خيارات المغرب لتأمين الغاز: التنقيب ومنافذ جديدة للاستيراد

خيارات المغرب لتأمين الغاز: التنقيب ومنافذ جديدة للاستيراد

25 ابريل 2022
الرباط تبحث استيراد الغاز من دول خليجية (Getty)
+ الخط -

دخل المغرب في سباق مع الزمن من أجل تأمين الغاز الطبيعي لتوفير الكهرباء، في الوقت الذي يمضي فيه في تطوير الطاقات المتجددة والانخراط في مشاريع الربط الكهربائي مع بلدان أوروبية.
لا يكتفي المغرب، الذي يستورد 94 في المائة من حاجياته من الوقود، بالسعي لتأمين الغاز، بل يرنو إلى بلورة مشاريع الربط الكهربائي مع بلدان أوروبية، بهدف تكريس الانتقال الطاقي منخفض الكربون، فقد أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، في مستهل الأسبوع الماضي، عن الانكباب على تطوير خط ثالث للربط الكهربائي مع إسبانيا، في الوقت نفسه، الذي تنجز فيه دراسة جدوى لخط مع البرتغال.
بالموازاة مع ذلك، ينتظر الكشف عن مزود أو مزودي المغرب بالغاز الطبيعي من أجل تشغيل محطتين كهربائيتين في الأيام المقبلة، حيث ينتظر أن يعوض ذلك الغاز الجزائري، بعد قرار الجارة الشرقية التوقف عن ضخ الغاز نحو إسبانيا عبر المغرب بواسطة الأنبوب المغاربي - الأوروبي.
ويمتد أنبوب الغاز المغرب - أوروبا، الذي شرع العمل به في 1996 قبل القرار الجزائري، على مسافة 1300 كيلومتر، حيث ينطلق من حاسي الرمل، ويعبر 540 كيلومترا على الأراضي المغربية، قبل أن يواصل مساره، البحري والبري، إلى غاية قرطبة في إسبانيا.

وكانت الجزائر تزود إسبانيا بتسعة مليارات متر مكعب من الغاز، واستطاع المغرب تأمين جزء من استهلاكه من الغاز من الإتاوات العائدة له نتيجة لعبور أنبوب الغاز نحو أوروبا، حيث كان يوجه ذلك الغاز لمحطتي إنتاج الكهرباء في تهدارت وبني مطهر.
ولا يمثل الغاز نسبة حاسمة في إنتاج الكهرباء في المغرب، حيث يمثل حوالي 10 في المائة، بينما يأتي 60 في المائة من إنتاج الكهرباء من النفط و25 في المائة من الفحم، والباقي من الطاقات المتجددة.
وسيحتاج المغرب لتأمين حوالي مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، بعدما كان يحصل عبر الأنبوب المغاربي - الأوروبي على حوالي 640 مليون متر مكعب في العام على مدى 10 أعوام.

توريد وعبور
يتجه المغرب نحو طي صفحة أنبوب الغاز المغاربي - الأوروبي تماما، عبر التزود بالسوق الدولية. فقد أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن مسألة عبور الغاز نحو المغرب تمت تسويتها عبر محادثات مع إسبانيا وفرنسا والبرتغال، حيث يرجح أن تكون تلك البلدان محطة لعبور ومعالجة الغاز الطبيعي قبل توريده للمغرب.
وتنكب لجنة مكونة من المكتب الوطني للماء والكهرباء والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن ووزارة الانتقال الطاقي والمعان، على دراسة حوالي عشرة عروض متوصل بها، حيث سيتعلق الأمر بعقود متوسطة وطويلة الأمد.
لم تقدم الوزارة تفاصيل حول مصدر الغاز الطبيعي المتوقع، غير أن الخبير في الطاقة، المهدي الداودي، يؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الغاز يمكن أن يأتي من دول من الخليج أو الولايات المتحدة الأميركية، التي أضحت أول مزود لإسبانيا بالغاز الطبيعي في الفترة الأخيرة.
كيف سيتم ذلك؟ يؤكد الداودي أن يتم ذلك عبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال، التي ينتظر أن ترسو بإسبانيا التي تتوفر على وحدات من أجل معالجة الغاز قبل إيصاله للمغرب، وهي العملية التي يرتقب أن تتم عبر أنبوب الغاز المغاربي - الأوروبي، الذي قررت الجزائر التوقف عن استعماله، علما أنه أضحى في ملكية المغرب منذ نهاية أكتوبر/ تشرن الأول الماضي.
وتفيد تقارير إعلامية من إسبانيا، أن هذه الأخيرة استجابت لطلب المغرب من أجل ضمان أمنه الطاقي، حيث يمكن استعمال أنبوب الغاز المغربي من الجهة المعاكسة، حيث يمكن للمغرب شراء الغاز من السوق الدولية وإعادة تحويله في إسبانيا، على اعتبار أن المملكة تتجه نحو إنجاز مشاريع للتحويل.
وكانت تقارير أكدت أن تسيير الغاز من إسبانيا نحو المغرب يحتاح لبعض التعديلات التقنية الطفيفة، علما أن ذلك يبقى رهينا باتفاق بين الشركة الإسبانية المتخصصة في شراء ونقل وإعادة تحويل Regazéfication وتخزين الغاز الطبيعي ونظيرتها في المغرب، بهدف تحديد قواعد الاستغلال التقني للأنبوب.

تكاليف إضافية
يعتبر المهندس يونس عمار، أن استيراد الغاز عبر ناقلات ومعالجته في الخارج وضخ عبر الأنبوب ستكون مرتفعة التكلفة، في ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في السوق الدولية، مشيرا إلى أن السعي لتوفير الغاز الطبيعي يراد منه عدم الإمعان في استعمال الفحم وتخليص الاقتصاد من الكربون في أفق الاستجابة لذلك المطلب الأوروبي.

وينبه عمار إلى أن الكلفة لن تتضمن فقط سعر الغاز المرتفع، بل ستشمل تكاليف أخرى ذات الصلة بمعالجة الغاز في إسبانيا وتخزينه ونقله إلى الأنبوب المغاربي.
يأتي ذلك في سياق متسم بترقب ارتفاع تكاليف شراء الهيدوكاربورات والمنتجات الطاقية من قبل المكتب الوطني للكهرباء، التي ينتظر أن تقفز إلى حوالي 4.8 مليارات دولار في العام الحالي، مقابل 2.3 مليار في العام الماضي وملياري دولار في العام الذي قبله.

تنقيب ومخزون
في غضون ذلك يواصل المغرب التنقيب عن الغاز في العديد من المناطق، حيث إن ما يستخرج من بعضها من قبل شركات في الأعوام الأخيرة، يسخر لتغذية بعض الصناعات المحلية.
غير أن الاهتمام ينصب أكثر على بعض المناطق التي تكشف عن إمكانيات واعدة، حسب ما يعلن عنه بشكل دوري، علما أن المخطط الذي تبناه المغرب يرمي إلى حفز 27 بئرا، أربع منها وسط البحر في الفترة الممتدة بين 2022 و2024.
وقد اكتشفت شركة ريبسول بساحل العرائش بغرب المنطقة عن كميات من الغاز، والتي تم تأكيدها بواسطة البئر المنجزة في نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي من قبل شركة ماريوت أويل.
وعمد في منطقة تندرارا إلى حفر خمس آبار من قبل المكتب الوطني للهيدروكاربورات وساوند إينيرجي بين 2016 و2019، حيث أبانت بئران عن وجود الغاز الطبيعي، وأبرمت اتفاقية "امتياز استغلال" لتطوير الحقل وتأهيله للإنتاج.

يواصل المغرب التنقيب عن الغاز في العديد من المناطق، حيث إن ما يستخرج من بعضها من قبل شركات في الأعوام الأخيرة، يسخر لتغذية بعض الصناعات المحلية

وتم في المنظمة البحرية طرفاية وأكادير حفر سبع آبار، ثلاث منها في المياه غير العميقة أبانت اثنتان منها عن جود بترول ثقيل، وحفرت أربع آبار في المياه العميقة، أظهرت ثلاث منها مؤشرات البترول والغاز حيث تمت البرهنة على وجود أنظمة بترولية فعالة.
ويعتبر المهدي الداودي، أن المؤكد من عمليات التنقيب احتواء منطقة تندرارا على ما بين 7 و10 مليارات متر مكعب من الغاز، يمكنها تزويد محطتي إنتاج الكهرباء، إذا ما وفرت بنيات المعالجة، كما تأكد احتواء منطقة العرائش ما بين مليارين وثلاثة مليارات متر مكعب، بينما يبقى ما أعلن عنه من اكتشاف مليار متر مكعب في المنطقة البحرية بأكادير مجرد تخمين ما دامت الشركة المكلفة بالمشروع لم تتحدث عن مخزون مؤكد.

المساهمون