خصخصة مطارات مصر... مخاوف من التهريب وكلف السفر

28 يناير 2025
مسافرون في مطار القاهرة الدولي، 3 يونيو 2024 (سيد حسن/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتجه الحكومة المصرية نحو خصخصة المطارات بحلول عام 2025 لتخفيف العبء المالي، ضمن برنامج الطروحات العامة المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، مع تلقي عروض من شركات أوروبية وإمكانية الحصول على قروض بقيمة 7.4 مليارات يورو.
- أثارت الخطة جدلاً حول تأثيرها على الأمن القومي وإمكانية التهريب، بينما يراها البعض فرصة لتحسين السياحة والخدمات، مع الحفاظ على سيادة الدولة على الأصول.
- يدعو الخبراء إلى وضع ضوابط لحماية المسافرين وضمان الرقابة الأمنية، مع تحويل المطارات إلى مشاريع متكاملة لجذب شركات الطيران الدولية.

 

يبدو أن عام 2025 سيشهد حسماً سريعاً في اتجاه الحكومة المصرية نحو خصخصة المطارات، التي ظلت متأرجحة على مدار العامين الماضيين، منذ أعلن مجلس الوزراء عن قبوله طرح بعض المطارات العامة، أمام الشركات الدولية والمحلية لإدارتها وتشغيلها لتخفيف عبء نفقاتها على الموازنة العامة للدولة.

وأكدت مصادر باتحاد الغرف السياحية، شاركت باجتماعات اللجان الاقتصادية السياحية الاستشارية عقدت مؤخراً بمجلس الوزراء ومؤسسة الرئاسة، أن خصخصة المطارات أصبحت أمراً حتمياً، لإزالة ضغوط الديون المتراكمة على قطاع الطيران، ورفع كفاءة المطارات التي ساءت أحوالها بشدة.

وتوقعت المصادر مضاعفة حركة الوافدين، خلال خمس سنوات، بالإضافة إلى ارتباط خصخصة المطارات بتيسير مالي عبر قروض قدمها الاتحاد الأوربي بقيمة 7.4 مليارات يورو، تحصل عليها الحكومة على دفعات حتى عام 2027، وارتباطها ببرنامج الطروحات العامة، المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.

6 عروض من شركات أوروبية

قالت المصادر لـ "العربي الجديد" إن الحكومة تلقت ستة عروض من شركات أغلبها أوروبية، تتفاوض على إدارة بعض المطارات الرئيسية، مشترطة أن تلتزم الحكومة بجدول زمني لعمليات الطرح والإسناد خلال فترة لا تتجاوز العام الحالي.
كان مجلس الوزراء قد أعلن نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2024، أن تحالفاً فرنسياً مصرياً سيجري مشاورات مع وزارة الطيران خلال الأسابيع المقبلة، للاتفاق على رؤية واضحة تتعلق بخطة الحكومة لطرح المطارات المصرية أمام المستثمرين الدوليين والمحليين لإدارة مطارات القاهرة الدولي وسنفكس غرب العاصمة والعلمين بالساحل الشمالي وشرم الشيخ بسيناء والغردقة على ساحل البحر الأحمر.

وأكد المجلس في بيانه تلقي الحكومة عرضاً من مجموعة يونانية وأخرى من هيئة مطارات باريس الفرنسية، لإدارة وتشغيل المطارات المصرية بالتحالف مع شركة حسن علام القابضة، يتضمن زيادة الطاقة الاستيعابية للمطارات وحركة الركاب والبضائع ورفع كفاءتها.
وقد أفصحت الحكومة عن تجربة إدارة القطاع الخاص للمطارات الخمسة في مرحلة أولى، يتبعها مطارا الأقصر وأسوان، باعتبارها الأكثر زخماً بعدد المسافرين ومشاركة في استقبال حركة السياحة الدولية، وسرعان ما أكدت تعميم التجربة على 20 مطاراً مملوكة بالكامل لوزارة الطيران، بالإضافة إلى مطار العاصمة الإدارية الجديدة، والمطارات التي تتشارك في أصولها القوات الجوية مثل مرسى مطروح وسيوة وأبو رديس والعريش بسيناء.

جاء إعلان مجلس الوزراء عن خطته بعرض كافة المطارات أول ديسمبر الماضي، ضمن برنامج الطروحات العامة بطريقة مفاجئة، فسبب ذلك صدمة بين القوى السياسية، التي اعترضت غالبيتها على البيان، خشية أن يؤثر إشراف أجانب على إدارة المطارات سلباً على الأمن القومي وتيسير عمليات التهريب للثروات والأشخاص، بينما لاقت ترحيباً واسعاً من قبل منظمي الأعمال وقطاع السياحة.

مخاوف خصخصة إدارة المطارات

أعرب رئيس اتحاد الغرف السياحية الأسبق إلهامي الزيات عن ضرورة إسراع الحكومة في خصخصة إدارة المطارات، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنها أصبحت بوابات تضر بسمعة السياحة المصرية، ونافذة مسيئة أمام الأجانب الذين يرغبون التعرف إلى أحوال المصريين.

يشير الزيات إلى أنه رغم تكلفة المطارات الحديثة البالغة مليارات الدولارات من أموال الموازنة العامة للدولة، إلا أنها لا تواكب الحداثة والنظافة التي تشهدها المطارات الكبرى في المنطقة وعالمياً، وتعمل بنفس الطرق التقليدية التي تجعل من المطارات مجرد بوابة وصول وسفر، بينما المطارات تحولت إلى مدن سياحية متكاملة الخدمات، يستطيع المسافر أن يقضي بها عدة أيام، ويقبل عليها الباحثون عن قضاء رحلات بالداخل. يقود الخبير السياحي اتجاهاً داعماً بين مجتمع الأعمال، لدفع برنامج الحكومة لخصخصة المطارات، والقضاء على العشوائية الناتجة من تعدد الجهات الرقابية التي تتعارض مصالحها في إدارة حركة المسافرين، والتي تدفع عادة إلى تدهور الخدمات المقدمة للمسافرين.

تتعارض رؤية الزيات مع مخاوف تثيرها قوى سياسية، من أخطار خصخصة المطارات على الأمن القومي، باعتبارها منفذاً للتهريب، مشيرين إلى كثرة القضايا المسجلة رسمياً لتهريب الآثار المصرية والأموال والمخدرات والسلع عبر المطارات، مشددين على أن التفريط في المطارات يمكن أن يحولها إلى نافذة واسعة للتهريب، في ظل هيمنة القطاع الخاص غير الرشيد على مقدرات الأمن القومي.
تنتظر الحكومة أن تنفذ المرحلة الأولى من عملية إسناد المطارات للقطاع الخاصة بنهاية عام 2026، على أن تسبقها فترة تلقي العروض من الشركات الدولية المتخصصة. تستهدف الحكومة سرعة طرح إدارة المطارات، قبل نهاية يونيو/ حزيران المقبل، ضمن حزمة طروحات لبيع بنك القاهرة وعدد من الشركات العامة، لجمع 2.5 مليار دولار، من حصيلة البيع بنهاية العام المالي الجاري 2024-2025.

ضوابط لحماية المسافرين في مصر

يطالب خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس بأن تضع الدولة ضوابط لحماية المسافرين من أية أعباء مالية مفاجئة على الخدمات، تدفع إلى زيادة غلاء رسوم المطارات وتذاكر السفر وأسعار الشحن ومستلزمات الإنتاج والتصدير. يستشهد النحاس بعدم وجود رقابة شعبية على تسعير الخدمات والسلع، في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني والرقابة الشعبية، التي يمكنها مناقشة سعر الخدمات العامة، قبل تطبيقها على المستهلكين، بما أحدث حالة من الانفلات في رفع الأسعار لدى الشركات العامة والخاصة، ومارس المزيد من الضغوط المالية على المواطنين.

يدعم خبير التمويل والاستثمار حسن الصادي توجه الدولة نحو خصخصة إدارة المطارات، محذراً في الوقت ذاته من إسراع الحكومة نحو هذه الرؤية لتصبح واقعاً خلال أشهر بالمطارات العامة دفعة واحدة. قال الصادي لـ "العربي الجديد": على الحكومة أن تنفذ الخصخصة بمطار واحد أو بضعة مطارات، في مرحلة أولى تجريبية، وقصرها على إدارة المنشآت دون الملكية، وخضوع كافة الخدمات للرقابة الأمنية بما لا يكون هناك تعارض بين الخصخصة والأمن القومي للدولة.

يؤكد الصادي أن خصخصة إدارة المطارات سترفع من كفاءة الخدمات المقدمة للجمهور، وتحافظ على رفع مستوى الأداء والتشغيل، مبيناً أن المبالغ التي وجهت إلى بناء العديد من المطارات، عبر قروض أجنبية ومحلية، لن تستعيدها الدولة إلا عبر تطوير الإدارة، وجعل المنشأة مشروعاً متكاملاً يضم مراكز تجارية وخدمات صحية وفنادق ومراكز ألعاب وتجارية تخدم المسافرين الوافدين أو المتوجهين إلى السفر.

تتنازع عدة جهات رسمية على إدارة الخدمات للمسافرين بالمطارات، من بينها إدارة الخدمات الخاصة لكبار الزوار التي تقدمها سلطة الطيران المدني لصالح شركات الطيران، داخل صالات السفر والوصول، وإدارة "التشهيلات العسكرية" لخدمة الأفراد التابعين للجيش وأسرهم ومكاتب وزارة الداخلية، مع تعدد شركات خدمة نقل الركاب والنظافة وتقديم الخدمات التجارية والنقل السياحي.

يدافع وزير الطيران سامح الحفني عن خطة الحكومة في تصريحات عديدة، بأن إسناد الإدارة والتشغيل للشركات الخاصة، لا يعني تملك الأصول، أو البيع للمنشآت، مشدداً على بقاء كافة المطارات تحت سيادة الدولة المصرية، وقصر الإدارة والتشغيل على الأنشطة التجارية داخل المطارات. تأمل الوزارة أن تجذب التجربة شركات الطيران الدولية الكبرى للقدوم إلى مصر، وجعلها نقطة مركزية لحركة الشحن والطيران الدولية أسوة بدبي وإسطنبول.

المساهمون