استمع إلى الملخص
- مراحل التنفيذ والتمويل: تشمل الخطة إزالة الأنقاض وإصلاح البنية التحتية، وبناء 200 ألف وحدة سكنية، بتمويل من تبرعات دول الخليج والدول العربية، مع تنظيم مؤتمر دولي لجمع الأموال اللازمة.
- الدعم العربي والدولي والمخاطر: تشدد الخطة على دعم الدول العربية والإسلامية ومشاركة الأمم المتحدة ودول كبرى، مع التحذير من مخاطر الاعتماد على الرعاية الأمريكية فقط.
قدمت مصر خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، للزعماء والقادة العرب الذين حضروا، أمس الثلاثاء، القمة العربية الطارئة بالقاهرة، داعية رؤساء الوفود إلى تبني الخطة، باعتبارها بديلاً نهائياً للمشروع الذي طرحه الرئيس الأميركي ترامب، والمدعوم إسرائيلياً، بتهجير الفلسطينيين، من أرضهم لإقامة ما يسمى بـ"ريفييرا غزة".
جاءت تكلفة المشروع، وفقاً للخطة المصرية، مطابقة لما انفردت به "العربي الجديد" أمس، عند حدود 53 مليار دولار، تنفق على مدى 5 سنوات، تستهدف تحويل غزة إلى قطاع اقتصادي وسياحي وإنتاجي، يستوعب نحو 3 ملايين نسمة، وتحويله إلى ملاذ استثماري للفلسطينيين والمستثمرين العرب والشركات الدولية، بما يضمن استدامة الأمن والتنمية الاقتصادية الشاملة.
تعتمد الخطة على تمويل مشروعات إعادة الإعمار من الدول العربية والمؤسسات الدولية، التي ستتولى الرقابة على المصروفات والإشراف على إدارة عمليات الإعمار طوال مراحلها المختلفة، لتعزيز الشفافية، وتحقيق الاستقرار السياسي، والاستدامة الاقتصادية.
تأتي التصورات وفق دور محدد اختارته السلطات المصرية، بأن تحتفظ بدور الوسيط، بين أطراف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ورغم وضوح الرؤية الفنية والمالية والجدول الزمني والتنفيذي لمشروع إعادة الإعمار، فإنها تبدو خالية من مسار أمني يضمن وقف حرب تسعى إسرائيل إلى تأجيجها من جديد، في ظل عدم وجود مصير واضح للسلطة الجديدة في غزة، ومستقبل "حماس"، مع حالة عدم يقين تزداد غموضاً مع حصول تل أبيب على دعم ترامب بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وموافقة على ما تتخذه إسرائيل من إجراءات بقطاع غزة.
تكلفة المرحلة الأولى 20 مليار دولار
وفقاً للرؤية المصرية، يجري تنفيذ خطة إعادة إعمار غزة، على عدة مستويات لمعالجة الأوضاع الإنسانية، وتحقيق الاستقرار الأمني، وتبدأ بإزالة الأنقاض وإصلاح البنية التحتية، بما فيها الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وتوفير مساكن مؤقتة للنازحين، خلال فترة التعافي المبكر التي تمتد لنحو 6 أشهر، على أن تجري إدارة القطاع من قبل لجنة إدارية، تعمل تحت مظلة حكومة السلطة الفلسطينية.
تبلغ تكلفة المرحلة الأولى نحو 5 مليارات دولار، وتشمل تخصيص 7 مناطق في غزة لتوفير الإسكان المؤقت لنحو 1.5 مليون فلسطيني، بما يضمن بقاءهم في أراضيهم، وتجنب التجهير القسري أو الطوعي.
تستهدف الخطة تأمين تمويل بقيمة 20 مليار دولار على مدى سنتين، للصرف على المشروعات المدرجة بالمرحلة الأولى، تشمل بناء 200 ألف وحدة سكنية، تليها المرحلة الثانية التي تستغرق نحو عامين ونصف العام بتكلفة نحو 30 مليار دولار، وتشمل بناء 200 ألف وحدة سكنية أخرى ومطار بغزة.
تمويل خليجي عربي ولجنة لإدارة الأموال
من تبرعات دول الخليج والدول العربية، مع تنظيم مؤتمر دولي لجمع القيمة الشاملة لعمليات إعادة الإعمار التي ترتفع إلى نحو 53 مليار دولار، سيجري تأمين تمويلها من الدول العربية والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية، واللازمة لجميع المراحل الفنية والزمنية للمشروع، بما يضمن توفير حول مستدامة لإعادة إعمار غزة، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي بالمنطقة.
تقترح الخطة المصرية، تشكيل لجنة دولية لإدارة أموال الإعمار، التي ستقدمها كل من السعودية وقطر والإمارات ودول أخرى، عبر منح أو قروض ميسرة، لضمان توزيع المخصصات بشفافية على المشروعات الحيوية، وإشراف الجامعة العربية والمؤسسات المالية والدولية المساهمة في التمويل على تنفيذ الخطة، مع التركيز على مشروعات اقتصادية واستثمارية داخل غزة، تضمن توفير فرص عمل للفلسطينيين، واستخدام الموارد المحلية في الإنتاج.
تدعو الخطة إلى تنظيم مؤتمر دولي للمانحين، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية لجمع الدعم المالي، مع العمل على إنشاء صندوق دولي لإدارة تمويل عمليات إعادة الإعمار، تحت إشراف الجامعة العربية والبنك الدولي وصندوق النقد.
تقترح الخطة تسهيلات ضريبية وحوافز للمستثمرين لجذب الاستثمارات العربية والدولية للعمل في القطاعين الصناعي والتجاري داخل غزة، بما يوفر حلولاً اقتصادية تمنع انهيار الوضع المعيشي وإعادة إعمار مستدامة.
خطة بديلة للتهجير في غزة
أكد رئيس حزب التحالف الاشتراكي المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، أن الخطة المصرية ستظل البديل المناسب عربياً للرد على مخطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يتماهى مع مخطط صهيوني واسع، لتطهير الأراضي الفلسطينية من شعبها، وإزالة أية رموز تدل على حضارته ووجوده بغزة، وغيرها من الأراضي المحتلة، منوها بضرورة أن يكون للدول العربية والإسلامية موقف واضح، لدعم تلك الخطة، حتى لا يتمكن ترامب والتيار الصهيوني المتطرف في تل أبيب بزعامة نتنياهو من تنفيذ مخططاتهم بطرد أبناء غزة من أرضهم، والتي ستكون بداية لانهيار مصر والمنطقة العربية، وتنفيذ ما يسمى بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
قال شعبان لـ"العربي الجديد" إنه على العرب أن ينجحوا في هذا التحدي الذي تفرضه الصهيونية العالمية، والذي يستهدف إخراج العرب من التاريخ، مؤكداً أن الخطة المصرية جيدة من حيث المبدأ، حيث يمكن لمصر أن تقدم الخبرات الفنية والتسهيلات الهندسية، والعمالة المدربة، على أن تلتزم دول الخليج والدول العربية والإسلامية بتقديم الدعم المالي، دون ربط المساعدات بموافقات أميركيا والمؤسسات المالية الدولية التي تتحكم في قراراتها، حتى لا تتعرض مخططات مشروعات إعادة الإعمار للتوقف أو أية مشاكل تثيرها تل أبيب وواشنطن أثناء التنفيذ.
ويؤكد البرلماني السابق، عبد الحميد كمال، أن الدول العربية لديها من مصادر القوة الاقتصادية ما يجعلها تفرض شروطها على الدول الداعمة لإسرائيل، لإجبارها على وقف إطلاق نار دائم في غزة، والاستفادة من الاستثمارات العربية الهائلة بالولايات المتحدة والبنوك الغربية، لدفع المؤسسات المالية الكبرى نحو دعم مشروعات إعادة الإعمار، مشدداً على أنه في حالة عدم التزام الجانب الإسرائيلي بتحقيق الأمن اللازم، بما يضمن عدم تدمير غزة مرة أخرى، فعلى الدول العربية أن تتخذ موقفاً واضحاً من عمليات التطبيع مع إسرائيل، يبدأ بسحب السفراء ثم المقاطعة الشاملة.
ويشدد كمال على ضرورة مشاركة الأمم المتحدة والصين والهند وروسيا في خطة إعادة الإعمار، بما يضمن استمرارها، محذراً من مخاطرة الخطة بوضع مستقبل تنفيذ الخطة أمنياً تحت الرعاية الأميركية بمفردها.