رئيسة غرفة التجارة الأميركية في ألمانيا: الرسوم الجمركية المرتفعة ستضر ترامب والاقتصاد

19 يناير 2025
مين: زيادة الرسوم الجمركية سترفع التضخم الأميركي، برلين 6 نوفمبر 2024 (تويتر)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه الشركات الألمانية، خاصة في قطاع السيارات، تحديات بسبب الرسوم الجمركية التي يعتزم ترامب فرضها، مما قد يرفع الأسعار ويزيد التضخم في الولايات المتحدة.
- حذر البنك الدولي من أن الرسوم الأميركية قد تقلص النمو الاقتصادي العالمي، مع احتمال خفض الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 0.9%، بينما قد تستفيد بعض الشركات الألمانية من الوضع.
- دعا السياسيون الألمان إلى تعزيز الاقتصاد الألماني لمواجهة سياسات ترامب، مع التركيز على تحرير التجارة عبر الأطلسي واستعادة القوة الاقتصادية للتفاوض بفعالية.

قد تؤثر الرسوم الجمركية المرتفعة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشدة في الشركات الألمانية، وخصوصاً في قطاع صناعة السيارات، وقد تؤدي إلى فقدان العديد من الوظائف. لكن سيمون مين، رئيسة غرفة التجارة الأميركية في ألمانيا، لا ترى داعياً للذعر. وقالت مين، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) اليوم الأحد، وقبيل تنصيب ترامب غداً الاثنين: "كانت هناك بالفعل العديد من التصريحات بذلك خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ولكن لم تُنفَّذ جميعها. أنصح بالهدوء. لا يوجد داعٍ للصخب".

وأضافت مين أن "الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات من شأنها أيضاً أن تضر بالرئيس ترامب والاقتصاد الأميركي نفسه. ومن ثم فإن الأسعار في الولايات المتحدة سترتفع، وسيزيد معدل التضخم وسيصبح الدولار أكثر قيمة، ما يجعل الصادرات الأميركية أكثر تكلفة. لن يكون هذا جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة. الشركات هناك أيضاً لا تحب حالة عدم اليقين".

وهدد ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات من أوروبا إلى ما بين 10 و20% وعلى الواردات من الصين إلى 60%. وفي يومه الأول في منصبه، يعتزم ترامب فرض رسوم جمركية عالية على جميع السلع المستوردة من المكسيك وكندا، فضلاً عن رسوم جمركية إضافية على السلع القادمة من الصين. وللمقارنة، فخلال فترة ولاية ترامب الأولى، كان متوسط ​​معدل التعريفات الجمركية في الولايات المتحدة حوالى 3%، وفقاً لدراسة أجراها مصرف "كومرتس بنك" الألماني.

وحذر البنك الدولي، الخميس الماضي، من أن الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة المتوقع أن تبلغ 10% قد تقلص النمو الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل، والمرجح أن يسجل 2.7% في 2025 بنحو 0.3 نقطة مئوية إذا رد شركاء الولايات المتحدة التجاريون بفرض رسوم جمركية من جانبهم. وأضاف أن هذه التقديرات تتفق مع دراسات أخرى أظهرت أن زيادة قدرها 10 نقاط في الرسوم الجمركية الأميركية قد "تخفض مستوى الناتج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة 0.4%، في حين أن الرد المماثل من الشركاء التجاريين قد يفاقم التأثير السلبي الإجمالي إلى 0.9%". ومن المتوقع أن يصل متوسط التجارة العالمية في السلع والخدمات التي توسعت 2.7% في عام 2024، إلى نحو 3.1% في عامي 2025 و2026، لكنها ستظل أقل من متوسطات ما قبل الجائحة. 

الحرب التجارية ستفقد آلاف الألمان وظائفهم

ويخشى خبراء الاقتصاد في ألمانيا من اندلاع صراعات تجارية وردود أفعال مضادة من الدول المتضررة، وهو ما قد يؤدي في أسوأ السيناريوهات إلى فقدان مئات الآلاف من الوظائف في ألمانيا. وحذر رئيس البنك المركزي الألماني، يواخيم ناجل، من أن خطط ترامب للرسوم الجمركية قد تكلف ألمانيا 1% من ناتجها المحلي الإجمالي.

وفي الأمد القريب، قد تستفيد شركات ألمانية من الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة، حسبما تتوقع مين، على خلفية دراسة أجراها معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، موضحة أنه لو اضطرت دول أخرى مثل الصين إلى دفع رسوم جمركية أعلى، فإن الشركات الألمانية ستتمتع بميزة إلى حد ما في مثل هذا الوضع. ولا تتوقع مين أيضاً سيناريوهات مرعبة لانتقال واسع النطاق لشركات ألمانية إلى الولايات المتحدة لتجنب الرسوم الجمركية والاستفادة من الضرائب المنخفضة في عهد ترامب، وقالت: "تستغرق الاستثمارات الكبيرة سنوات حتى تكتمل. مغادرة ألمانيا ستكون مكلفة للغاية بالنسبة إلى الشركات. لا يمكن التخلي بسهولة عن سوق كبير وعالي الإيرادات مثل ألمانيا".

وأضافت المديرة المالية السابقة لشركة لوفتهانزا الألمانية للطيران أن العديد من الشركات الألمانية الكبيرة لديها بالفعل وجود قوي في الولايات المتحدة، وقالت: "من الممكن بعد ذلك أن يستثمروا المزيد محلياً"، مشيرة إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تواجه صعوبة أكبر عند السعي لتمثيل نفسها في الولايات المتحدة، وقالت: "هناك شركات عديدة رائدة في السوق العالمية انطلاقاً من ألمانيا، وبالتالي لا يمكنها ببساطة بناء مصنع في مكان آخر بين عشية وضحاها".

وحذرت مين من الإفراط في التشاؤم، وقالت: "نحن في ألمانيا جيدون في التنبؤ بالكوارث. لا ينبغي لنا أن تصور أي شيء كوارث. يُنظَر في الولايات المتحدة إلى ألمانيا باعتبارها موقعاً اقتصادياً بشكل مختلف. لقد شهدنا بعض الاستثمارات الكبرى هنا، وتظل ألمانيا مهمة بصفتها سوقاً للمبيعات"، مضيفة في المقابل أن الأميركيين ما زالوا ينتقدون العبء الضريبي في ألمانيا، وارتفاع أسعار الطاقة منذ سنوات على وجه الخصوص. وأشارت مين إلى أن "البيروقراطية تشكل أيضاً عبئاً كبيراً، ولكنها لا تقتصر على ألمانيا فقط"، وقالت: "هناك العديد من اللوائح في بلدان أخرى أيضاً، لكننا بحاجة إلى أن نكون أسرع بكثير عندما يتعلق الأمر بالموافقات على سبيل المثال"، مشيرة إلى أنه "في الولايات المتحدة غالباً ما تكون البيروقراطية أقل في البداية، ولكن تُسوّى العديد من الأمور لاحقاً أمام المحاكم، وهي عملية طويلة ومكلفة". وقالت: "لقد عانت بعض الشركات الألمانية من هذا الأمر بشكل مؤلم... في الولايات المتحدة ليس كل شيء أسهل". 

ألمانيا القوية اقتصادياً بمواجهة ترامب

في السياق، أعرب المرشح الأول للتحالف المسيحي للانتخابات العامة المقبلة في ألمانيا، وهو الأوفر حظاً بين مرشحي الأحزاب الأخرى لشغل منصب المستشار، فريدريش ميرتس، عن تفاؤله بشأن الولاية الثانية المقبلة لدونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة. وذكر ميرتس في تصريحات إعلامية اليوم الأحد، أنه إذا انتُخب مستشاراً، فسيقترح على ترامب أن يقوم بمحاولة جديدة للتوصل إلى اتفاقية لتحرير التجارة عبر الأطلسي، وقال: "سيستفيد كلا الجانبين من هذا".

من جانبه، أكد الأمين العام للحزب الديمقراطي الحر، ماركو بوشمان، في تصريحات للصحيفة نفسها، ضرورة أن تتعافى ألمانيا اقتصادياً حتى تتمكن من مواجهة ترامب بندية، وقال: "أفضل طريقة للتحدث بشكل معقول مع دونالد ترامب، أن تكون من موضع القوة. قوة ألمانيا كانت دائماً تتمثل بقوتها الاقتصادية"، محذراً من أن ترامب "ليس لديه احترام للضعفاء". وقال: "لذلك من المهم، إذا أردنا أن نكون عاملاً مؤثراً في السياسة الخارجية، وإذا أردنا أن نكون قادرين على التحدث معه بشكل معقول، أن نستعيد قوتنا الاقتصادية".

وأعرب زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لارس كلينجبايل، عن قلقه بشأن التأثيرات المحتملة لولاية ترامب الثانية، محذراً من أن الرئيس الجمهوري سيعلن الحرب على ألمانيا من أجل توفير وظائف في القطاع الصناعي، مؤكداً استعداد بلاده للتعاون، لكنه أوضح في الوقت نفسه، قائلاً: "نحن نمد أيدينا إلى دونالد ترامب، لكن يجب أن يكون هناك أمر واضح: إذا رفض ذلك، يجب أن نكون أقوياء، ويجب أن نكون واضحين، ويجب أن نقاتل من أجل مصالحنا". 

(أسوشييتد برس، العربي الجديد)

المساهمون