خبير إيطالي: مشاركتنا في مشروعات ليبية تصطدم بالموازنة

خبير إيطالي: مشاركتنا في مشروعات ليبية تصطدم بالموازنة

23 اغسطس 2021
الخلافات السياسية المرتبطة بالموازنة تجعل تمرير تمويل المشاريع أمراً صعباً (الأناضول)
+ الخط -

كشف خبير إيطالي معروف لـ"العربي الجديد" أن مشاركة إيطاليا في مشاريع استثمارية داخل الأراضي الليبية تصطدم بالخلافات السياسية المعيقة لإقرار الموازنة العامة الجديدة، بما تتضمنه من تمويلات ونفقات.

فبعد عودة الهدوء والاستقرار النسبي إلى ليبيا، إثر انحسار الصراعات المسلحة وتولي حكومة الوحدة الوطنية السلطة المؤقتة في البلاد إلى حين انطلاق الانتخابات المزمع إجراؤها في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، صارت البلاد محط أنظار القوى الكبرى والدول الغربية وسباقها نحو الفوز بصفقات وفرص استثمارية لشركاتها هناك.

وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، ذكر الخبير الإيطالي بشؤون الشرق الأوسط دانييلي روفينيتّي، كبير المستشارين في مركز أبحاث "Med-Or" التابع لمجموعة "ليوناردو" لصناعات الدفاع الإيطالية والمحلل الجيوسياسي في مجلة "فورميكي" الإيطالية، أن وفداً اقتصادياً وصناعياً روسياً على أعلى مستوى سوف يتوجه قريباً في زيارة إلى العاصمة الليبية طرابلس، لبحث استئناف بعض المشروعات التي كانت قد أبرمت عقودها شركات روسية في السابق، ولكنها توقفت الآن.

ومن المقرر أن يناقش الوفد الروسي مع الجانب الليبي أيضاً مشروعات مقترحة جديدة في قطاعات النفط والطاقة بوجه عام والبنى التحتية.

وفي ما يتعلق بإيطاليا، أوضح روفينيتّي أن بلاده تمضي قدماً في تنفيذ سلسلة من المشروعات في قطاع البنى التحتية، وعلى وجه الخصوص الطريق الساحلي السريع الرابط بين طرابلس وبنغازي، وإعادة بناء مطار العاصمة الدولي.

وأضاف أن ثمة العديد من الشركات الإيطالية التي أعربت عن اهتمامها بالعودة إلى ليبيا والعمل فيها بهدف توسيع نطاق مشروعاتها هناك. ولا ننسى، في هذا السياق، الوجود المهم لعملاق الطاقة الإيطالية "إيني" الذي رسخ حضوره بقوة في ليبيا.

ولفت إلى أن التوجهات الإيطالية لتنفيذ مشروعات في ليبيا، أيضاً من خلال مجلس الأعمال الإيطالي- الليبي الذي نظمته مؤخراً، تصطدم بمشكلة كبيرة من شأنها إيقاف كل شيء: هي أن الحكومة الليبية لم تحصل بعد على تصديق البرلمان على الموازنة العامة للدولة، بالتالي، ليس لديها المخصصات المالية من أجل التنمية، ومن ثم ليس من الممكن أيضاً إقامة مشروعات جديدة.

وأعرب الخبير الإيطالي عن اعتقاده أن البرلمان الليبي لن يصدق على تلك الموازنة، ما يمكن إرجاعه إلى العلاقات المتوترة التي تربطه دائماً بحكومة طرابلس. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن البرلمان استدعى الحكومة، ممثلة في رئيسها عبد الحميد دبيبة، يوم 30 أغسطس/آب الجاري، لسؤاله عن بعض نفقات مجلس الوزراء.

من ناحية أخرى، أشار روفينيتّي إلى أن تركيا تسعى للفوز بعقود مشروعات في ليبيا في قطاع البنى التحتية، الذي تتسم فيه الشركات التركية بالتنافسية العالية، وكذا في قطاع النفط الذي تريد أن يكون لها دور فيه، علاوة على قطاع الدفاع الذي تنفذ فيه أنقرة استثمارات كبيرة.

واعتبر أن اللقاء الذي جمع مؤخراً في أنقرة بين الرئيس التركي أردوغان والشيخ طحنون بن زايد، مستشار الأمن القومي الإماراتي، والذي ناقشا فيه الأوضاع في أفغانستان وليبيا على وجه التحديد، يحظى بأهمية كبيرة، وذلك لأنه على الرغم من الخصومة السياسية التي تجمع بين البلدين، أيضاً على المستوى الليبي، فإنه يمثل بداية لتغير في المواقف وجلوس استخبارات البلدين على طاولة واحدة.

وأضاف أن هذا اللقاء من الممكن أن يفضي إلى اتفاق من شأنه من جهة تسهيل تحقيق مآرب أنقرة في الفوز باستثمارات وصفقات مهمة، سواء في ليبيا أو أفغانستان، ومن جهة أخرى يحقق لأبوظبي أهدافها الأمنية ولا سيما في الأراضي الليبية. إذاً، الواقعية السياسية والمصالح هي التي تحكم دائماً العلاقات بين الدول.

ورأى أنه يتعين على أوروبا أن تتحرك بشكل متناغم ومترابط أيضاً من وجهة النظر الاقتصادية في دول مثل ليبيا وتونس وأفغانستان، وإلا فسوف تجد نفسها معزولة، لأن ثمة دولاً مثل روسيا وتركيا والصين سوف تسعى لاكتساب مزيد من الفرص الاقتصادية والاستثمارية.

وقال إن أوروبا ينبغي أن تطلق على الفور ميثاقاً للهجرة من أجل إدارة تدفقات الهجرة غير الشرعية، وأن تتبنى على التوازي خطة موحدة ومحكمة للتحرك في دول مثل ليبيا وتونس وأفغانستان، من أجل جلب تقنيات الشركات الأوروبية بهدف تطوير المشروعات التنموية، ومن ثم خلق فرص استثمارية للشركات الأوروبية.

وختم بقوله إن القارة العجوز هي الوحيدة القادرة، إذا ما توفر شرطا الوحدة والترابط بين دولها، على التصدي للنزعة التوسعية لكل من روسيا وتركيا والصين، وإلا فسوف يكون مصيرنا الضياع وفقدان نفوذنا الجيوسياسي والاقتصادي.

المساهمون