دينار ليبيا 2020: انقسام حول توحيد سعر الصرف بعد عقد من الفوضى

دينار ليبيا 2020: انقسام حول توحيد سعر الصرف بعد عقد من الفوضى

02 يناير 2021
تقلّبات سعر الدينار الليبي انعكست غلاء فاحشاً في الأسعار الاستهلاكية (فرانس برس)
+ الخط -

يتفاءل محللون وخبراء اقتصاديون بقرار تعديل سعر الصرف الموحّد لكافة الأغراض التجارية والشخصية، لاعتقادهم أنه يسهم في الاستقرار الاقتصادي بعد سنوات عجاف من الفوضى خلال عقد من الحروب واضطراب سعر الدينار والارتفاع الفاحش لأسعار المستهلكين، وذلك بعدما كان البنك المركزي قد حدّد سعر صرف العملة في مختلف أنحاء البلاد عند 4.48 دنانير للدولار الواحد، بدلاً من السعر الرسمي السابق البالغ 1.4 دينار.

لكن في المقابل، ينتقد خبراء الخطوات التي اتخذها "مصرف ليبيا المركزي" بشأن تعديل سعر الصرف وتخفيض قيمة العملة 70% مع تجميد "المؤسسة الوطنية للنفط" الإيرادات النفطية التي تُعد المصدر الرئيسي لتمويل احتياجات الموازنة العامة.

في السياق، يؤكد الباحث الاقتصادي، علي الشيباني، لـ"العربي الجديد"، أن هناك مؤشرات إيجابية بشأن السعر الموحد، ومنها تعافي إنتاج النفط ورفع القيود عن النقد الأجنبي وفق سعر الصرف الجديد، فضلاً عن بوادر الحل السياسي بين الأطراف المتحاربة، وصولاً إلى قرار إجراء الانتخابات المقبلة.

ويقول عضو اللجنة الفنية لدى المصرف المركزي، مصباح العكاري، إن سعر الصرف الجديد يُسهم في ترسيخ الاستدامة المالية، فيما يعتبر المستشار المصرفي، نوري بريون، أن تعديل السعر "إجراء موجع جداً لغالبية الشعب، خاصة بعدما فقد الناس كل الدعم الذي تقدمه الجمعيات التعاونية الاستهلاكية"، متسائلاً عما إذا كان "الإجراء الخاطئ المتمثل بزيادة سعر صرف الدولار سيفاقم معاناة الليبيين والمقيمين على السواء".

وأوضح بريون لـ"العربي الجديد" أن الإجراء الاقتصادي الصحيح يكمن في أن يكون سعر الصرف الفعلي قريباً من السعر الرسمي، بما يحافظ على القوة الشرائية للدينار ومستوى معيشة الفقراء، داعياً إلى ضرورة إنشاء الحكومة مجلساً أعلى للتنمية الاقتصادية دوره دراسة وتحليل جميع تشوهات الاقتصاد، تمهيداً لوضع خطة معالجة ملائمة لها عبر إرساء سياسات مالية وتجارية مُحفزة للتنمية مع المحافظة على استقرار سعر الصرف.

من جهته، يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، عطية الفيتوري، لـ"العربي الجديد"، إن الطلب على الدولار، أو العملة الأجنبية عموماً، يأتي من مصدرين أساسيين، هما: أولاً مستوردو السلع من الخارج، وثانياً التحويلات المالية من داخل ليبيا إلى خارجها، في عمليات ينفذها مقيمون وغير مقيمين وكذلك الحكومة.

ويبيّن مدير إدارة البحوث والدراسات لدى "المصرف الليبي الخارجي"، نجمي بن شعبان، أن المصرف المركزي ليست لديه القدرة على الاستمرار في ضخ العملة الأجنبية للتداول في الاقتصاد ليلبي الطلب، ولذلك ستكون كمية الطلب على العملة الأجنبية أكبر من كمية العرض الذي يطرحه، ما يؤدي تالياً إلى رفع سعر صرف الدولار، وسينعكس ذلك زيادة في التضخم الذي سيشمل كل السلع والخدمات.

بدوره، يشرح مدير "مركز أويا للدراسات الاقتصادية"، أحمد أبولسين، أن قيمة العملة تكمن في قوتها الشرائية، وستحتاج الدولة إلى كمية أكبر من النقود السائلة عندما ترفع سعر الصرف، وسيكون لهذا الرفع تأثير سلبي على النشاط الاقتصادي ويدفع باتجاه الركود.

وأوضح لـ"العربي الجديد" أن لا معنى اقتصادياً أبداً لتوحيد السعر في السوق الموازي مع السعر الرسمي، لأن في السوق الموازي لاعبين كباراً هم أصحاب رؤوس الأموال، وليس ثمة من سيشتري العملة بسعر 4.5 دنانير ويبيعها بالسعر نفسه.

ورأى أنه خلافاً لهذا السعر لا يمكن الوصول إلى حالة التوازن، وسيظل الاقتصاد في حالة ركود، فيما تحتاج ليبيا إلى العملة الصعبة لسداد فاتورة الواردات السنوية التي تبلغ 30 مليار دولار، إذ حتى المنتجات الأساسية، كالحليب والمياه المعدنية والخضروات، مستوردة من أوروبا وتونس وتركيا في ظل ضآلة الإنتاج محلياً.

المساهمون