المعيشية، مشيراً إلى أن ذلك يؤدي إلى تعزيز الإنتاجية وتوفير عوامل تحفيزية للعمال. وذكّر عوض أن المرصد العمالي أوصى بضرورة رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن إلى 345 ديناراً شهرياً على مرحلتين، وأن هذه الخطوة ليست فقط ضرورة لتحسين مستوى معيشة العاملين ولكنها أيضاً استثمار في استقرار البلاد الاقتصادي والاجتماعي على المدى البعيد.
وأشارت ورقة بحثية أعدها المرصد العمالي إلى أن الحد الأدنى الحالي البالغ 260 ديناراً، الذي لم يتم تعديله منذ عام 2021، والمُخطط زيادته إلى 280 فقط سيُبقي قطاعات واسعة من العاملين عاجزين عن تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم، خصوصاً مع الارتفاع المستمر في معدلات التضخم. ويُعد رفع الحد الأدنى للأجور بمستويات جيدة خطوةً مدروسة لتعزيز الحماية الاجتماعية وتحفيز النمو الاقتصادي دون أن يشكل أي ضرر جوهري على أصحاب العمل.
وأوضحت الورقة أن الحد الأدنى للأجور في الأردن، مقارنة بالمتوسط الوطني للأجور البالغ 627 ديناراً، يشكل فقط 41% من متوسط الأجور، في حين توصي منظمة العمل الدولية والممارسات الفضلى عالمياً بألا تقل النسبة عن 55%. وقالت الورقة إن الحد الأدنى الحالي بعيد كل البعد عن تغطية الاحتياجات الأساسية للعاملين وأسرهم، وبخاصة في ظل معدل الإعالة المرتفع في الأردن، حيث يعيل كل شخص عامل ثلاثة أفراد على الأقل، مؤكدةً أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى مستويات عادلة يضمن تحسين الظروف المعيشية للعديد من الأسر، ويقلل من معدلات الفقر المرتفعة في الأردن.
كما أن أحد أبرز المبررات التي تسوقها الورقة لرفع الحد الأدنى للأجور هو دوره في تحفيز الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز القوة الشرائية للعاملين وزيادة الطلب المحلي. وقال المرصد العمالي: "تؤكد التجارب العالمية أن رفع الأجور يدفع عجلة الاقتصاد للأمام عن طريق تحسين الطلب الاستهلاكي المحلي، وهو ما يسهم بدوره في تعزيز معدلات النمو الاقتصادي ودعم استدامة الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتمد في مبيعاتها على السوق المحلي".
وبحسب المرصد فإنه لا يوجد دليل علمي يشير إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور يؤدي إلى خسارة كبيرة للوظائف أو إفلاس المنشآت الصغيرة، حيث يعتمد أصحاب الأعمال على قوة عاملة منتجة ومدربة للحفاظ على مستويات الإنتاج والقدرة التنافسية، ما يجعل الاستغناء عن الموظفين نتيجة لزيادة الأجور خطوة غير منطقية.
واستعرضت الورقة منهجيات علمية دقيقة لتحديد الحد الأدنى للأجور، بما يضمن تحقيق التوازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل، ومن بين هذه المنهجيات، استخدام خط الفقر المطلق كمعيار، والذي يشير إلى ضرورة رفع الحد الأدنى إلى 480 ديناراً شهرياً لتلبية الاحتياجات الأساسية. وبينت الورقة أن العديد من الدول تعتمد على معدلات التضخم لتعديل الحد الأدنى للأجور سنوياً، لأن ذلك يضمن الحفاظ على القوة الشرائية للعاملين.
وشددت الورقة على أهمية رفع الحد الأدنى للأجور بشكل ملموس لتعزيز المشاركة الاقتصادية للشباب والنساء، الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان ولكنهم يعانون من معدلات بطالة مرتفعة. وأوضحت الدراسة أن الأجور المنخفضة تشكل حاجزاً رئيسياً أمام دخول هذه الفئات إلى سوق العمل، إذ لا تغطي الأجور الحالية تكاليف النقل أو الرعاية الأسرية بالنسبة للنساء، ما يثنيهن عن العمل. ونبّهت الورقة إلى أن تحسين الحد الأدنى للأجور سيحفز مشاركة الشباب بشكل أوسع، مما يسهم في تقليل معدلات البطالة وزيادة الإنتاجية الوطنية.
وقال رئيس المرصد إن الحد الأدنى للأجور يُشكل قاعدة أساسية لدعم أنظمة الضمان الاجتماعي واستدامتها. وأوضحت الورقة أن رفع الأجور يعني زيادة مساهمات العاملين في أنظمة الضمان، مما يضمن تقديم خدمات أفضل للعاملين والمتقاعدين على حد سواء. كما يسهم في الحد من ظاهرة "العاملين الفقراء".
(الدينار الأردني = 1.41 دولار)