حلفاء إيران يعارضون الاستثمار السعودي في زراعة العراق

حلفاء إيران يعارضون الاستثمار السعودي في زراعة العراق

05 نوفمبر 2020
الرياض تسعى إلى زراعة العديد من المحاصيل في العراق (فرانس برس)
+ الخط -

تتجه السعودية إلى استثمار مساحات كبيرة وغير محددة من الأراضي العراقية الخصبة جنوب وغربي البلاد، ضمن توجه حكومة بغداد لتنشيط الاستثمار في هذا القطاع بعد فشل جذب المهتمين في الاستثمار بقطاعي الإسكان والطاقة خلال الفترة الأخيرة.
وتستهدف الرياض تأسيس مجموعة مشاريع زراعية تشمل حقولاً ومزارع تربية أبقار ومواشٍ ودواجن عدا عن استصلاح الأراضي لزراعة القمح والشعير والمحاصيل التي تعتبر الأقل كلفة بالمنطقة بسبب امتلاك العراق أرضاً خصبة ومياهاً دائمة ووفرة في مياه الأمطار.

وتستهدف هذه المشاريع باديتي محافظات الأنبار غرب البلاد، والمثنى والنجف والبصرة في الجنوب، إلا أن الطموح السعودي اصطدم أخيراً بآراء الكتل السياسية والأحزاب المناهضة للمملكة والموالية لإيران، وهو ما قد يعطل أو يُلغي المشاريع بالكامل، بحسب مراقبين.
وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء في العراق، نهاية الأسبوع الماضي، أن السعودية أبدت رغبتها بالمساهمة في استثمار مناطق البادية، فيما وجهت بحسم ملف مساحة 150 ألف دونم في محافظة المثنى لعرضها على السعودية. ووفق بيان لأمانة مجلس الوزراء، فإن "أمينها العام حميد الغزي ترأس اجتماعاً لمناقشة آلية استثمار الأراضي الزراعية في محافظات النجف وكربلاء والأنبار والمثنى"، مؤكداً "اهتمام الحكومة بتنشيط القطاع الزراعي، وضرورة استثمار المساحات الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة، لما تمتلكه من بيئة خصبة مع وفرة كافية من المياه، من أجل خلق فرص عمل للكفاءات وزيادة الإيرادات المالية".
وأضاف البيان أن "السعودية وعبر المجلس التنسيقي العراقي - السعودي، أبدت رغبتها بالمساهمة في استثمار مناطق البادية، لإنشاء مصانع الألبان والبذور والأعلاف والمحاصيل الزراعية"، فيما نقل البيان عن وزير الزراعة العراقي محمد كريم الخفاجي قوله إن "الوزارة أنهت تسجيل أكثر من 6 ملايين دونم في المحافظات المذكورة، بالتنسيق مع دائرة عقارات الدولة، للشروع في استثمارها، بعد أن تم تحديد اختيار المناطق، للمباشرة في عملية الاستثمار، وجذب الشركات الاستثمارية".
وعقب هذا الإعلان، أصدرت الأحزاب العراقية القريبة والحليفة لإيران سلسلة من البيانات، عبّرت من خلالها عن رفضها للمشروع السعودي، ومنها "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه نوري المالكي، ودعا إلى إيقاف مشروع منح السعودية أراضي للاستثمار في بادية العراق، معتبراً أن الأمر فيه تداعيات خطيرة على أمن وسيادة البلاد، فضلاً عن أنه يساهم في الإضرار بمخزون العراق الاستراتيجي من المياه الجوفية.
من جهته، رفض الأمين العام لمليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، ما وصفه بمحاولات "النظام السعودي" الاستيلاء على المساحات الكبيرة من أراضي محافظات الأنبار والنجف والمثنى والبصرة بدعوى الاستثمار، معتبراً أن هذا المشروع يتزامن مع التطبيع مع إسرائيل، بحسب زعمه في بيان صادر عنه.

وعقب إعلان السعودية عن الاستثمار في العراق، سارعت إيران للدخول على ذات الخط، إذ أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة "مبنا" الصناعية الهندسية الإيرانية، عباس علي آبادي، استعداد بلاده لتنفيذ استثمارات جديدة في العراق. وكشف آبادي في تصريحات صحافية عن مشاركة "مبنا" في الكثير من المشاريع العراقية العملاقة، قائلاً إن "أول مشروع قمنا بتنفيذه بجدية في العراق هو محطة "الصدر" لتوليد الكهرباء التي تلبي جزءاً من احتياجات الشعب العراقي من الكهرباء".
وفي السياق، قال عضو تيار "الحكمة" العراقي محمد اللكاش إن "الاستثمار في العراق مفتوح لكل دول العالم، ويُحدد وفق قانون هيئة الاستثمار الوطنية، وبالتالي فإن الكتل السياسية التي تسعى إلى فرض أمزجتها على القرار العراقي هي تخالف القانون"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "العراق يملك الكثير من الأراضي التي ليس فيها أي مشاريع، ويمكن استخدامها من قبل المستثمرين، وأن التوجهات السعودية للاستثمار في العراق ليست جديدة بل إنها منذ سنوات، ولكن عدم استقرار النظام السياسي في العراق حال دون التقدم بهذا الملف".
وأكمل أن "لجوء السعودية إلى الاستثمار في العراق هو أمر مهم، نحن بحاجة إليه لأنه يعمل على تطوير العلاقات والخدمات الاقتصادية، كما أن القانون العراقي يفرض على الجهات الخارجية المستثمرة في الداخل العراقي أن يكون 80 بالمائة من العاملين هم من العراقيين، وبالتالي فنحن أمام حل جاهز لأزمة البطالة"، لافتاً إلى أن "بعض الكتل السياسية في العراق عليها أن تفصل ما بين المواقف السياسية مع السعودية، وبين التوجه نحو الشراكة الاقتصادية، وتطوير قطاع الاستثمار في العراق".
من جهته، أشار الخبير الاقتصادي، عبد الرحمن المشهداني، إلى أن "الاستثمار هو الوسيلة الأكثر جدوى من ناحية بناء اقتصاد العراق ورفد الميزانية بأموال غير إيرادات النفط، ولعل العراق من أكثر بلدان المنطقة العربية في حالة متعطشة لدخول المستثمرين"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "هناك جهات سياسية وأخرى مسلحة، تريد خراب العراق، كما أن بعض هذه الجهات تريد أن تحصل على نسب مالية وربحية من مشاريع الاستثمار، من خلال الابتزاز إعلامياً وسياسياً".


 

المساهمون