حرق النفط بالمسيّرات: أوكرانيا وروسيا تستهدفان عصب الاقتصاد

20 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 21 أغسطس 2025 - 22:48 (توقيت القدس)
احتراق مصفاة ليسيتشانسك الأوكرانية،22 أبريل 2022 (ريك ماف/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كثفت أوكرانيا هجماتها على مصافي النفط الروسية، مما أدى إلى تدمير 10% من قدرة إنتاج النفط الخام الروسية، بينما شنت روسيا 2900 هجوم على المنشآت الطاقوية الأوكرانية منذ مارس 2025.
- الهجمات الأوكرانية أوقفت الإمدادات عبر خط أنابيب دروجبا، مما أثار غضب دول مثل المجر وسلوفاكيا، بينما دفعت الهجمات الروسية أوكرانيا للتفاوض مع أذربيجان لاستيراد الغاز.
- ارتفعت أسعار البنزين في روسيا إلى مستويات تاريخية، مما دفع موسكو لإعادة فرض حظر موسمي على صادرات البنزين، وسط تهديدات بعقوبات أمريكية.

تشتدّ حرب المسيّرات بين روسيا وأوكرانيا، مستهدفة شرياناً أساسياً لاقتصاد البلدَين؛ النفط. ويعتبر هذا الصيف الأعنف من حيث حجم الهجمات اليومية الأوكرانية على صناعة النفط الروسية، مع قصف مصافي التكرير ومراكز التوزيع على بُعد مئات الأميال من الحدود، بعدما دمر القصف الروسي جزءاً كبيراً من صناعة الطاقة الأوكرانية خلال سنوات الحرب.

النفط الذي شهد أزمة عميقة أثرت على غالبية دول العالم بعد إعلان موسكو العدوان على أوكرانيا في 2022، أصبح سلاحاً تفاوضياً بين الدولتَين؛ تفاوضٌ بحرق المنشآت وقصف المرافق. والنفط الذي لطالما كان نقطة قوة الاقتصاد الروسي، أصبح نقطة ضعف خطيرة تتعرض للقصف الأوكراني من جهة، وللمقاطعة والعقوبات من جهة أخرى، ما قد يهبط بالإيرادات الروسية ويفاقم عجز الموازنة ويؤثر على النفقات الحربية.

بدأت كييف مهاجمة مصدر دخل موسكو الرئيسي في 2024، ونجحت في ذلك العام في إتلاف 10% من قدرة إنتاج النفط الخام الروسية، وتُشكّل مبيعات النفط والغاز ربع إجمالي عوائد الموازنة العامة في روسيا.

أما الضربات الروسية للمنشآت الطاقوية الأوكرانية فوصلت إلى 2900 هجوم منذ مارس/آذار 2025 وحده، وفق وزارة الطاقة الأوكرانية، وسبق ذلك تدمير العديد من المرافق، إذ تصاعدت الأزمة إلى حدّ تغطية احتياجات أوكرانيا من الوقود بالكامل عن طريق الواردات، لا سيّما من الدول الأوروبية. ومنذ مطلع أغسطس/ آب الماضي، ضربت طائرات مسيّرة أوكرانية العديد من المصافي ومستودعات الوقود، منها ريازان، جنوب موسكو (مصفاة)؛ وسامارا، على بُعد حوالي 600 ميل من أوكرانيا (مصفاة أخرى)، وفورونيغ (مستودعات وقود). كذا طاول الاستهداف أكبر مصفاة في سوتشي، ومصفاة لوك أويل في كومي، ومحطة ضخ نفط في مقاطعة بريانسك.

هجوم مكثف على النفط

واشتدّ الهجوم الأوكراني منذ الأسبوع الماضي، قبل مفاوضات السّلام التي تقودها الولايات المتحدة، فيما تسعى كييف للحد من المصدر الرئيسي لتمويل اقتصاد روسيا الحربي، فيما تقوم موسكو بتدمير البنى التحتية الأوكرانية لفرض المزيد من التنازلات خلال التفاوض.

وقالت وزارة الطاقة الأوكرانية أمس الثلاثاء إنّ هجوماً روسياً بالطائرات المسيّرة وصواريخ كروز خلال الليل أصاب منشآت للطاقة في منطقة بولتافا بوسط أوكرانيا ما تسبب في حرائق كبيرة. وتعد منطقة بولتافا موطناً لمصفاة النفط الوحيدة في أوكرانيا، كريمنشوك، التي تعرّضت لهجمات متكرّرة بالطائرات بدون طيار والصواريخ.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

ولم تُعلن سلطات كييف ما إذا كانت المصفاة قيد التشغيل. وأشارت الوزارة يوم الثلاثاء إلى أن روسيا هاجمت البنية التحتية لتكرير النفط الأوكرانية مرتين في يونيو/حزيران. في المقابل، ذكرت وكالة إنترفاكس للأنباء نقلاً عن السلطات المحلية أنه جرى إخماد حريق في مصفاة النفط التابعة لشركة لوك أويل في منطقة فولغوغراد بجنوب روسيا صباح الثلاثاء. وفي وقت سابق، قال مسؤولون محليون إنّ الحريق اندلع بسبب حطام طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا.

والاثنين علقت مصفاة سيزران النفطية الروسية الإنتاج واستقبال الخام بعد هجوم بطائرة بدون طيار أوكرانية يوم الجمعة الماضي. وضرب الجيش الأوكراني الاثنين محطة ضخ نفط في منطقة تامبوف الروسية ما أدى إلى تعليق الإمدادات عبر خط أنابيب دروجبا الرئيسي للنفط كلياً. وقال مسؤولون في المجر وسلوفاكيا إنّ إمدادات النفط الخام الروسي التي تمرّ عبر خط الأنابيب دروجبا إلى البلدين توقفت الاثنين، فيما قالت بودابست إنّ تعطل الإمدادات يرجع إلى هجوم أوكراني على جزء من الشبكة.

وأدى الهجوم إلى غضب المجر وقال وزير خارجيتها بيتر سيارتو "الضربة الأحدث التي استهدفت أمن الطاقة فظيعة وغير مقبولة". وسبق ذلك توقف مؤقت الأسبوع الماضي عندما أعلن الجيش الأوكراني في 13 أغسطس أن طائراته المسيّرة استهدفت محطة ضخ النفط في منطقة بريانسك الروسية.

الضربات الأوكرانية تتلاحق إذاً، وتشلّ منشآت روسيا النفطية، فيما تتسع الهجمات إلى بؤر أخرى، إذ قال مسؤولون أوكرانيون إنّ طائرات روسية بدون طيار هاجمت عمداً مستودعاً للنفط تابعاً لشركة النفط الحكومية الأذربيجانية سوكار في منطقة أوديسا بجنوب أوكرانيا للمرة الثانية في أسبوعين، والشركة تُشغّل نحو 60 محطة وقود في أنحاء أوكرانيا.

جاء ذلك فيما أعلنت وزارة الطاقة الأوكرانية الاثنين أنّها تتفاوض على اتفاق مع أذربيجان لاستيراد الغاز في إطار سعيها إلى خيارات إمداد بديلة بعد أن أدت الهجمات الروسية بعيدة المدى إلى إلحاق أضرار بالغة بالإنتاج المحلي.

تأثيرات على روسيا

وفي وقت سابق من شهر أغسطس/آب، هاجمت روسيا خط أورلوفكا للربط الكهربائي في جنوب أوكرانيا وهو جزء من طريق عبر البلقان تتلقى من خلاله الغاز من مصادر بما في ذلك أذربيجان. وقالت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو، الاثنين، إنّ أوكرانيا تخطط لتخزين 13.2 مليار متر مكعب من الغاز في مخازنها تحت الأرض لموسم التدفئة المقبل.

وفيما تتسع الأضرار في أوكرانيا، تؤدي هجمات كييف إلى زيادة أسعار البنزين بالتجزئة في روسيا إلى مستويات تاريخية هذا الأسبوع، ما أدى إلى تعميق المخاوف من نقص محتمل في الوقود في جميع أنحاء البلاد. وارتفع السعر المرجعي لبنزين 92 أوكتان في بورصة سانت بطرسبرغ التجارية الدولية إلى 890 دولاراً للطن يوم الاثنين، بينما وصل سعر بنزين 95 أوكتان إلى ألف دولار للطن. وارتفعت الأسعار بنسبة 1.3% و2.2% في يوم واحد، على التوالي. ومنذ بداية العام، قفز سعر البنزين 92 بنسبة 38% وسعر 95 أوكتان بنحو 49%.

وتأتي هذه الزيادة بعد أن أدت هجمات هذا الشهر إلى إيقاف العمليات في ثلاث مصافي تكرير رئيسية: مصنع روسنفت في نوفوكويبيشيفسك في الثاني من أغسطس/آب، ومصنعها في ساراتوف في الحادي عشر من أغسطس/آب، ومصفاة لوك أويل في فولغوغراد، وهي الأكبر في جنوب روسيا وواحدة من أكبر عشرة منتجين في البلاد في الرابع عشر من أغسطس/آب، وفق "ذا موسكو تايمز".

وتمثل المنشآت المغلقة ما يقرب من 30 مليون طن من طاقة التكرير السنوية، أو حوالى 11% من إجمالي إنتاج روسيا في عام 2023. ودفعت أزمة السوق وارتفاع الأسعار قبل الهجمات موسكو إلى إعادة فرض حظر موسمي على صادرات البنزين في الأول من أغسطس/آب، قبيل الهجمات الأخيرة على المصافي.

يأتي ذلك وسط تهديدات من الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات على شركتَي النفط الروسيتَين "روسنفت" و"لوك أويل" وكذا فرض عقوبات على مستوردي النفط الروسي، في إطار قائمة من الخيارات لدفع الرئيس فلاديمير بوتين إلى قبول وقف إطلاق النار مع أوكرانيا.

المساهمون