استمع إلى الملخص
- رد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم مضادة على سلع أميركية بقيمة 28 مليار دولار، بينما أعلنت الصين أنها ستتخذ "كل التدابير اللازمة" لحماية مصالحها، معتبرة أن الإجراءات الأميركية تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية.
- أستراليا لن تفرض رسوم مضادة وتسعى للحصول على إعفاء، مشيرة إلى أن التوترات التجارية تضر بالنمو الاقتصادي وتزيد التضخم.
دخلت رسوم جمركية بنسبة 25% فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم حيّز التنفيذ في الدقيقة الأولى من فجر اليوم الأربعاء، لتخطو بذلك الولايات المتحدة خطوة إضافية نحو حرب تجارية مع شركائها الرئيسيين. في الوقت الذي أكد فيه الاتحاد الأوروبي الرد برسوم مضادة قيمتها 28 مليار دولار بدءا من إبريل/نيسان المقبل، بينما أكدت أستراليا عدم الرد.
وكان ترامب قد وقّع في العاشر من فبراير/شباط الماضي، أمرين تنفيذيين فرض بموجبهما رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم من كل الدول، وذلك اعتبارا من 12 مارس/آذار، "دون استثناءات أو إعفاءات". ومن المرجّح أن تؤدّي هذه الرسوم الجمركية الباهظة على هذين المعدنين إلى زيادة كلفة إنتاج كل شيء تقريبا في الولايات المتحدة، بدءا من الأجهزة المنزلية وصولا إلى السيارات وعلب المشروبات، وهو ما يهدّد برفع أسعار المستهلكين في المستقبل.
وقال كلارك باكارد، الباحث في معهد كاتو، لوكالة فرانس برس: "لن أفاجأ إذا رأيت الرسوم الجمركية تظهر بسرعة في الأسعار". وأضاف أنّ قطاعي صناعة السيارات والبناء ــ بما في ذلك المباني السكنية والتجارية ــ هما من بين أكبر مستخدمي الصلب في البلاد، وبالتالي فإنّ ارتفاع الأسعار فيهما سيكون جليّا.
كما أثار ترامب قلق المستثمرين بإعلانه زيادة الرسوم الجمركية على جميع واردات الصلب والألومنيوم من كندا، من 25% إلى 50%، قبل أن يتراجع عن القرار لاحقا في اليوم نفسه. أيضا، أثارت تحركات ترامب الجمركية المتقلبة ضد الشركاء التجاريين الرئيسيين قلق المستهلكين والشركات، ودفعت شركات إلى التحذير من أنها قد تضطر إلى رفع الأسعار، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة التضخم وتقليص النمو الاقتصادي. واشتدت المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية في مطلع الأسبوع بعدما رفض التنبؤ بما إذا كانت سياساته الاقتصادية ستتسبب في ركود.
واستقبلت الشركات الأميركية على نطاق واسع انتخاب ترامب بتفاؤل، مدعومة بتعهدات بتحرير الاقتصاد وخفض الضرائب. لكن الجمهوريين في الكونغرس لم يتفقوا بعد على خطة تسمح لهم بخفض الضرائب، وبدلا من ذلك يركزون هذا الأسبوع على تجنب إغلاق حكومي عندما ينقضي أجل التمويل عند منتصف ليل الجمعة.
رسوم انتقامية في أوروبا وأستراليا ترفض الرد
من جانبها، قالت المفوضية الأوروبية في بيان، اليوم الأربعاء، إن الاتحاد الأوروبي سيفرض رسوما جمركية مضادة على سلع أميركية بما في ذلك الويسكي والدراجات النارية والقوارب بقيمة 26 مليار يورو (28.33 مليار دولار)، اعتبارا من الشهر المقبل، ردا على الرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألومنيوم. وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون ديرلاين في بيان إن التكتل يعرب عن "أسفه العميق" للرسوم التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب. وأضافت "الرسوم الجمركية هي ضرائب تضرّ بالأعمال وبشكل أكبر بالمستهلكين".
وأضافت المفوضية أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة ستؤثر على صادرات الاتحاد الأوروبي بقيمة 26 مليار يورو(نحو28 مليار دولار)، أي حوالي 5% من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي من السلع إلى الولايات المتحدة، مما "سيؤدي إلى اضطرار المستوردين الأميركيين إلى دفع ما يصل إلى 6 مليارات يورو في رسوم جمركية إضافية.
ومن المقرر اتخاذ إجراءات مضادة إضافية في منتصف إبريل/نيسان المقبل، بعد التشاور مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ومن المحتمل أن تؤثر هذه الإجراءات على المنتجات الزراعية الأميركية، بما في ذلك الدوجن ولحوم الأبقار وبعض المأكولات البحرية والمكسرات والبيض ومنتجات الألبان والسكر والخضروات. بالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن يفرض الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية إضافية على الواردات الصناعية الأميركية مثل منتجات الصلب والألومنيوم والمنسوجات والسلع الجلدية والأجهزة المنزلية والأدوات والبلاستيك ومنتجات الأخشاب.
وفي العام 2018، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فرض ترامب رسوما جمركية على صادرات الصلب والألومنيوم الأوروبية، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الرد بالمثل. بناء على ذلك، درست أوروبا لمدى أشهر سيناريوهات عدة للتأكد من جاهزيتها لأمر كهذا، في حال قرّر ترامب إطلاق نزاع تجاري جديد مع التكتل.
كما أعلنت الصين الأربعاء، بأنها ستتخذ "كل التدابير اللازمة" لحماية مصالحها ردا على الرسوم الجمركية الأميركية البالغة نسبتها 25% على واردات الصلب والألومنيوم. وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ لدى سؤالها عن الرسوم في مؤتمر صحافي يومي إن "الصين لطالما رأت بأن الحمائية لا توفر مخرجا وبأن أي طرف لن يخرج منتصرا في الحروب التجارية وحروب الرسوم الجمركية".
وأضافت بأن "إجراءات الولايات المتحدة تنتهك بشكل خطير قواعد (منظمة التجارة العالمية) وتضر بشكل جدي بمنظومة التجارة متعددة الأطراف المبنية على القواعد ولا تفضي إلى حل المشكلة". وتابعت "ستتخذ الصين أيضا كل التدابير اللازمة لحماية حقوقها المشروعة ومصالحها".
في المقابل، صرح رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، اليوم الأربعاء، بأن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصلب والألومنيوم الأستراليين غير مبررة، لكنه أكد أن حكومته لن ترد بفرض رسوم مضادة. وكان ترامب قد قال الشهر الماضي إنه يفكر في إعفاء أستراليا، التي تعد شريكا تجاريا في اتفاقية التجارة الحرة، من هذه الرسوم، مشيرا إلى أن أستراليا تتاجر مع الولايات المتحدة بعجز تجاري منذ عقود.
وفي عام 2018، حصلت حكومة أسترالية سابقة على إعفاء من الرسوم الجمركية خلال إدارة ترامب الأولى، استنادا إلى عدة أسباب، من بينها أن شركة الصلب الأسترالية "بلو سكوب" توظف آلاف العمال في الولايات المتحدة. وقال ألبانيز إنه سيواصل السعي للحصول على إعفاء أستراليا من الرسوم الجمركية الأميركية، مشيرا إلى أن الإعفاء الذي حصلت عليه بلاده في 2018 استغرق عدة أشهر ليتم تأمينه.
وأضاف: "لقد تم التلميح إلى أن أي دولة، بغض النظر عن علاقتها بالولايات المتحدة، لن تحصل على إعفاء. مثل هذا القرار من قبل إدارة ترامب غير مبرر على الإطلاق"، كما أوضح أن "الرسوم الجمركية وتصاعد التوترات التجارية هما شكل من أشكال الإضرار الذاتي اقتصاديا، ووصفة لنمو أبطأ وتضخم أعلى، حيث يتحمل المستهلكون تكاليفها. لهذا السبب، لن تفرض أستراليا رسوما جمركية مماثلة على الولايات المتحدة".
(فرانس برس، أسوشييتد برس، العربي الجديد)