خصخصة مصارف الجزائر: مخاوف الموظفين من البطالة القسرية

خصخصة مصارف الجزائر: مخاوف الموظفين من البطالة القسرية

11 سبتمبر 2021
حالة من الغموض تسيطر على مصير العمال (فريدريك ريغلان/ Getty)
+ الخط -

على عكس الرأي العام، الذي لم يتفاعل مع الخطة الحكومية، خلّف خبر توجه الحكومة الجزائرية إلى خصخصة البنوك العمومية موجة من القلق والترقب لدى عمال البنوك المعنية بالخطوة، بنك التنمية المحلية "BDL"، والقرض الشعبي الجزائري "CPA"، وبنك الفلاحة والتنمية الريفية "BADR"، الذين يخشون انقلاب الأوضاع رأساً على عقب، سواء بالبطالة القسرية أو تغير ظروف العمل وشروطها. يأتي ذلك بعدما خلقت البنوك العمومية على غرار الشركات العمومية الجزائرية جوا من الراحة لدى عمالها، كون أن عجزها المالي تتحمله الخزينة العمومية.

"العربي الجديد" توجهت نحو وكالات البنوك المعنية بالخصخصة لجس نبض عمالها. حالة من الغموض وعلامات استفهام كثيرة يرفعها "البنكيون" في حديثهم الجانبي، خاصة حول مصير العمال، ومراجعة الأجور من عدمها.

في وكالة " القرض الشعبي الوطني" في شارع ديدوش مراد وسط العاصمة الجزائرية، أكبر وكالات البنك في الجزائر، تحدثت "العربي الجديد" من العمال، الذين أجمعوا على أن الغموض لا يزال يلف مصير بنكهم، وهو ما قاله الموظف محمود الذي شرح أن "البنك يعاني وضعية مالية صعبة، لأنه كان يمول "العصابة" في عهد عبد العزيز بوتفليقة بالقروض الضخمة التي لم تعوض والتي تلامس 700 مليون دولار". وتابع: "نحن العمال بالفعل نريد للبنك أن يستمر لكن ليس على حسابنا".

من جانبها، قالت المكلفة بالزبائن في الوكالة ذاتها أمينة لمعمر لـ "العربي الجديد" إن "العمال يتخوفون من الخصخصة، لأنها مرادف في مخيلتهم للتسريح القسري والتعسفي، كما حدث مع عمال المئات من الشركات العمومية التي أحيلت إلى الخصخصة، هي مخاوف مشروعة ولا نلقى إجابة للأسف عن أسئلتنا".

على بعد شوارع، في محلة زيغود يوسف، تقع وكالة "بنك التنمية المحلية" العمومي، لا تختلف أسئلة عمالها عن تلك المطروحة لدى زملائهم في "القرض الشعبي الجزائري"، إذ لفت الموظف أمير عواجي إلى أن "الإشكال يكمن في غياب المعلومة، إلى يومنا هذا لم تكشف الحكومة عن طريقة وشروط فتح رأسمال البنوك العمومية وهل ستكون العملية مستقلة أم بشروط مسبقة تضعها الحكومة لحماية العمال، اسئلة ننتظر الإجابة عنها من طرف الإدارة أو أي جهة مهما كانت، المهم أن يزال الغموض، فغياب المعلومة يفتح المجال للإشاعات والارتباك".

أما كمال معتوق، محافظ حسابات في نفس الوكالة، فأشار إلى أن "دخول شريك خاص سيغير هوية البنك بشكل أو بآخر، المهم بالنسبة لنا هو عدم التراجع عما حققه العمال من مكاسب طيلة سنوات من النضال خاصة فيما يتعلق بالرواتب وعقود العمل غير محددة المدة، والعلاوات وحجم العمل، وهي نقاط حسب معرفتنا لا تحترم في البنوك الخاصة التي يعيش عمالها ضغطا كبيرا وتعسفاً في استعمال القوانين الداخلية لتلك البنوك".

وكشف محمد عبد الرؤوف دريسي أمين نقابة عمال بنك " الفلاحة والتنمية الريفية" أن "النقابة استدعت دورة طارئة لمجلسها الوطني لدراسة الملف، وأثره على العمال، كانت لنا اتصالات غير رسمية مع الإدارة للحصول على ضمانات".

وأضاف النقابي لـ "العربي الجديد" أن "النقابات لن تقبل بأن تتم العملية دون فتح حوار أو على الأقل تشاور معها حول الجزئيات التي تهم العمال، نعلم بأن الخصخصة تمر حتما بتسريح العمال لتخفيض كتلة الأجور، لكن شرطنا أن تتم العملية دون تسريح لأي عامل، أملنا كبير في الحكومة الجزائرية، لا نريد إحداث أي اضطراب في القطاع المصرفي لكن إذا لزم الأمر سنصعد وهو ما نود ألا يحدث".

واتجهت الجزائر تحت ضغط تهاوي تراجع عائدات النفط ونقص السيولة، نحو مراجعة سياساتها الاقتصادية وثوابتها المالية، عبر خطوة كانت في الأمس القريب من المستحيلات، وذلك بفتح باب خصخصة البنوك العمومية، على أن تكون البداية ببيع 3 بنوك هي: التنمية المحلية، والقرض الشعبي الجزائري، والفلاحة والتنمية الريفية وفق تعليمات رئاسية.

وظلت الحكومات المتعاقبة ترى القطاع المصرفي العمومي استراتيجيا غير مباحة ملكيته لغير الدولة الجزائرية، بالرغم من قبول فروع لبنوك عربية وفرنسية، في خطوة تنتظر منها الحكومة، امتصاص كتل مالية تغطي بها عجز السيولة في البنوك التي هوت تحت الخطوط الحمراء، بالرغم من مصاحبة هذه الخطوة، للكثير من التساؤلات والمخاوف من ولادتها ميتة.

وجاء الإعلان الحكومي في الجزائر عن فتح رأس مال البنوك العمومية عن طريق البورصة ( طرح حصة من الأسهم أمام المستثمرين) وتدشين فروع في الخارج خلال العام المقبل 2022، ليثير جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية، حيث يتخوف البعض من انعكاسات سلبية خاصة على العمال، في ظل التجارب السابقة والتي انتهت بتسريح العمال مع إفلاس الشركات بعد خصخصتها مع جعل الفاتورة مضاعفة اقتصاديا واجتماعيا.

ويراهن عمال البنوك العمومية المعنية بالخصخصة على نقاباتهم لضمان حقوقهم، خاصة وأن النظام المصرفي في الجزائري يتميز بنقابات قوية وجمعية بنوك تسهر على حسن سير البنوك.

المساهمون