دخول تركيا ثانية بالممنوع

دخول تركيا ثانية بالممنوع

25 أكتوبر 2021
الليرة التركية تواصل التراجع
+ الخط -

شراكة ومنافع متبادلة، هذا العنوان الأبرز الذي رفعه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال جولته الأفريقية الأسبوع الماضي، وليس استغلال دول إمبريالية كما قدمه الاستعمار.

بيد أن هذه الإشارة، للدول الأوروبية وفرنسا خاصة، كانت كفيلة بنكء جروح "الاستعمار القديم" وفتح العين الأوروبية، من جديد، على تركيا، بعد دخولها بالممنوع وتنقيبها عن الثروات الباطنية، من غاز ونفط، بالبحر المتوسط، ومطالبتها، حتى بحصة قبرص الشمالية وملامح الاصطدام، منذ أعوام، مع قبرص الرومية واليونان، ومن ورائهما فرنسا ودول أوروبية أخرى.

عاد أردوغان بغلة اتفاقات وفيرة" عسكرية، دفاعية، صناعية، تجارية، زراعية، ثقافية، وفي مجال الطاقة"، بعد زيارة توغو وأنغولا ونيجيريا

وأما أن يصل النفوذ التركي إلى مناجم منافع أوروبا بالقارة السمراء، بعد بناء أكبر قاعدة عسكرية لتركيا خارج أراضيها في الصومال، وتوقيع أنقرة العام الماضي، اتفاقية أمنية سرّية مع النيجر، فالأمر لم يعد تصدير واستيراد ورفع حجم التبادل بين أنقرة ودول القارة إلى 50 مليار دولار.

قصارى القول: عاد الرئيس التركي من أفريقيا، بغلة اتفاقات وفيرة" عسكرية، دفاعية، صناعية، تجارية، زراعية، ثقافية، وفي مجال الطاقة"، بعد زيارة توغو وأنغولا ونيجيريا، ليعلن غير مرة من القارة التي وصفها بالمظلومة، أن علاقة بلاده مع القارة الأفريقية، تنطلق من مبدأ المنافع المتبادلة، في مقابل ما عانته وما زالت تعانيه دولها من الاستنزاف التام لمواردها لصالح دول الغرب ذات الخلفية الاستعمارية.

فالرجل كان واضحاً لأسباب زيارته وإصبع اتهامه "لسنا ممّن يتّبعون سياساتٍ استعمارية قديمة بوسائل وطرق حديثة، نحن نسعى لتحقيق النجاح والمسير جنباً إلى جنب مع إخوتنا الأفارقة" طارحاً وفق منطق المصالح، صيغة لم تسمعها الدول الأفريقية من ذي قبل "رابح-رابح".

وما إن وصل أردوغان إلى أنقرة، من جولته الثامنة والثلاثين لأفريقيا منذ وصوله لمنصب رئيس وزراء، حتى افتتحت إسطنبول، 21 و22 أكتوبر الجاري، منتدى الأعمال التركي الأفريقي الثالث الذي أرسى "رؤى مشتركة للتعاون" وتعالت خلال جلساته على مدى يومين، الأصوات لتعزيز العلاقات وزيادة حجم التبادل والاستثمارات.

بل أشارت تركيا أثناء المنتدى، إلى أن التتمة لهذه الطروحات وتجسيدها واقعاً وأرقاماً، ستكون خلال القمة المشتركة التركية الأفريقية، والتي ستستضيفها إسطنبول أيضاً، في 17 و18 كانون الأول/ديسمبر المقبل، للاستمرار بالشراكة والتبادل التجاري الذي ارتفع، منذ وصول "حزب العدالة والتنمية" للحكم بتركيا عام 2002، من 5 مليارات إلى 25 مليار دولار، والطموح أن يصل لخمسين مليارا، وآمال تعاون متفائلة، عبر عنها وزير الصناعة والتجارة والاستثمار النيجيري ريتشارد أدينيي أديبايو.

التبادل التجاري ارتفع منذ وصول "العدالة والتنمية" للحكم تركيا عام 2002، من 5 مليارات إلى 25 مليار دولار، والطموح أن يصل لخمسين مليارا

نهاية القول: كيف يمكن أن تتجلى ردود الأفعال الأوروبية، والفرنسية بمقدمتها، مع ما يعتبرونه، توسع النفوذ التركي ومد اليد على الكنز الأفريقي بعد التنفيذ وليس التصريح، بالتنقيب عن الطاقة بالبحر المتوسط ومواجهة "منتدى غاز المتوسط"، وكيف يمكن أن تتعاطى واشنطن، بعد ما قيل عن "تركيا وطائراتها المسيرة في أفريقيا.. هل هو تحول إلى القوة الصلبة؟".

هل سيتم التعاطي بليونة، مع عملاق استيقظ، على اعتبار التوجه التركي لأفريقيا، ما هو إلا حقل إعادة تأهيل للسياسة الخارجية، التي تعطلت بسبب التطورات في البلدان المجاورة، لا سيما في سورية، وربما الخيبة التركية من استعادة العلاقات مع الدول العربية، بعد زيادة الشروط المصرية وتلكؤ السعودية وتردد الإمارات. أم ستشهد تركيا حرباً اقتصادية ومالية وعقوبات.. وربما أكثر.

موقف
التحديثات الحية

الأرجح، وبعيداً عن التنجيم والإفتاء، بالإجابة على تلك الأسئلة الكبيرة، ستعاني تركيا من ضغوطات، أوروبية أميركية مستمرة، تزيد على الأرجح من تراجع التجارة وتهاوي سعر الليرة وتردد الاستثمارات.

ولعل في نبش قضية رجل الأعمال التركي المعتقل، عثمان كافالا، ومطالبة "الولايات المتحدة وألمانيا والدنمارك وفنلندا وفرنسا وهولندا والسويد وكندا والنرويج ونيوزيلندا" بالإفراج عنه، أول الغيث.

بيد أن تتمة فتح الاحتمالات ربما، تأتي من ردة فعل تركيا غير المتوقعة. فأن يصدر الرئيس التركي تعليمات لاستدعاء سفراء 10 دول، وإعلانهم أشخاصا غير مرغوب فيهم بأسرع وقت، خروج ربما عن التوقعات الأوروبية الأميركية، التي ستعيد النظر بصفعات تركية لنرى مع المترقبين، أي شكل سيأخذه الصراع، في عالم يعاد رسمه من جديد.

المساهمون