رئيس وزراء فرنسا الجديد يتسلّم "كأسًا مسمومة": أزمات مالية واقتصادية

13 ديسمبر 2024
رئيس الوزراء الفرنسي الجديد بايرو، 13 ديسمبر 2024 (مصطفى يلسن/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تم تعيين فرانسوا بايرو كرئيس وزراء جديد لفرنسا، ليواجه تحديات سياسية واقتصادية معقدة بعد تحالف غير متوقع بين اليمين المتطرف واليسار، ويتمتع بدعم ضمني من حزب لوبان.
- تواجه الحكومة الجديدة أربع عقبات اقتصادية رئيسية: ارتفاع الدين العام، التضخم، معدلات البطالة، والنمو الاقتصادي البطيء، مما يتطلب استراتيجيات فعالة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
- تشمل مهام الحكومة تنفيذ إصلاحات مالية، تعديل السياسات الضريبية، ومعالجة التضخم، مع التركيز على الاستثمارات في التكنولوجيا الخضراء لتحقيق عوائد اقتصادية واجتماعية إيجابية.

أصبح فرانسوا بايرو، الشخصية الوسطية المخضرمة، رابع رئيس وزراء فرنسا خلال عام واحد اليوم الجمعة، بعد أن عينه الرئيس إيمانويل ماكرون رئيسًا جديدًا للحكومة. ووفق تقرير بوكالة بلومبيرغ اليوم الجمعة، جاء هذا الإعلان في بيان من جملة واحدة من قصر الإليزيه، بعد أن فوّت ماكرون الموعد النهائي لتسمية رئيس وزراء جديد. والتقى الاثنان لمدة ساعتين تقريبًا في وقت سابق من يوم الجمعة.

ويواجه رئيس وزراء فرنسا الجديد معضلات مالية واقتصادية شبه مستحيلة، وسط مشهد سياسي معقد وصفته بلومبيرغ بأنه "شبيه بتسليم كأس مسمومة". ووفق المصدر ذاته، يحل بايرو (73 عاماً) محل المرشح المحافظ ميشيل بارنييه، الذي أُطيحَ الأسبوع الماضي بعد انضمام زعيمة الحزب اليميني المتطرف مارين لوبان إلى اليسار في اقتراح بسحب الثقة بشأن نزاع حول الميزانية.

ووفق تحليل بلومبيرغ، قد يواجه بايرو مصير بارنييه نفسه، حيث تظل الهيئة التشريعية الفرنسية منقسمة إلى ثلاث كتل، وهي تحالف يساري، والوسطيين والمحافظين، واليمين المتطرف، التي لا تتقارب على خطوط سياسية أو اقتصادية. وفي الوقت الحالي، يبدو أن بايرو يحظى بدعم ضمني من حزب لوبان، وهو الحزب الأكبر في البرلمان، ومن ثم يتمتع بنفوذ كبير. وبعد فترة وجيزة من تعيين بايرو، قال جوردان بارديلا، رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، إن حزبه لن يدعم التصويت بسحب الثقة افتراضيًّا ضد رئيس وزراء من الوسط أو اليمين، مما يمنح رئيس الحكومة الجديد بعضًا من الثقة ضمنيًّا، وربما مجالاً للمناورة في ضغط الميزانية الفرنسية التي تحتاج إلى خفض العجز في الإنفاق. 

4 عقبات

يقول خبراء: "تواجه الحكومة الفرنسية الجديدة أربع عقبات اقتصادية ومالية، وهي ارتفاع الدين العام وكلفة خدمة الفائدة عليه، والتضخم المرتفع وغلاء كلف المعيشة، وارتفاع معدلات البطالة، والتراجع الكبير في معدلات النمو الاقتصادي". وعلى صعيد الدين العام، فقد بلغ حوالي 113% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أحد أعلى المستويات في أوروبا. ويحد هذا الوضع من قدرة الحكومة على الاستثمار في تعزيز النمو من دون المخاطرة بتراكم المزيد من الديون.

ومن ناحية التضخم وتكاليف المعيشة، أثر ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير على القوة الشرائية للمستهلك. وأدت أزمة غلاء المعيشة إلى استياء واسع النطاق بين المواطنين، مما أثار احتجاجات ودعوات لاتخاذ إجراءات حكومية. أما على صعيد معدلات البطالة، فعلى الرغم من تحسن معدلاتها بشكل طفيف، إلا أنها لا تزال تشكل مصدر قلق، خاصة بين الشباب والمجتمعات المهمشة. ويرى محللون أن ارتفاع معدلات البطالة يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي وانخفاض النمو الاقتصادي. وعلى صعيد النمو الاقتصادي، أظهر الاقتصاد الفرنسي علامات الركود، حيث راوحت معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي حول 1-2%. وهذا النمو البطيء يجعل من الصعب على الحكومة توليد إيرادات كافية من خلال الضرائب لتغطية التزاماتها المالية.

مهام الحكومة الجديدة

والحكومة الجديدة، التي تولت السلطة اليوم الجمعة، مكلفة بتنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تحقيق استقرار الاقتصاد واستعادة ثقة الجمهور. وتشمل المجالات المناط بها معالجتها الإصلاحات المالية، إذ من المتوقع أن تقترح الحكومة إجراءات تهدف إلى خفض الإنفاق العام مع زيادة كفاءة الخدمات العامة أيضًا. وقد يشمل ذلك تخفيضات في مجالات معينة، ولكنه قد يشمل أيضًا استثمارات في القطاعات التي تعزز النمو على المدى الطويل.

أما المهمة الثانية، فهي تعديلات السياسة الضريبية. ويرى مصرفيون أن الحكومة ربما تواجه تحديات حول تعديل السياسات الضريبية لضمان توزيع أكثر عدالة للأعباء الضريبية، مع تحفيز الاستثمار في القطاعات الرئيسية، مثل التكنولوجيا والطاقة الخضراء. والمهمة الثالثة هي معالجة المخاوف المباشرة المتعلقة بالتضخم وتكاليف المعيشة، وقد تتخذ الحكومة تدابير إغاثة مؤقتة للأسر ذات الدخل المنخفض أثناء العمل على إيجاد حلول طويلة الأجل، وذلك إضافة إلى تشجيع الابتكار من خلال دعم الشركات الناشئة والتقدم التكنولوجي لتحفيز النمو الاقتصادي.

ويؤكد مصرف بي إن بي باريبا، في تعليق على مهام الحكومة، على الحاجة إلى إصلاحات هيكلية إلى جانب الانضباط المالي لاستعادة ثقة المستثمرين. بينما يسلط مصرف سوسيتيه جنرال الضوء على أن الاستثمارات المستهدفة في التكنولوجيات الخضراء يمكن أن تدر عوائد إيجابية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. أما مصرف كريدي أجريكول، فيؤكد أن الحفاظ على ثقة المستهلك أمر حيوي. ومن ثم، ينبغي للتدابير الاجتماعية أن تصاحب أي خطط تقشفية.

دلالات
المساهمون