حرب وقود اليمن... اتهامات متبادلة بين الحوثيين والحكومة حول الأزمة

حرب وقود اليمن ... اتهامات متبادلة بين الحوثيين والحكومة حول إشعال الأزمات

14 نوفمبر 2020
تكرار أزمات الوقود يزيد الصعوبات المعيشية (الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من استقبال ميناء الحديدة لأول مرة خلال الشهر الجاري 4 سفن محملة بالمشتقات النفطية في ظل تفاقم كبير لأزمة الوقود تجتاح جميع المناطق اليمنية، خصوصاً الخاضعة لسيطرة الحوثيين، تواصل الصراع الدائر في اليمن الذي يتركز أخيراً في ملف استيراد الوقود في ظل اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع بالتسبب بهذه الأزمة التي فاقمت معاناة اليمنيين بشكل كبير وساهمت في تفجير أكبر أزمة إنسانية في العالم، بحسب تصنيف الأمم المتحدة.

وأعلن الحوثيون، مساء الأربعاء الماضي، وصول سفينة نفط إلى ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرتها، غربي البلاد، بعد احتجازها من التحالف العربي لأكثر من 6 أشهر، لتصبح رابع سفينة نفط تدخل الميناء خلال الفترة الأخيرة.

وتحمل السفن الأربع، التي تؤكد شركة النفط الخاضعة لسيطرة الحوثيين أنها محتجزة منذ أشهر، أكثر من 70 ألف طن من البنزين بالإضافة إلى كميات كبيرة من الديزل، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها تأتي في إطار ما تبذله الأمم المتحدة عبر مكتب مبعوثها الخاص مارتن غريفيث من جهود لتضييق الفجوة المتسعة بين طرفي الحرب في اليمن للقبول بالمبادرة الأممية المعروضة على هذه الأطراف التي تصر على إدخال المزيد من التعديلات عليها للقبول بها.

وجددت الحكومة اليمنية عبر المجلس الاقتصادي الأعلى التابع لها، الاتهام للحوثيين بالتسبب بأزمة الوقود وعدم صحة ادعاءاتهم بمنع الحكومة تدفق المشتقات النفطية لمناطق سيطرتهم، وهي محاولة اعتبرتها الحكومة المعترف بها دولياً مكشوفة للتنصل من مسؤوليتها في إفشال تنفيذ آلية تدفق الوقود إلى ميناء الحديدة ودفع رواتب كافة موظفي الدولة بإشراف المبعوث الأممي.

وتشهد أسواق الوقود في اليمن اضطرابات حادة وتجاذبات واسعة بعد قرار الحكومة اليمنية، في نهاية العام الماضي، تحرير هذه الأسواق لكسر الاحتكار السائد في استيرادها، في ظل ما تعاني منه البلاد من تدهور شامل يطاول معظم القطاعات الاقتصادية، خصوصاً في المجال النفطي، الذي يعاني من تعطل وتوقف أهم مصافي تكرير النفط، مثل مصافي عدن.

وتوجه اتهامات عديدة لتحالف الحرب في اليمن بالتسبب في تعطيل وإيقاف العمل في مصافي عدن وعدم تشغيلها لتخفيف الأعباء والخسائر التي تتكبدها البلاد في استيراد معظم احتياجاتها من الوقود، إلى جانب التسبب في تفاقم وتدهور الأوضاع المعيشية لليمنيين نتيجة توقف مصافي عدن عن إمداد محطات توليد الطاقة الكهربائية في عدن وبعض المحافظات الأخرى في جنوب اليمن بالمشتقات النفطية التي كانت تزودها بها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

في السياق، يؤكد الخبير في الشركة اليمنية لتكرير النفط، وسام الطيب، أن المحافظات التي يستخرج منها النفط، مثل مأرب وحضرموت، تعمل فيها مصاف لتكرير النفط، لكن عملها محدود مقارنة بمصافي عدن الاستراتيجية التي كانت تقوم بدور واسع في هذه الجانب وتخفيف احتياجات الأسواق اليمنية من الوقود.

وحسب الطيب، فاقم توقف مصافٍ بشكل كبير من الأزمة التي يشهدها اليمن في الوقود مع انخفاض المعروض منها وتوقف إنتاج الحقول اليمنية ونفاد الاحتياطي النقدي من البنك المركزي اليمني، وأدى ذلك إلى خلق أزمة حادة في استيراد الوقود بما يلبي احتياجات السوق المحلي والقطاعات الاقتصادية والصناعية منها.

ويضيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة اليمنية تتكبد خسائر كبيرة نتيجة استيراد الوقود منذ قرار تحرير استيراده في العام الماضي، إذ أصبحت تشتريه بفارق يزيد على 75 دولارا للطن الواحد مقارنة مع الوضع الذي كان سائداً قبل هذا القرار. لذا، يرى الخبير في المجال النفطي أهمية تركيز الحكومة بدلاً من ذلك على إعادة تشغيل وتطوير الأداء التشغيلي لمصافي عدن، واتخاذ الإجراءات اللازمة باستكمال تمويل المراحل الأخيرة من محطة الطاقة الخاصة بالمصافي ووضع جدول زمني لتشغيل المصافي بما يضمن استعادة المصافي لدورها الاقتصادي الفاعل وتخفيف الأعباء عن الأسواق والقطاعات الخدمية.

توقف أهم المصافي العاملة في اليمن قد يتسبب في مضاعفة ما تشهده من ترد وتدهور في قدراتها التكريرية والإنتاجية في ظل حاجتها إلى صيانة وتطوير شامل لأجهزتها وأصولها ومعداتها.

وتسببت الحرب الدائرة في اليمن في انهيار المؤسسات العامة النفطية، مثل مصافي عدن، الأمر الذي ساهم في خلق فوضى في هذا السوق الذي تم تعويمه من قبل الحوثيين في العام 2015، إذ أصبح التجار يعملون على استيراد الوقود وبيعه كل منهم في منطقته، إلى أن أصدر الرئيس اليمني قراراً بتحرير سوق النفط في العام 2018، تبعه قرار حكومي بتحرير نهائي وفتح المجال بشكل واسع لاستيراده.

وفي المقابل، تشكو شركة النفط في صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، من قيود يضعها التحالف والحكومة اليمنية على مرور السفن المحملة بالوقود إلى ميناء الحديدة، غربي اليمن، وتأخير وصولها إليه في عرض البحر لشهور رغم أنها تابعة لتجار في القطاع الخاص ومستوفية لجميع الشروط الموضوعة والوثائق المطلوبة وفق المرجعيات الخاصة باتفاق استوكهولم، في حين تتهم الحكومة المعترف بها دولياً الحوثيين بافتعال أزمة الوقود رغم سماحها بدخول كميات من المشتقات النفطية تكفي لمدة ثلاثة أشهر.

كما تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بإعاقة وصول شحنات الوقود المنقولة برا وفرض رسوم وجبايات غير قانونية، وإجبار التجار على بيعها في السوق السوداء.

ولم تتوقف الأزمة الراهنة بين طرفي الحرب في اليمن، الحكومة اليمنية والحوثيون، بل تدور صراعات بينية في معظم المناطق اليمنية، إلى جانب ما تشهده مناطق التماس الفاصلة بين الطرفين من ازدهار ملحوظ لتجارة تهريب الوقود من المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة إلى المناطق الاّخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

ويجسد السجال الدائر بين محافظتي شبوة وحضرموت، جنوب اليمن، ما يدور في البلاد من صراعات بينية مركبة على مستوى كل منطقة، إذ اتهم محافظ شبوة فرع شركة النفط الحكومية في حضرموت بعرقلة توريد المشتقات النفطية إلى محافظة شبوة المجاورة لها، وأدى ذلك إلى قيام فرع شركة النفط في المحافظة إلى تقديم شكوى إلى النائب العام طالبت فيها بفتح تحقيق عاجل بهذا الموضوع بعد رد شركة النفط بحضرموت الذي اتهمت فيه فرع الشركة بشبوة بالمسؤولية عن عرقلة توريد النفط إلى هذه المحافظة الواقعة جنوب شرق اليمن.

ويرى باحث في مركز الدراسات والأبحاث النفطية، أمين العلي، أن الأطراف المتحاربة في اليمن ركزت صراعها أخيراً على الورقة الاقتصادية وملف استيراد الوقود نظراً للأموال الضخمة التي تجنيها هذه الأطراف من عائدات تتسرب إلى خارج الخزينة العامة، وبالتالي زيادة معاناة اليمنيين الذين يواجهون أعباء تفوق قدراتهم بسبب أزمة الوقود وصعوبة الحصول عليه وارتفاع أسعاره وتبعات ذلك على عديد من الأعمال والمهن وعلى أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية ومختلف الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه.

ويؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن اتفاق استوكهولم لم يحل هذه الأزمة بل فاقمها في ظل تركيز المناط به تنفيذ الاتفاق على استخدامها كورقة ضغط بهدف تحقيق مكاسب سياسية خاصة بكل طرف.

المساهمون