دريد لحام وبشار الأسد وتكلفة الاستبداد الفادحة

15 ديسمبر 2024
دريد لحام داعم بارز لنظام بشار الأسد (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الاستبداد وتأثيره على المجتمع السوري: شهدت سوريا تحت حكم بشار الأسد تزايداً في فروع المخابرات على حساب المدارس، مما أدى إلى قمع المعارضة وتدهور الخدمات العامة مثل التعليم والصحة، حيث تم توجيه الموارد لدعم النظام ونشر الخوف.

- دور الكبتاغون في الاقتصاد السوري: لجأ النظام إلى إنتاج وتجارة الكبتاغون لتعويض تراجع النقد الأجنبي، مما ساهم في تمويل النظام على حساب الاقتصاد الوطني واستقرار العملة.

- النتائج الكارثية للاستبداد: أدى الاستبداد إلى انهيار النظام السوري وهروب الأسد، تاركاً اقتصاداً متدهوراً وبنية تحتية متهالكة، حيث خلق استقراراً هشاً أدى إلى الفوضى وانتشار القلق السياسي.

لخص الفنان السوري، دريد لحام، أمس السبت، فترة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، التي دامت نحو ربع قرن، وتكلفة الاستبداد الفادحة التي لحقت بسورية، قائلاً إن "فروع مخابرات الأسد كانت أكثر من عدد المدارس في سورية، وإن الأسد حوّل سورية إلى الرأي الأوحد بلا أي معارضة". وفي إشارة إلى أولويات واهتمامات نظام الأسد وحرصه على إغراق السوريين في الأزمات المعيشية وتغييبهم عن الوعي، قال لحام إنه "يريد سورية بدون مصانع كبتاغون تابعة للسلطة"، مؤكداً بأسلوبه الساخر والتهكّمي الهادئ "لو كنت تماديت في انتقاد بشار الأسد لاستخرجتم عظامي من سجن صيدنايا".

ولمن لا يعرف الكبتاغون فهو مخدر كان ينتجه نظام بشار الأسد والمليشيات التابعة له ورجال الأعمال المحسوبون عليه، لترويجه داخل الأسواق المحلية، وإغراق الدول المجاورة به، ومنها دول الخليج وتركيا والأردن والعراق، وغيرها من دول العالم.

بل وحول نظام الأسد هذا المخدر إلى تجارة رابحة ونشاط تصديري يتربح منهما ملايين الدولارات التي تعوّضه عن تراجع حصيلة النقد الأجنبي، بسبب تهريب الأموال إلى الخارج وتهاوي أنشطة الصادرات والسياحة وتحويلات المغتربين والاستثمار الأجنبي وغيرها.

دريد لحام الذي كان من أشد الداعمين لنظام الأسد، الأب والأبن، لخص سمات الحاكم الطاغية وحكم الفرد المطلق، فآخر ما يهم هذا الحاكم المفروض على شعبه بقوة السلاح هو إقامة المدارس والجامعات والمستشفيات ودور الرعاية الصحية ومؤسسات البحث العلمي، وتحسين الخدمات العامة من تعليم وصحة ورواتب وأجور وبنية تحتية وشبكات طرق وكهرباء ومياه وصرف صحي واتصالات.

كل ما يهم هذا الحاكم الطاغية هو دعم حكمه، وبشكل مطلق، ونشر ثقافة الرعب والترهيب بين المواطنين، وإقامة مزيد من السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة

فكل ما يهم هذا الحاكم هو دعم حكمه، وبشكل مطلق، ونشر ثقافة الرعب والترهيب بين المواطنين، وإقامة مزيد من السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة، ولذا فإن الجزء الأكبر من مخصصات الدولة السورية كان يوجه لتحقيق هذا الهدف وأهداف أخرى، منها قتل السوريين المعارضين وسجنهم، وتحسين أحوال داعمي النظام من منتمين للمؤسسات الأمنية والإعلام والقضاء، وذلك على حساب تحسين الأحوال المعيشية للمواطن، وكبح الغلاء، ودعم استقرار الأسواق، وتحسين الرواتب، وتقوية العملة المحلية الليرة، وتوفير فرص عمل لملايين الشباب، ومكافحة البطالة والعشوائيات.

ونتيجة تكلفة الاستبداد الفادحة هي انهيار نظام الأسد في أيام معدودة، وهروب بشار إلى روسيا، تاركاً خلفه حزباً يتهاوى بسرعة البرق، ونظاماً قمعياً ينهار بين ليلة وضحاها، بعد أن قضى ووالده خمسة عقود في الحكم. كما ترك خلفه اقتصاداً متهاوياً، وبنية تحتية متردية، وخدمات لا تليق بمواطن يعيش في العصور الوسطى، وديوناً ضخمة، وتبعية للحلفاء، ورهن مقدرات الدولة.

الاستبداد والطغيان والديكتاتوريات المطلقة لن تحمي وطناً، بل تضيّع دولاً وأوطاناً وإمبراطوريات كبرى كما يخبرنا التاريخ، والأمثلة كثيرة، أين الاتحاد السوفييتي، وألمانيا هتلر، وإيطاليا موسوليني وغيرهم من القوى العالمية الكبرى التي انهارت بسبب الطغيان وحكم الفرد؟، وما هو مصير طغاة أمثال ستالين ولينين وعيدي أمين وهوشي منه وبول بيا وغيرهم؟

الاستبداد لا يصنع استقراراً حقيقياً، بل يصنع استقراراً مزيفاً وهشاً أقرب إلى بيت العنكبوت، وتكون نتيجته النهائية هي الفوضى، وكذا لا يحمي الاستبداد الحاكم الفرد من السقوط المدوي والسريع مهما بلغ جبروته. والوطن هو من يتحمل تكلفة الاستبداد في النهاية.

قد تفوق كلفة الطغيان كلفة الحروب الأهلية، خاصة إذا ما صاحبه انتشار أمراض خطيرة، منها القلق والغموض السياسي واللايقين

وقد تفوق تكلفة الاستبداد وكلفة الطغيان أعباء الحروب الأهلية، خاصة إذا ما صاحبه انتشار أمراض خطيرة، منها القلق والغموض السياسي واللايقين، وهذه الأمراض لها انعكاسات شديدة على كل شيء، بداية من الوطن واقتصاده، ونهاية بمناخ الاستثمار، فالحروب لها بدايات ونهايات، منتصر يسعى إلى وضع نهاية سريعة للحرب وتعظيم مكاسبه، ومهزوم يسعى لطي تلك الصفحة حتى يحصي خسائره، ويقلل منها ويحجّمها.

أما المستبد فلا يهمه تهدم دولته، وآخر ما يشغله قضايا من عينة بناء وطن وتحسين حال المواطن وتقوية الاقتصاد، ولا يعنيه انهيار دولة ومقوماتها، سواء الاقتصادية أو الجغرافية أو حاضرها ومستقبلها، كل ما يهمه هو أن يظل في السلطة وللأبد، لذا يوجه معظم ثروات ومقدرات الدولة نحو زرع ثقافة الخوف في قلوب الناس، وتغييب الوعي، ونشر الفساد. وهذا ما فعله بشار الذي كان كل ما يشغله هو نشر ثقافة القتل والتخويف، والاختفاء القسري، وتغييب الوعي.

المساهمون