حكومة المغرب تراهن على الزراعة لتقليص البطالة قبل الانتخابات
استمع إلى الملخص
- لم يتمكن الاقتصاد المغربي من خفض البطالة إلى النسبة المستهدفة، حيث بقيت قريبة من 13%، مع خلق 600 ألف فرصة عمل فقط، بسبب تراجع القطاع الزراعي نتيجة الجفاف.
- يواجه سوق العمل المغربي تحديات هيكلية، حيث تظل فرص العمل الزراعية غير مستقرة ومؤقتة، ويشكل القطاع غير الرسمي 33.1% من فرص العمل غير الزراعية، مما يعكس هشاشة السوق.
تراهن الحكومة المغربية على انتعاش القطاع الزراعي بهدف خفض معدل البطالة الذي بلغ مستويات مقلقة، وذلك قبيل الانتخابات التشريعية المرتقب تنظيمها العام المقبل. وكانت الحكومة، بعد تنصيبها في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قد التزمت بخلق مليون فرصة عمل وتعزيز حضور النساء في النشاط الاقتصادي خلال ولايتها الممتدة لـ5 سنوات تنتهي في العام المقبل.
مؤشرات البطالة
بلغ معدل البطالة في عام 2021، عند بداية عمل الحكومة، حوالي 12% متأثراً بتداعيات الجفاف. علماً أن تقرير "النموذج التنموي"، الذي أعلنت الحكومة الحالية الاسترشاد به، راهن على إنعاش سوق العمل عبر رفع معدل النمو من 3% إلى 6%. لكن الحكومة لم تتمكن خلال الأعوام الأربعة الأخيرة من بلوغ أهدافها على مستوى خلق فرص العمل. ويسعى رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى تدارك هذا التأخر في الأشهر المقبلة عبر تحسن أداء القطاع الزراعي، كما أكد في حوار مع "القناة الأولى" و"القناة الثانية" أمس الأربعاء، عرض فيه حصيلة حكومته وأولوياتها في العام الأخير من ولايتها.
وبحسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، فإن البطالة بلغت، حتى نهاية الفصل الثاني من العام الحالي، 1.59 مليون شخص، أي بنسبة 12.8%، مقابل 13.1% في الفترة نفسها من العام الماضي. وأوضحت تفاصيل تقرير المندوبية أن معدل البطالة تراجع من %16.7 إلى 16.4% في المدن، ومن %6.7 إلى 6.2% في الأرياف. كما سجلت البطالة نسباً مرتفعة وسط الشباب (15 – 24 عاماً) بنسبة 35.8%، وبين حاملي الشهادات 19%، وبين النساء 19.9%.
حصيلة الحكومة
تشير معطيات سوق العمل في الأعوام الأخيرة إلى أن معدل البطالة ظل قريباً من 13%، ما يؤكد عدم بلوغ هدف توفير مليون فرصة عمل، في وقت كان المغرب يطمح سابقاً إلى خفض المعدل إلى 8% وسعى رئيس الحكومة إلى تبرير عدم بلوغ هذا الهدف، مشيراً إلى أن الاقتصاد خلق في الأعوام الأربعة الماضية نحو 600 ألف فرصة عمل، إضافة إلى الوظائف الحكومية. لكنه أوضح أن آلاف فرص العمل في الأرياف تضررت بفعل تراجع القيمة المضافة للقطاع الزراعي المتأثر بسنوات الجفاف، وهو ما انعكس على معدل البطالة العام.
أبدى أخنوش نوعاً من التفاؤل بإمكانية معالجة الوضعية في الأشهر المقبلة، متطلعاً إلى توفير 200 ألف فرصة عمل بفضل انتعاش القطاع الزراعي. وأكد أن محصول الزيتون سيتضاعف في الموسم المقبل، وأن إنتاج التمور سيرتفع بنسبة 50% والحوامض بنسبة 25%، في حين زاد إنتاج الخضر والفواكه بنسبة 20%.
ويرى أن هذه التطورات ستدعم النمو الاقتصادي الذي سيتجاوز، حسب توقعاته، بمعدل 4% خلال فترة الولاية الحكومية، علماً أن النمو في المغرب في السنوات الأخيرة تحقق أساساً بفضل الطلب الداخلي في ظل تباطؤ الطلب الخارجي المتأثر بالظرفية الدولية.
تحديات هيكلية
من جانبه، يعتبر الخبير الزراعي محمد الهاكش أن فرص العمل التي يراهن عليها رئيس الحكومة لتدارك التأخر في تنفيذ وعود الائتلاف الحكومي لن تكون مستقرة بما يكفي لمعالجة معضلة البطالة. وأوضح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن انتعاش بعض فروع النشاط الزراعي سيوفر فرص عمل غير مؤدى عنها وأخرى مؤقتة بحكم الطابع الموسمي للأنشطة الزراعية، مشدداً على أن الرهان على التساقطات المطرية لا يمكن أن يشكل حلاً دائماً لليد العاملة في الأرياف.
وأشار إلى أن سوق العمل في المغرب تتسم بشكل عام بالهشاشة، بالنظر إلى دور القطاع غير الرسمي الذي يساهم بنحو 10.9% من الناتج الوطني (باستثناء الفلاحة والإدارة العمومية)، حسب المندوبية السامية للتخطيط.
وأكد تقرير للمندوبية أن القطاع غير الرسمي يمثل 33.1% من إجمالي فرص العمل غير الزراعية في عام 2023، لافتاً إلى أن نسبة الشغل المأجور لا تتجاوز في هذا القطاع 10.4%. كما أن أكثر من 77% من المستأجرين يجرى تشغيلهم عبر علاقات شخصية أو عائلية، و60% منهم لا يتوفرون على أي عقد عمل.