استمع إلى الملخص
- تهدف الرسوم الجمركية الموحدة إلى دعم الصناعة المحلية وجذب الاستثمار من خلال تقديم إعفاءات للمستثمرين وتخفيض الرسوم على المواد الأولية، مع حماية الفلاحين عبر تطبيق الروزنامة الزراعية.
- رحب القطاع الصناعي بتوحيد الرسوم، لكن الحكومة تواجه تحديات في حماية الإنتاج المحلي من الإغراق، وتعمل على توفير بيئة اقتصادية مستدامة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
قالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إن الحكومة السورية المؤقتة قد تعيد النظر بنشرة الرسوم الجمركية التي أصدرتها أمس السبت، بعد الاعتراضات الشعبية وارتفاع الأسعار بمدن شمال غربي سورية. وأضافت المصادر أن التعديل قد يطاول تخفيض بعض الرسوم أو إلغاء البعض الآخر، خاصة المتعلقة بالمحروقات والسلع الاستهلاكية ومواد البناء التي ارتفعت الرسوم عليها وفق النشرة الجديدة، بين 100 و500%.
وقال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، إن "نشرة الرسوم الجمركية الموحدة، التي صدرت أمس السبت، سارية منذ تاريخ الصدور، على جميع الأمانات الجمركية في المنافذ البرية والبحرية والمطارات"، مضيفاً خلال تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن "الرسوم الجمركية الموحدة راعت حماية المنتج المحلي من خلال تشجيع الصناعة عبر الرسوم المخفضة على المواد الأولية، كما أنها طبقت الروزنامة الزراعية لحماية الفلاح ودعم القطاع الزراعي".
وتهدف الرسوم الموحدة، بحسب علوش، إلى "دعم القطاع الصناعي وتعزيز جذب الاستثمار، من خلال تقديم إعفاءات للمستثمرين وأصحاب المعامل الذين اضطروا لإخراج معداتهم أو منشآتهم نتيجة لظروف الحرب، ويرغبون بإعادتها إلى سورية أو الذين يرغبون بإدخال معامل جديدة متكاملة".
وحول نسبة تخفيض الرسوم وفق النشرة الموحدة الجديدة، يشير علوش إلى أن "نسبة التخفيض تراوحت من 50 إلى 60% ما سينعكس أثره على المواطنين بشكل مباشر في عموم الجغرافية السورية"، معتبراً أن "الرسوم الجديدة ستعزز من قدرة المواطنين على الاستهلاك وتلبية احتياجاتهم بأسعار معقولة بما يسهم في رفع مستوى معيشتهم "خطوة أولى ضمن سلسلة رفع مستوى المعيشة وضمان حياة كريمة".
لكن مصادر عدة من محافظة إدلب أكدت لـ"العربي الجديد"، "امتعاض الشارع بعد غلاء الأسعار، بنحو 15% خلال يوم واحد"، متوقعة "ارتفاع الأسعار إلى نسبة ارتفاع الرسوم، خلال الفترة المقبلة، إن لم تعدل الحكومة الرسوم". وطاولت الرسوم الجديدة بحسب التاجر عصام جميل "مستلزمات البناء، حيث ارتفعت رسوم استيراد طن الحديد 60 دولاراً والسراميك من 50 إلى 300 دولار والحديد 60 دولاراً والإسمنت من 17 إلى 34 دولاراً للطن".
كما طاولت الرسوم الجديدة مواد التدفئة، مثل قشور التدفئة حيث وصلت الرسوم إلى 100 دولار والبنزين من 30 إلى 210 دولارات للألف ليتر، ولم تستثن المنتجات والسلع الغذائية، إذ زادت الرسوم على استيراد الطحين من 2 إلى 20 دولاراً والبسكويت التركي على سبيل المثال، ارتفعت 300%. كما ارتفع رسم استيراد طن البرغل والأرز والسكر، من 10 إلى 50 دولاراً، والسمنة من 10 إلى 110 دولارات، والزيت النباتي من 10 إلى 85 دولاراً، والمعلبات من 50 إلى 500 دولار.
القطاع الصناعي في سورية يرحب بالرسوم الجمركية الموحدة
لكن سوريين ببقية المحافظات يرون أن توحيد الرسوم ضرورة، خاصة بعدما لمسوا انخفاض الأسعار عمّا كانت عليه بالسابق وفق الرسوم الجمركية المفروضة على المنافذ البحرية والجنوبية، والتي تختلف عن الرسوم بالمعابر بين تركيا وسورية شمالي البلاد. كما رحب الصناعيون بتوحيد الرسوم ورفع بعضها على السلع والمنتجات المستوردة، لأنها برأي الصناعي، محمد صبّاغ "ضرورة ملحة بالنسبة للصناعة السورية المهدمة، لأن انخفاض الرسوم الجمركية كان يزيد من الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي والصناعة السورية التي تعاني من مشاكل ومعوقات كثيرة والتي بدأت الحكومة الجديدة تلحظها من خلال إبقاء الرسوم على المواد الأولية منخفضة إلى جانب السعي لتأمين مستلزمات العمل الصناعي، وخاصة مصادر الطاقة".
وأضاف صباغ لـ"العربي الجديد" أن "الصناعة التركية، بشكل خاص، متقدمة وسابقة للصناعة السورية، كما أن التصدير في تركيا يلقى دعماً مالياً مباشراً من الدولة، لذا، إن لم تجد الحكومة المؤقتة طرقاً لحماية الإنتاج السوري من الإغراق وسبل دعم وحماية، فسيعتاد السوق على المنتج المستورد الذي يراه أقل سعراً وربما أكثر جودة".
وكانت الحكومة السورية المؤقتة قد عقدت اجتماعات ومشاورات عدة، مع قطاعي الصناعة والتجارة بالعديد من المحافظات السورية، كما استقبل قائد العمليات، أحمد الشرع وفوداً صناعية واستمع إلى معاناة الصناعيين ومخاطر عدم النهوض بواقع الأعباء ومنها إغراق السوق بالإنتاج المستورد. ودعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الإدارة السورية الجديدة، إلى سلسلة اجتماعات مع الفعاليات الاقتصادية، بهدف دراسة الرسوم الجمركية المرتبطة بصادرات البلاد ووارداتها.
وقال وزير التجارة الداخلية ماهر خليل الحسن في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء السورية "سانا"، إن الوزارة "ستواصل العمل بالتعاون مع جميع الفعاليات الاقتصادية وستعمل على توفير بيئة اقتصادية مستدامة، لبناء سورية الجديدة التي يتمناها السوريون جميعاً، كاشفاً عن سلسلة اجتماعات مكثفة، أجرتها الوزارة لإعادة دراسة الرسوم الجمركية. وشدد الحسن بالوقت نفسه على أهمية حماية المنتج الوطني، وأن القوانين "تتغير بحسب الأوضاع الراهنة، لأنها وضعت لخدمة الشعب السوري" وأن مهمة الحكومة الحالية هي "ضخ الدم في شرايين الاقتصاد والحفاظ على المؤسسات وخدمة المواطن".