خط قوة سيبيريا 2 يغير خريطة تجارة الغاز المسال ويهدد خطط ترامب للهيمنة على الطاقة
استمع إلى الملخص
- تأثير الاتفاق على السوق العالمية للغاز: سيؤدي الاتفاق إلى تقليل واردات الصين من الغاز المسال، مما يخلق وفرة في المعروض ويخفض الأسعار، وهو ما يتعارض مع التوجهات الأميركية.
- التحديات أمام الهيمنة الأميركية: مشروع "قوة سيبيريا 2" سيتيح لروسيا تصدير 58 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى الصين، مما يهدد فائض الطاقة الأميركية ويقوض خطط ترامب.
بعد سنوات من تعثر المفاوضات والاختلاف، أعلنت موسكو وبكين خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبكين ولقائه الرئيس شي جين بينغ عن التوصل لاتفاق بشأن الشروع في خط قوة سيبيريا 2 لتصدير الغاز الروسي إلى الصين، وهو ما سيغير خريطة صادرات الغاز في العالم ويهدد خطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب للهيمنة على الطاقة في العالم، وفقا لتقرير وكالة بلومبيرغ الأميركية اليوم الثلاثاء.
أدت بعض التطورات في الفترة القليلة الماضية إلى تسريع التقارب بين روسيا والصين، حيث شن ترامب حربا تجارية على الصين بفرض رسوم جمركية ضخمة، كما فرض قيوداً على صادرات التكنولوجيا خاصة الرقائق إليها، ومن جهة ثانية تراكمت العقوبات الغربية على روسيا منذ استيلائها على شبه جزيرة القرم في 2014 ثم تصاعدت مع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، حيث يمهد الاتحاد الأوروبي حاليا لحزمة العقوبات الـ19 ضد روسيا.
ووفقا للتقرير ذاته، فإن واردات الصين من الغاز الروسي سيخفض وارداتها من الغاز المسال، مما سيؤدي إلى وفرة المعروض وانخفاض أسعاره وهو ما يخالف التوجهات الأميركية التي تتوسع في صناعة الغاز المسال لتكون القطاع الأول في الصادرات مستقبلا، وهو ما يساهم في تقويض خطط ترامب للطاقة، علما أن الصين لم تستورد أي شحنة من الغاز المسال الأميركي منذ فبراير/شباط الماضي وحتى أول سبتمبر/أيلول الجاري، بينما استملت أول شحنة من الغاز الروسي المسال في أغسطس/آب أركتيك 2"، الذي عانى من ضغوط بسبب العقوبات الأميركية، وواجه صعوبة في إيجاد مشترين منذ إدراجه في القائمة السوداء في أواخر عام 2023 من إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
والسبت الماضي، وصلت ناقلة النفط فوسخود، التي تحمل ثاني شحنة من مصنع الغاز الطبيعي المسال 2 في القطب الشمالي إلى محطة استيراد بيهاي في جنوب الصين، طبقاً لبيانات تتبع السفن التي جمعتها وكالة بلومبيرغ. وأعلن وزير الطاقة الروسي، سيرجي تسيفيليوف، الخميس، أن روسيا والصين وقعتا اتفاقيات لتوريد ما مجموعه 106 مليارات متر مكعب من الغاز الروسي إلى الصين سنوياً، وذلك نتيجة لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين.
وقال تسيفيليوف في تصريحات على هامش "منتدى الشرق الاقتصادي" في مدينة فلاديفوستوك، وفقاً لوكالة تاس الروسية، إن "هذا يمثل بديلاً ضخماً عن إمداداتنا إلى أوروبا التي رفضها شركاؤنا الأوروبيون من جانبهم". وأضاف تسيفيليوف أن روسيا وجدت الحل في توجيه إمدادات الغاز الروسي نحو الشرق. وحالياً، تتسلم الصين الغاز الروسي عبر خط "قوة سيبيريا" الذي قد تبلغ طاقته التمريرية القصوى 38 مليار متر مكعب سنوياً، بالإضافة إلى الغاز الطبيعي المسال من إنتاج مجمع "يامال".
تهديد خطط ترامب للهيمنة على الطاقة
بينما أشار الكاتب المتخصص في شؤون الطاقة ليام دينينغ في مقال في بلومبيرغ اليوم الثلاثاء، إلى أن دبلوماسية خطوط الغاز الصينية الروسية بمثابة كابوس لقطاع الغاز الأميركي. وأشار أن هناك معركة حاليا بين قوة سيبيريا وبمواجهة خطة هيمنة الطاقة الأميركية التي روج لها ترامب. وأضاف أن "قوة سيبيريا 2 سيتيح 58 مليار متر مكعب سنويًا (أو 5.6 مليارات قدم مكعبة يوميًا) من الطاقة لتغذية الصين بالغاز الروسي مباشرةً. وهو ما يعادل نحو نصف الزيادة المتوقعة في الطلب الصيني على الغاز خلال العقد المقبل، وربع الطلب العالمي الإضافي إجمالا، مشيرا إلى أن ذلك بالنسبة للولايات المتحدة سيفاقم من فائض الطاقة الأميركية ويهدد جوهرة مشروع ترامب للهيمنة في قطاع الطاقة ممثلا في الغاز المسال.
وتُعدّ الولايات المتحدة بالفعل أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم حاليا، وتقود توسعًا هائلًا في طاقة التسييل. وتوقع وزير الطاقة كريس رايت في فعالية لمجلس الشؤون الخارجية الأسبوع الماضي، أن يصبح الغاز الطبيعي المسال أكبر صادرات البلاد. وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أواخر العام الماضي، ارتفاع الطلب العالمي السنوي على الغاز الطبيعي المسال بنحو 144 مليار متر مكعب بين عامي 2023 و2030.
ومع ذلك، من المتوقع أن يزيد المعروض بما يقارب ضعف هذه الكمية. ويأمل القطاع بشدة أن يتلاشى هذا الفائض مع استمرار نمو الطلب وتراجع الطفرة في طاقة التصدير. ومن شأن ضخ 58 مليار متر مكعب من الغاز الروسي العالق فعليا في المعادلة أن يُبدد هذا الأمل، وفقا لدينينغ، خاصة في ظل توقع وزارة الطاقة الأميركية في تقرير حديث عن "ارتفاع إمدادات النفط والغاز"، والذي سيؤدي إلى انخفاض أسعار الغاز في عامي 2030 و2035 بنسبة 25% و37% على التوالي، مقارنةً بتوقعاتها الأساسية.
وعلى المستوى القريب، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يشهد العام المقبل أكبر زيادة في إنتاج الغاز المسال منذ عام 2019، مدفوعةً بازدهار الصادرات الأميركية، مقابل تباطؤ الطلب التي عززت إنتاجها المحلي وأبرمت صفقات أنابيب مع روسيا من بينها قوة سيبيريا 2 مما يقلص اعتمادها على الغاز المسال.
وأشار دينينغ إلى أن مشروع "قوة سيبيريا 2" سينوع مصادر الغاز في الصين، ويُقرب روسيا استراتيجيا واقتصاديا منها، ويُوجّه ضربةً لسياسة ترامب في مجال الطاقة. وتزامن مع ذلك وفقا للكاتب مع استراتيجية التنويع الشاملة في قطاع الطاقة في الصين، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري بالتوسع في مصادر الطاقة المتجدة والنووية.