الحكومة المغربية تهوّن من نجاح الإضراب العمالي وسط ترقب للخطوات المقبلة

06 فبراير 2025
تظاهرة تطالب بتثبيت الموظفين في الرباط، 4 يناير 2024 (أبو آدم محمد/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد المغرب إضرابًا عامًا ضد مشروع قانون الإضراب، حيث أعلنت النقابات عن مشاركة تجاوزت 80%، بينما قدمت الحكومة أرقامًا أقل. أقر مجلس النواب المشروع رغم معارضة النقابات.
- أكد وزير الشغيل أن القانون يتماشى مع الممارسات الدولية ويشمل تعديلات جوهرية، نافيًا تقييد حق الإضراب، وجاء بعد مشاورات طويلة.
- واصلت النقابات الضغط على الحكومة، مع تنظيم إضرابات وتقديم شكاوى لمنظمة العمل الدولية، بينما يترقب الجميع قرار المحكمة الدستورية بشأن القانون.

خفت حركة الإضراب العام في المغرب، اليوم الخميس، فيما بادرت الحكومة إلى الكشف عن بيانات حول حجم المشاركة في الإضراب العام ضد مشروع قانون الإضراب أمس، حيث تجلى أنها تقل عن تلك التي أعلنت عنها الاتحادات العمالية. وكانت اتحادات عمالية ممثلة في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمنظمة الديمقراطية للشغل، وفيدرالية النقابات الديمقراطية، قد أكدت أن نسبة المشاركة فاقت 80%. بدوره، أعلن الاتحاد المغربي للشغل، النقابة الأكثر تمثيلية في المغرب، أن الإضراب العام "حقق نجاحاً باهراً بمعدل وطني ناهز 84.9%".

غير أنه في الوقت الذي تؤكد الاتحادات العمالية نجاح الإضراب، شدد وزير الشغيل، يونس السكوري، في مؤتمر صحافي، اليوم الخميس، إثر انعقاد المجلس الحكومي، أن معدل الإضراب في القطاع الخاص وصل إلى 1.4% مقابل 32% في القطاعات الحكومية. وأكد أن تلك النسبة وصلت إلى 35.3% في التعليم و33.3% في الصحة و30.5% في قطاع العدل و26.4% في الجماعات المحلية و25.9% في المؤسسات العمومية التابعة للدولة.

وكان مجلس النواب قد أجاز، أمس الأربعاء، مشروع قانون الإضراب، بتزامن مع الإضراب العام الذي انخرطت فيه خمسة اتحادات عمالية، عبرت عن رفضها المشروع الذي ترى أنه يحتاج إلى التوافق قبل عرضه على البرلمان. وأكد الوزير السكوري أن مشروع القانون راعى جميع الممارسات الدولية في مجال ممارسة الإضراب، مشدداً على أنه جرى إدراج التعديلات الجوهرية التي طالبت بها الفرق في البرلمان. ونفى أن يكون مشروع القانون قد كبل ممارسة حق الإضراب، مؤكداً أنه سمح لجميع الفئات المهنية بممارسة الإضراب، حيث شمل حتى الفئات التي كانت ممنوعة في الصيغة الأولى التي وضعت بالبرلمان في 2016.

وشدد على أن المشروع لم يأت نتيجة نقاشات في اللجان البرلمانية، بل كان ثمرة مشاورات دامت 22 شهراً مع الأطراف المعنية، هذا في الوقت الذي تؤكد الاتحادات العمالية خرق الحكومة التزامات سابقة تقضي بالتداول في الأمر في الحوار الاجتماعي. وذهب الوزير إلى أنه كان يفترض الانتهاء من المفاوضات حول مشروع قانون الإضراب في صيف العام الماضي، غير أنه جرى عرض المشروع على البرلمان في انتظار استكمال المشاورات. وأكد أنه لم يجر تقييد حق الإضراب في مشروع القانون، بل جرى وضع العديد من الضمانات، بهدف تسهيل التفاوض بين العمال وأرباب العمل.

ويواصل الاتحاد المغربي للشغل خوض الإضراب العام اليوم الخميس، بعدما اقتصرت الدعوة للإضراب العام من قبل الاتحادات العمالية الأربعة الأخرى على يوم أمس الأربعاء، فيما يسود الترقب حول الخطوات المقبلة التي ستتخذها الاتحادات العمالية بعد تصويت البرلمان على مشروع قانون الإضراب المثير للجدل. وقد واصل اتحاد نقابي واحد فقط، ممثل في الاتحاد المغربي للشغل، اليوم الخميس، الإضراب الوطني العام، حيث إن النقابات الأخرى قد اختارت الإضراب ليوم واحد. واقتصرت أربعة اتحادات عمالية، ممثلة في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والمنظمة الديمقراطية للشغل وفيدرالية النقابات الديمقراطية، على الإضراب يوم أمس الأربعاء.

وكانت الاتحادات الأربعة قد أكدت أن الاستجابة لدعوتها للإضراب فاقت 80%، معبرة عن استنكارها إصرار الحكومة على تمرير مشروع قانون الإضراب التي تراه تكبيلياً. وصادق مجلس النواب، أمس الأربعاء، على مشروع قانون الإضراب، بتزامن مع الإضراب العام الذي انخرطت فيه خمسة اتحادات عمالية، عبرت عن رفضها المشروع الذي ترى أنه يحتاج إلى التوافق قبل عرضه على البرلمان. وأفضى التحرك الذي انخرطت فيه خمسة اتحادات نقابية، أمس، إلى إرباك بعض القطاعات الإنتاجية والخدمات، حسب المدن والجهات، دون أن يفضي ذلك إلى توقف شامل للنشاط أو الخدمات.

ولاحظ رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، عبد الرحيم الهندوف، أن الدعوة إلى التحرك كانت تفضي إلى توقف وسائل النقل وإغلاق المحلات التجارية، بما لذلك من تأثير على الأنشطة الأخرى. ويعتبر الهندوف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التحرك عرف أمس الأربعاء واليوم الخميس، تجاوباً في قطاع المصارف وقطاعات حكومية، مثل الضمان الاجتماعي والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمالية التي تعرف حضوراً تاريخياً للاتحادات النقابية. وأكد عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يونس فيراشين، أنه سيجري تقييم الوضعية بعد إضراب أمس الأربعاء، بهدف الوقوف على الخطوات النضالية التالية.

وشدد في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن مشروع قانون الإضراب الذي صادق عليه البرلمان ينتظر الآن كلمة المحكمة الدستورية، في الوقت نفسه، الذي تعتزم الكونفدرالية وضع شكاية لدى منظمة العمل الدولية. وتراهن الاتحادات العمالية على مواصلة الضغط على الحكومة، بعدما انخرطت في جبهة مناهضة لمشروع قانون الإضراب، ونظمت اعتصامات ومسيرة وطنية بالرباط. ولا تتوفر بيانات رسمية حول معدل الانتماء للنقابات، غير أن تقديرات تشير إلى أنه يقل عن 10%، وهو معدل قد يرتفع في القطاعات الحكومية مقارنة بالقطاع الخاص.

ويذهب الاقتصادي محمد الشيكر إلى أن مستوى المشاركة في الإضراب الأخير، يؤشر على مدى حضور الاتحادات العمالية وقوتها، خاصة في ظل تراجع مستوى الانتماء للنقابات. ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تمرير الحكومة مشروع قانون الإضراب، يرفع الضغط على الاتحادات العمالية في المفاوضات المقبلة التي ستهم التقاعد وقانون العمل. ويؤكد الهندوف من جانبه أن المفاوضات بين الحكومة والاتحادات العمالية تبقى رهينة بمدى استعداد الاتحادات للدفاع عن وجهة نظرها عبر دراسات دقيقة، إضافة إلى التعبئة من أجل الضغط عبر مبادرات تحسيسية ومطلبية.

المساهمون