استمع إلى الملخص
- يواجه البنك تحديات مثل التضخم واستقرار العملة، وتسعى صابرين لتجنب طباعة الليرات لتمويل العجز، وإعادة هيكلة البنوك المملوكة للدولة، وتنظيم محلات الصرافة، وتوسيع قطاع البنوك الإسلامية.
- يخضع البنك لعقوبات أميركية، لكن الإدارة تسعى لتحسين الأوضاع الاقتصادية عبر استثناءات، مثل التحويلات الشخصية، وتعاون قطر في تمويل زيادة أجور القطاع العام.
قالت حاكمة البنك المركزي السوري الجديدة ميساء صابرين إنها ترغب في تعزيز استقلالية البنك في اتخاذ قرارات السياسة النقدية، في تغيير جذري عما كان معمولاً به تحت السيطرة المشددة في عهد نظام بشار الأسد. صابرين، التي كانت سابقاً النائبة الأولى لمحافظ البنك المركزي السوري، تولت المنصب بشكل مؤقت بعد استقالة المحافظ السابق محمد عصام حازم، في أواخر العام الماضي، وهي مثال نادر على ترقية موظف حكومي رفيع بعد سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وقالت لوكالة رويترز، في أول مقابلة إعلامية لها منذ توليها منصبها: "البنك يعمل على إعداد مسودات لتعديل قانون البنك لتعزيز استقلاليته، بما في ذلك منح البنك مزيداً من الحرية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية"، وأشارت إلى أنّ هذه التعديلات تحتاج إلى موافقة السلطة الحاكمة الجديدة في سورية، إلا أنّ العملية في هذه المرحلة غير واضحة. ولم تحدد توقيت هذه التعديلات.
يرى الاقتصاديون أنّ استقلالية البنك المركزي أمر حاسم لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي على المدى الطويل. ورغم أن البنك المركزي السوري كان يعتبر، على الورق، مؤسسة مستقلة، إلا أنّ قرارات سياسته كانت فعلياً تحددها الحكومة في عهد نظام الأسد.
وأضافت صابرين أنّ البنك المركزي يبحث أيضاً عن طرق لتوسيع قطاع البنوك الإسلامية لجذب السوريين الذين يتجنبون استخدام الخدمات المصرفية التقليدية، وقالت: "قد يشمل ذلك منح البنوك التي تقدم خدمات تقليدية الخيار لفتح فروع للبنوك الإسلامية". البنوك الإسلامية تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وتحظر فرض الفائدة، بالإضافة إلى استثمار الأموال في الأنشطة المحظورة مثل تجارة الخمور، ولحم الخنزير، والأسلحة، والإباحية، والمقامرة. ويعد القطاع المصرفي الإسلامي راسخاً في سورية ذات الأغلبية المسلمة.
عقوبات المركزي السوري
وفيما كانت الحكومة تستخدم البنك المركزي لتمويل عجزها، ما أدى إلى زيادة التضخم، قالت صابرين إنها حريصة على تغيير هذا الوضع. وأضافت: "البنك يريد تجنب الحاجة إلى طباعة الليرات السورية لأن ذلك سيؤثر على معدلات التضخم". وعند سؤالها عن حجم احتياطات سورية من العملة الأجنبية والذهب، رفضت تقديم تفاصيل، قائلة إنّ مراجعة الميزانية لا تزال جارية.
وأفاد أربعة أشخاص مطلعين على الوضع في ديسمبر/ كانون الأول، بأنّ البنك المركزي كان لديه نحو 26 طناً من الذهب في خزائنه، تقدر قيمتها بحوالي 2.2 مليار دولار، بالإضافة إلى حوالي 200 مليون دولار من العملة الأجنبية وكميات كبيرة من الليرات السورية.
ويخضع البنك المركزي السوري وعدد من المحافظين السابقين لعقوبات أميركية فرضت بعد قمع الأسد العنيف للاحتجاجات في 2011، وقالت صابرين إنّ البنك المركزي لديه ما يكفي من الأموال لدفع رواتب الموظفين الحكوميين حتى بعد الزيادة التي بلغت 400% التي وعدت بها الإدارة الجديدة، لكنها لم توضح المزيد. وأفادت "رويترز" بأنّ قطر ستساعد في تمويل الزيادة في أجور القطاع العام، وهي عملية أصبحت ممكنة بفضل استثناء من العقوبات الأميركية اعتباراً من السادس من يناير/ كانون الثاني، ما يسمح بالمعاملات مع المؤسسات الحاكمة السورية.
تحدي التضخم
يقول المحللون إنّ استقرار العملة ومعالجة التضخم سيكونان من أبرز مهام صابرين، بالإضافة إلى إعادة هيكلة القطاع المالي. انخفضت قيمة الليرة السورية من حوالي 50 ليرة مقابل الدولار في أواخر 2011 إلى أكثر من 13.000 ليرة للدولار، يوم الاثنين، وفقاً لبيانات البنك المركزي ومؤشرات LSEG. وأفادت تقارير البنك الدولي في ربيع 2024 بأنّ التضخم السنوي قفز بنسبة تقارب 100% مقارنة بالعام السابق.
كما يبحث البنك المركزي عن طرق لإعادة هيكلة البنوك المملوكة للدولة وإدخال تنظيمات لمحلات تحويل الأموال والصرافة، التي أصبحت مصدراً رئيسياً للعملات الصعبة.
وكانت حكومة الأسد قد فرضت قيوداً شديدة على استخدام العملات الأجنبية، حيث كان العديد من السوريين يتجنبون حتى ذكر كلمة "دولار". لكن الإدارة الجديدة تحت قيادة أحمد الشرع ألغت هذه القيود، وأصبح السكان المحليون يتنقلون في الشوارع وهم يحملون أكواماً من الأوراق النقدية، ويتداولون الأموال من سياراتهم، بما في ذلك واحدة متوقفة أمام مدخل البنك المركزي.
ولتثبيت الأوضاع وتحسين الخدمات الأساسية، سمحت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، بإعفاءات من العقوبات للمساعدات الإنسانية وقطاع الطاقة وتحويلات الأموال إلى سورية، رغم أنها أكدت أن البنك المركزي نفسه لا يزال خاضعاً للعقوبات. وقالت صابرين إنّ السماح بالتحويلات الشخصية من السوريين في الخارج كان خطوة إيجابية، وأعربت عن أملها في رفع العقوبات بشكل كامل حتى تتمكن البنوك من العودة إلى النظام المالي العالمي.
(رويترز، العربي الجديد)