حرب أوكرانيا تضغط على الاقتصاد الألماني.. هذا ما يحتاجه للتعويض

حرب أوكرانيا تضغط على الاقتصاد الألماني.. هذا ما يحتاجه للتعويض

10 يونيو 2022
الصادرات الألمانية إلى روسيا تراجعت بمقدار الثلثين (Getty)
+ الخط -

يشعر العديد من مديري الشركات الألمانية بالقلق إزاء ما يحصل في الاقتصاد العالمي وبفعل 3 تطورات فرضت نفسها على حركة أداء الاقتصاد الألماني؛ أحدثها تداعيات الحرب الأوكرانية، إلى جانب تأثير كورونا على سلاسل التوريد، والتضخم الذي يضغط بقوة على حركية الأسواق.

تشاؤم الشركات الألمانية

وتبرز التقارير الاقتصادية أنّ تشاؤم الشركات آخذ في الازدياد، فضلاً عن انهيار المزاج الذي ساد قبل فترة وجيزة بخصوص نمو الاقتصاد الألماني، وحيث طمح الصناعيون والحرفيون والتجار وقطاع المقاولات بازدهار أعمالهم بعد التراجع التدريجي لوباء كورونا في البلاد.

وفي السياق، بيّن مسح أجراه اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية، أخيراً، أنّ ثلث الشركات الألمانية التي شملها الاستطلاع، والبالغ عددها 25 ألف شركة، تتوقع تراجعاً في نشاطها التجاري خلال الأشهر الـ12 المقبلة، فيما 19% منها تأمل بحدوث تحسّن في أدائها.

ونقلت صحيفة هاندلسبلات عن المدير التنفيذي للاتحاد المذكور مارتن فانسليبن، اليوم الجمعة، قوله إنه "حتى الآن لم نشهد مثل هذا الركود في الصناعة سوى خلال الأزمة المالية، والإغلاق الأول عام 2020 بسبب جائحة كورونا. والتوقعات بأن يكون النمو الاقتصادي عند 1% إلى 1.5% كحد أقصى عام 2022، هذا في وقت كانت المؤشرات، منتصف فبراير/شباط الماضي وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، بأنّ النمو سيكون عند 3%.

ووفقاً لتقرير صادر عن اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية، فإنّ الاقتصاد الألماني تأثر بشكل خاص بالارتفاعات الحادة في أسعار الطاقة والمواد الخام، وحيث وصفت 78% من شركات شملها الاستطلاع "انفجار" أسعار مشتقات النفط بأنّه يشكّل أحد أكبر المخاطر على الأعمال، وفي مجال الصناعة، وصلت النسبة إلى 93%، وسط تحذيرات من حدوث انهيارات في بعض القطاعات، فضلاً عن تخوف من فقدان قطاعات أساسية.

من جهة ثانية، ذكرت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، نقلاً عن مكتب الإحصاء الاتحادي، أنّ الصادرات الألمانية إلى روسيا تراجعت، خلال إبريل/نيسان الماضي، بشكل ملحوظ نتيجة الحرب على أوكرانيا، واستقرت عند 900 مليون يورو؛ أي إنّ التراجع كان بمقدار الثلثين تقريباً عن نفس الشهر من العام الماضي.

ويعود ذلك إلى العقوبات الاقتصادية وقيود التصدير المفروضة على موسكو بسبب حربها على كييف، حتى إنّ الاتحاد الروسي تراجع في قائمة وجهات التصدير الألمانية خارج الاتحاد الأوروبي من المركز الخامس إلى المركز الرابع عشر.

وبشكل عام، زادت الصادرات الألمانية إلى الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 8.4% في إبريل الماضي مقارنة بالعام السابق. في حين ارتفعت الصادرات بنسبة 19% على أساس سنوي إلى الولايات المتحدة، الشريك التجاري الأهم لألمانيا، بينما تراجعت بشكل طفيف مع الصين التي تحتل الترتيب الثاني.

عجز في الاقتصاد الألماني

ومع تباطؤ المكاسب الإنتاجية والتوقعات بنمو أسوأ، أظهرت دراسة أجرتها أخيراً شركة "ديلواتيه" للاستشارات الاقتصادية، وأوردتها "إيه آر دي"، وجود عجز في الاقتصاد الألماني، مشيرة إلى أنّه يقف على مفترق طرق، وبات من الضروري القيام بإجراءات سياسية واقتصادية واضحة للحفاظ على الازدهار في ألمانيا.

ووفقاً للدراسة التي أعدتها "ديلواتيه"، ومن أجل إبقاء ألمانيا على مسار النمو، فإنّ المتطلبات الأساسية قوامها انخراط المزيد من النساء في سوق العمل، والتوسع بالرقمنة وزيادة عدد الشركات الناشئة.

ورأى مدير شركة "ديلواتيه" في ألمانيا فولكر كروغ أنّ هذه الأسس الثلاثة ستحدد كيفية رسم الإطار للازدهار المستقبلي، ونوعية حياة الأجيال للسنوات المقبلة في البلاد.

ومن المعلوم أنّ نمو الإنتاجية في ألمانيا انخفض إلى النصف خلال العقد الماضي مقارنة بفترة السنوات العشر التي سبقتها. وبحسب خبراء "ديلواتيه"، فإنّ هذا الواقع يعد أمراً سيئاً في مجتمع هرم نسبياً ويعاني من انخفاض في عدد السكان، وإذا لم يجرى تحوّل في هذه الاتجاهات السلبية، فسيفقد الموقع قدرته التنافسية.

ماذا تحتاج ألمانيا للحفاظ على مسار النمو؟

علاوة على ذلك، ووفقاً لخبراء "ديلواتيه"، فإنه ومن خلال السياسات الاقتصادية الصحيحة، سيكون من الممكن تحقيق معدلات نمو بنسبة 3.4% في السنوات المقبلة، وسيكون سوق العمل الرافعة الأساسية في هذا الصدد، ولا يمكن للآلة أن تعوّض النقص المتزايد في العمال المهرة، والمطلوب مرونة في ساعات العمل وتقديم الرعاية المكثفة للأطفال لكي تتمكّن النساء من العمل بدوام كامل، ناهيك عن أهمية ارتفاع مشاركة القوى العاملة بين المواطنين والأجانب.

وعليه، يتعين على ألمانيا اتباع نهج أكثر تحديداً للرقمنة والمزيد من الاستثمارات في البرامج ورأس المال الاستشاري، للمساهمة في تعزيز النمو الحقيقي.

المساهمون