دوار الحركة..هل تتغلب السيارات ذاتية القيادة على المشكلة؟

17 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 10:30 (توقيت القدس)
سيارة أجرة ذاتية القيادة من شركة Zoox في لاس فيغاس، 7 أغسطس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دوار الحركة وتحديات السيارات ذاتية القيادة: يشكل دوار الحركة تحديًا كبيرًا للسيارات ذاتية القيادة، حيث يزيد من احتمالية الإصابة بالغثيان بسبب عدم تحكم الركاب في السيارة وعدم قدرتهم على توقع حركاتها.

- حلول مبتكرة لتقليل دوار الحركة: تشمل الحلول تصميم مقصورات تواجه الأمام، وشاشات تعرض ما تلتقطه حساسات السيارة، وتقنيات تتنبأ بحركات المشاة لتقليل التسارعات والمنعطفات.

- تقنيات متقدمة لتحسين تجربة الركاب: تتضمن تطوير مقاعد ذكية تتفاعل مع حركات السيارة، وتقنيات لتقليل الاهتزازات، ومقاعد "الجسم والروح" التي تبث اهتزازات خاصة لمواجهة اهتزازات السيارة.

ينجم دوار الحركة من جراء عوامل عديدة مثل الجلوس داخل السيارة في الاتجاه المعاكس، أو حتى استنشاق روائح معيّنة. كما أن الركاب أكثر عرضة للإصابة به مقارنة بالسائقين، ويرجع ذلك إلى أنهم لا يتحكمون في السيارة، وبالتالي لا يمكنهم توقّع جميع حركاتها وضبط أجسادهم مسبقاً، فحواسهم تتوقّع شيئاً، بينما تقوم السيارة بشيء آخر. ومع تزايد الاهتمام بالسيارات ذاتية القيادة، التي سيكون فيها الجميع ركاباً دون سائقين، يبرز دوار الحركة تحدياً أمام مستقبل الصناعة. فأحد الطموحات الكبيرة التي يعد بها هذا النوع من السيارات هو إمكانية استغلال وقت الرحلة للعمل أو القراءة أو مشاهدة الأفلام. وهذه الأنشطة بالتحديد تزيد من احتمالية دوار الحركة.

ويعرف دوار الحركة أو داء الحركة بأنه الشعور بالغثيان وربما القيء والدوخة عند ركوب المركبات سواء السفن والقوارب، أو السيارة والقطارت والمترو، أو الطائرة، أو حتى ركوب الألعاب في الملاهي، بل ويحدث أحياناً عند مشاهدة الأفلام ثلاثية الأبعاد، وهو ما يطلق عليه دوار الحركة الرقمية. ويحدث دوار الحركة عندما يتلقى المخ إشارات متضاربة، بين ما تراه العين وما تشعر به الأجساد أثناء السفر. ولمنع دوار الحركة من أن يصبح عقبة أمام مستقبل صناعة السيارات الذاتية القيادة، تعمل الشركات والباحثون على إيجاد وسائل لجعل الرحلات أكثر سلاسة وأقل إثارة للدوار. وتشمل هذه الوسائل تقليل الحركات المفاجئة أثناء القيادة، وتعديل تصميم المقصورة الداخلية لتكون أكثر ملاءمة للجهاز الهضمي.

ويقول سام أبولسامد، محلل تكنولوجيا السيارات ونائب رئيس أبحاث السوق في شركة تليمتري في نوفاي بولاية ميشيغن في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، إن البحث عن حلول لمعالجة مشكلة دوار الحركة أمر أساسي لضمان اعتماد واسع للسيارات ذاتية القيادة. ومن المؤكد أن معظم هذه التحديثات تُطرح أولاً في السيارات التقليدية، لندرة السيارات الذاتية حالياً، لكن من المرجح أن تلعب هذه التصاميم دوراً مهماً لاحقاً في جذب الجمهور للسيارات الذاتية. 

الهدف الأول الذي يتم العمل عليه يركز على تصميم مقصورة السيارات. على سبيل المثال، شركة وايمو، المتخصصة في تكنولوجيا القيادة الذاتية والتي تقدم رحلات أجرة عبر سيارات ذاتية، جعلت دوار الحركة محوراً في تصميماتها، بحسب ميغان نيس، رئيسة قسم أبحاث منتجات العملاء بالشركة. ومن بين التغييرات التي أدخلتها الشركة، جعل جميع المقاعد تواجه الأمام. فالرؤية في اتجاه الحركة تساعد كثيراً على تجنّب الدوار. كما تمنح "وايمو" الركاب شاشة تعرض ما تلتقطه حساسات السيارة، بحيث يرى الركاب المشاة والسيارات وراكبي الدراجات بنفس المنظور "الخارق" لسائق "وايمو" الآلي. وتقول نيس: "صحيح أنك لست المتحكم فعلياً، لكن الشاشة تساعدك على فهم ما ستقوم به السيارة والتنبؤ بمناوراتها".

أما الهدف الثاني فيتمثل في تحسين قدرة السيارات الذاتية على القيادة، فشركة May Mobility، التي ستبدأ بتشغيل سياراتها عبر منصتَي Lyft وUber، تستخدم تكنولوجيا تتنبأ بآلاف الاحتمالات التي قد يقوم بها المشاة وراكبو الدراجات والسائقون الآخرون كل ثانية، ثم تضبط مناورات السيارة لتجنب دوار الحركة، عبر تقليل التسارعات المزعجة، والمنعطفات الحادة، والتوقفات المفاجئة. بالنسبة لشركات أخرى، الحل يكمن في إعادة تصميم المقاعد. على سبيل المثال، طورت شركة Motion Sync نظاماً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي يُسمى PreAct، يتنبأ بحركة السيارة مثل الانعطاف أو الفرملة أو التسارع. بعدها تهتز محركات صغيرة داخل وسادة المقعد لتنبيه الراكب مسبقاً، كي يهيّئ جسمه.

ويتوقع مطوّره شوريا أواتار، أستاذ الهندسة في جامعة ميشيغن، أن يُطرح إصدار يمكن تركيبه في السيارات الحالية، التقليدية وذاتية القيادة، خلال عام واحد. كما أشار إلى أن الشركة تعمل مع صانع سيارات على مقعد ذكي يميل تلقائياً مع المنعطفات، لمنع جسم الراكب من الاندفاع في الاتجاه المعاكس، ومن المتوقع طرحه خلال بضع سنوات. وفي السياق ذاته، تعمل شركة بوش على تقليل ميل السيارة عند الانعطاف، إذ إن جسم السيارة عادة ما يميل للخارج عند المنعطفات، مسبّباً اهتزازاً.

وتقول الشركة إن إدارتها لحركة المركبة تقلل هذه الاهتزازات وتحافظ على ثبات السيارة، ما يخفف دوار الحركة. وتؤكد أن هذه التكنولوجيا موجودة بالفعل في سيارات تقليدية، لكنها ترى إمكانات كبيرة لاعتمادها في السيارات الذاتية مستقبلاً. كما تُطوَّر تقنيات ميكانيكية جديدة لتخفيف الارتدادات. فشركة ClearMotion في ماساتشوستس ابتكرت نظام تعليق يستخدم مشغلات على كل عجلة لضخ قوى عمودية، ما يسمح بامتصاص المطبات وظروف الطريق، ويجعل القيادة أكثر سلاسة. وقد طُرحت التقنية في مارس/ آذار الماضي في سيارة NIO ET9 بالصين، ويأمل المسؤولون في توسيع استخدامها في الولايات المتحدة أيضاً.

أما جاغوار لاند روفر فقد طورت مقاعد "الجسم والروح" في طرازات Range Rover SV وDefender OCTA، والتي تعمل على مواجهة اهتزازات السيارة، إذ يمكن أن يؤدي عدم التوافق بين ما يراه الراكب وما يشعر به إلى دوار الحركة، وأحد مسبباته الاهتزازات التي تصل إلى الأذن الداخلية. تقوم هذه المقاعد بمواجهة تلك الاهتزازات عبر بث اهتزازات خاصة بها من خلال مكبرات صوت مدمجة في المقعد، فتخدع الحواس وتخفف من الشعور بالدوار.

المساهمون