رحلة برية مثيرة على طول "طريق الحرير": ثقافات وقصص

رحلة برية مثيرة على طول "طريق الحرير": ثقافات وقصص

لميس عاصي

avata
لميس عاصي
24 يونيو 2021
+ الخط -

في رحلة قد يمتد طولها لأكثر من 25 ألف ميل، تخترق ما يقارب 16 دولة، وثق المصور البريطاني كريستوفر ويلتون ستير، لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، تفاصيل الاختلافات بين الأمم والشعوب والثقافات على طول خط طريق الحرير الذي يربط المملكة المتحدة مع الصين.

وقد يبدو الأمر جنونياً، لكن الانتقال عبر القطارات والسيارات على طول حدود دول ذات اختلافات طبيعية وثقافية قد يكون أمراً رائعاً، حتى يمكن اعتبار الرحلة فرصة قد لا تعوضها أي رحلة أخرى.

التقرير المصور لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية أظهر الاختلافات بين المناطق القريبة جغرافياً، وتناول شهادات حية للعديد من السكان الذين التقى أجدادهم بقوافل التجار الوافدة من الصين، ما جعل التقرير يبدو أقرب إلى عالم الأساطير.

وخلال الرحلة، يعبر الزائر ثقافات مختلفة من أقصى المدن الأوروبية إلى أقصى الشرق في قلب القارة الآسيوية. مدن تخزن إرث إمبراطوريات قديمة، لا تزال حتى يومنا هذا شاهدة على ذلك التراث.

الرحلة الأوروبية 
من البندقية إلى دول البلقان قد تبدو الرحلة خيالية، إن لناحية وسائل النقل المتنوعة، والتي سيختبرها الزائر، من قطارات وسفن، أو لناحية التنوع الإيكولوجي والطبيعي.

المحطة الأولى تبدأ من قلب البندقية، تلك المدينة الممتلئة بالتأثيرات التي جلبها إليها العديد من زوارها، وخاصة أولئك القادمين من الشرق. يندهش الرحالة من جمال المدينة، خاصة من شكلها الهندسي، ومن قباب الكاتدرائيات التي تستحضر مآذن القرون الوسطى في الدول الإسلامية.

من البندقية ينتقل المسافر عبر البحر الأدرياتيكي، حيث تصطف عشرات السفن لنقل المسافرين إلى وجهات مختلفة في أنحاء أوروبا، من ضمن هذه الوجهات الانتقال إلى مدينة "بولا" في كرواتيا بمقاطعة إستريا، والمميزة بنشاطها الصناعي، فينتقل الزائر عبر القطار إلى الجنوب الشرقي على طول الساحل الدلماسي الكرواتي نحو الجبل الأسود، مروراً بالبوسنة والهرسك في رحلة قد تمتد لأكثر من 10 ساعات. تختلط هنا الكثير من المفاهيم، فتارة يعلو صوت الأذان، وطوراً آخر تدق أجراس الكنائس. 

تركيا وجمالها
قد يبدو عبور مضيق البوسفور رحلة مختلفة نوعاً ما، إذ يتطلب من  السائح زيارة الساحل التركي برمته، والانتقال بين المدن المختلفة التي كانت يوماً ما ممراً هاماً للتجارة العالمية. الطابع الإسلامي عموماً والصوفي خصوصاً حاضراً في مدينة قونية. ليس بعيداً، تنقلك كابادوكيا في رحلة أخرى، عبر المناطيد لاكتشاف عالم من الخيال.

يصل الزائر بعدها إلى جبال أرارات، وأخيراً يتحه نحو الحدود الإيرانية. المرور بإيران أمر حتمي، بدءا من مدينة تبريز، وصولاً إلى أصفهان، حيث البازرات والمساجد.

الرحلة لا تقف هنا، بل تستكمل نحو تركمانستان من مدينة مير القديمة إلى مدينة عشق أباد، عاصمة العالم الآخر المكسوة بالرخام الأبيض، من خلال صحراء كاراكوم وإلى الحدود الأوزبكية، حيث تغطي الجبال الخضراء الحدود، فيما تنتشر الخيام البيضاء للمجتمعات شبه البدوية المستوطنة هناك.
آسيا الوسطى
بعد عبور قيرغيزستان، ينتقل الزائر في رحلة استثنائية إلى قلب العالم القديم. يتطلب الوصول إلى طاجيكستان المرور بطريق جبلي صخري يرتفع إلى 4200 متر.

في أقصى شرق طاجيكستان، مرت قوافل التجار من الصين. ترك التجار القدامى الكثير من الآثار في تلك المنطقة، فتبدو البيوت هناك أشبه بقرية صينية محاطة بالجبال الخضراء.

ينصح عند الوصول إلى هذه المنطقة، تسلق قمة "خوروغ"، حيث يمكن رؤية دولة أفغانستان عبر نهر بانج.

الانعطاف نحو شمال باكستان الجبلي، يسمح لكم بزيارة قصر "خابلو"، حيث تم ترميم القصر منتصف القرن السابع عشر. يعد القصر أفضل مثال على الإقامة الملكية في بالتستان، وهي مقاطعة ذاتية، نظراً لما يحتويه من تفاصيل دقيقة عن ثقافة هذه المناطق.

السكان، وبحسب وصف المصور ستير، في غاية اللطف. كبار السن يلهون في المقاهي الحجرية، الأطفال يطعمون طائر النورس، فيما السيدات يقضين معظم الأوقات في الحقول القريبة لمنازلهن.
الوصول إلى الصين
بعد عدة أميال من الطرق الصخرية في قلب القارة الآسيوية، يصل السائح إلى طريق كاراكورام السريع، وهو الشريان الرئيسي الذي يربط باكستان بالصين. يعد الطريق بمثابة العمود الفقري لطريق الحرير.

على الجانب الآخر من الطريق، يمكن رؤية العديد من البيوت، والتي تحولت إلى فنادق صغيرة، الغاية منها تأمين أماكن لراحة التجار عند هذه المحطة. 

على الحدود الصينية، تبدأ ثقافة أخرى، يشعر الزائر بالتراث الصيني منذ أن يصل إلى بلدة سوست، وهي منطقة حدودية غنية بتراثها. تصطف المتاجر والمنازل والفنادق في شارعها الرئيسي.

من سوست، تستغرق الحافلة خمس ساعات لعبور ممر خونجراب- أعلى معبر حدودي مرصوف في العالم.

على ارتفاع 4700 متر تقريباً، تظهر الحدود الصينية على شكل بوابة عملاقة مكسوة بالرخام مزينة بأعلام حمراء متصاعدة من فئة الخمس نجوم. هنا تبدأ قصة أخرى داخل الصين.

مبادرة الحزام والطريق
قبل 8 سنوات تقريباً، اقترح شي جين بينغ الصيني مبادرة الحزام والطريق (BRI) في خطابين في عام 2013.

في كازاخستان، أوضح رؤيته لاستعادة طرق التجارة البرية من الصين إلى آسيا الوسطى وأوروبا - "طريق الحرير" القديم.

في إندونيسيا، قدم مفهوم "طريق الحرير البحري"، والذي يعد في الأساس الممر البحري الذي يسير بشكل جيد بالفعل جنوباً من الصين إلى الشرق الأوسط وأوروبا.

في غضون ثماني سنوات من التنفيذ، أصبحت المبادرة مثيرة للجدل، لأن المبادرة ليست بهدف إحياء مفاهيم التجارة وحسب، بل هي برنامج لتمويل البنية التحتية الدولية.

ويذهب حوالي ثلثي التمويل إلى الطاقة والنقل، بحسب ما أوضحته دراسة صادرة عن معهد كارينغي. 

ووفق دراسة للبنك الدولي في عام 2019 تبين أن هناك فوائد كبيرة محتملة للبلدان المتلقية والعالم إذا أمكن تخفيض تكاليف النقل من خلال تحسين البنية التحتية. 

تهدف مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى تحسين الاتصال بين الصين وأكثر من 70 دولة، فالمبادرة لديها القدرة على تسريع معدل التكامل الاقتصادي والتنمية بشكل كبير.  

بحسب بيانات البنك الدولي، يزيد الدخل العالمي بنسبة 0.7 في المئة (في عام 2030 مقارنة بخط الأساس).

وتستحوذ منطقة مبادرة الحزام والطريق على 82 في المئة من المكاسب، مع تحقيق أكبر مكاسب في شرق آسيا.

وعلى الصعيد العالمي، يمكن أن تساهم مبادرة الحزام والطريق في انتشال 8.7 ملايين شخص من الفقر المدقع و34 مليونا من الفقر المعتدل. كما ستؤدي المبادرة إلى زيادة متواضعة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

ذات صلة

الصورة
سعدية الغمرواي (العربي الجديد)

مجتمع

قرّرت سعدية الغمرواي ابنة محافظة البحيرة المصرية، إكمال دراستها الجامعية بعد الحصول على مؤهل متوسط، وانتقلت إلى القاهرة، لتخوض رحلة اكتشاف شغفها في الحياة، قبل أن تقرر الاستقرار مرة أخرى في قريتها، وتأسيس مصنع للأثاث.
الصورة

اقتصاد

عادت الحركة تدريجيا إلى مدينة مراكش وسط المغرب، بعد أسبوع من الزلزال الذي ضرب البلاد وخلف آلاف القتلى والمصابين.
الصورة
سياحة (Getty)

اقتصاد

تجذب عادة رحلات المشاهير والأثرياء، عامة الناس، بخاصة أن الكثير منهم يقضون إجازاتهم في مناطق مختلفة، لم تكن يوماً مدرجة على الخريطة السياحية العالمية. ومن ضمن الرحلات التي تحظى بتفاعل الرأي العام، تلك التي يقوم بها لاعبو كرة القدم.
الصورة
مصر (خالد دسوقي/ فرانس برس)

مجتمع

وثّق ناشطون مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، مقطع فيديو يظهر حادث مقتل سائح روسي شاب (24 عاماً)، إثر مهاجمة سمكة قرش له في أحد شواطئ مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، في حين لم يصدر أي بيان من قبل جهة رسمية للكشف عن تفاصيل الحادث.

المساهمون