جيل الألفية واستعادة القوة الاقتصادية

19 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 18:06 (توقيت القدس)
قطاع العقارات الأميركي، ولاية فلوريدا، 23 فبراير2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في عام 2016، أثار مقال برنارد سولت جدلاً حول جيل الألفية، متهمًا إياهم بإهدار المال على "خبز الأفوكادو" بدلاً من ادخاره لشراء المنازل، مما فتح نقاشًا حول مسؤوليتهم في الأزمات المالية.
- رغم الانتقادات، أظهر جيل الألفية قدرة على التكيف، حيث ارتفعت نسبة ملكيتهم للمنازل وتضاعفت ثروتهم منذ 2016، رغم استمرار الفجوات الاقتصادية.
- يبرز جيل الألفية اليوم في مواقع القرار، مثبتين قدرتهم على تجاوز الصور النمطية السلبية، وأصبحوا قادة في مجالات متعددة مثل التكنولوجيا والسياسة.

على مدى سنوات، عُرف جيل الألفية في الخطاب الإعلامي بأنه الجيل الذي أهدر دفعات مقدمة لشراء المنازل على "خبز الأفوكادو"، وهي رواية انطلقت من مقال ساخر للكاتب برنارد سولت في صحيفة الأستراليان عام 2016. في مقاله بعنوان شرور مقهى الهيبستر، تساءل سولت ساخرًا عن قدرة الشباب على دفع 22 دولارًا مقابل وجبة أفوكادو مهروس مع جبنة الفيتا، معتبرًا أن هذا المال كان يمكن أن يُدخر لشراء منزل، بحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ.

سرعان ما تحولت هذه العبارة إلى رمز عالمي لما وُصف بـ"حرب الأجيال"، حيث تناولتها وسائل إعلام من بينها "بي بي سي" و"لوموند الفرنسية" و"لا فوز دي غاليسيا" الإسبانية، وأثارت جدلًا حول مسؤولية جيل الألفية في أزماته المالية. وفي الولايات المتحدة، عمّق هذا الخطاب من الإحساس بالأزمة، إذ أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الأميركي من جيل الألفية سيحتاج إلى 113 عامًا لتجميع دفعة مقدمة لشراء منزل إذا ساوى إنفاق جيل الطفرة السكانية على الطعام في الخارج.

الواقع في تلك الفترة دعم هذه الصورة؛ ففي خضم الركود الكبير، كان واحد من كل خمسة من شباب الألفية عاطلًا عن العمل. عام 2016، كانت ثروة الألفية الأكبر سنًّا أقل بنحو الثلث مما كان يُتوقع أن تكون عليه. بلغت ديون الطلاب 1.3 تريليون دولار، وارتفعت تكاليف المعيشة، بينما بقيت ملكية المنازل في أدنى مستوياتها منذ 1965، بحسب بلومبيرغ.

رد فعل جيل الألفية لم يأتِ من فراغ؛ فقد قلبوا المعادلة واتهموا جيل الطفرة السكانية بخلق نظام يصعب فيه بلوغ أهداف النضج. أصبح "لوم الطفرة" جزءًا من وعيهم الجمعي، وتجلّى في أعمال ثقافية مثل Girls وBroad City و Workaholics، حتى المعالجون النفسيون لاحظوا أن استياء الألفية من جيل الطفرة يظهر موضوعًا متكررًا في جلساتهم.

لكن البيانات الاقتصادية اليوم تكشف عن تحول لافت، إذ تشير التقديرات إلى أن 55% من جيل الألفية في الولايات المتحدة يمتلكون منازل. كما أن متوسط ثروتهم تضاعف أربع مرات منذ 2016 ليصل إلى نحو 360 ألف دولار، وفق الاحتياطي الفيدرالي

، بعدما بلغت الثروة الصافية للأسر من جيل الألفية آنذاك نحو 90 ألف دولار. وارتفعت ثروة المساكن بمقدار 2.5 تريليون دولار بين 2020و2024، فيما بلغ متوسط رصيد خطط التقاعد 74،800 دولار.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية

بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس أوضح أن جيل الألفية يملك الآن 1.35 دولار مقابل كل دولار كان يملكه جيل الطفرة في العمر نفسه. ومع ذلك، تبقى الفوارق حاضرة؛ فالفجوة بين الأغنى والأفقر من جيل الألفية اتسعت بمقدار 64 ألف دولار مقارنة بجيل الطفرة، بينما يمتلك الألفية البيض منازل بمعدل ضعف نظرائهم السود. كما تلعب عوامل التعليم، والموقع الجغرافي، والقطاع المهني، والإرث المالي دورًا في تعميق الفجوة.

ووفق وكالة بلومبيرغ، يرى خبراء أن تقسيم الأجيال إلى قوالب ثابتة أشبه بـ"علم التنجيم"، بحسب وصف أستاذ هارفارد لويس ميناند، إذ يسهّل التعميم، لكنه يحجب التحديات المشتركة العابرة للأجيال. وعلى الرغم من الصورة النمطية السابقة التي وسمت الألفية بالكسل والترف – كما في كتاب الجيل الأكثر غباءً وتقرير مجلة تايم الذي وصفهم بـ"كسالى، مدللين، نرجسيين" – إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك. فقد واجهوا أسوأ سوق عمل منذ الكساد العظيم، عملوا بجد، وبدّلوا الوظائف بوتيرة أقل من الأجيال السابقة، واشتروا منازل وسيارات، وأسسوا عائلات.

اليوم، يبرز جيل الألفية في مواقع القرار: نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، مؤسس "ميتا" مارك زوكربيرغ، رئيس "أوبن إيه آي" سام ألتمان– جميعهم ينتمون إلى هذا الجيل. ويجمع مراقبون على أن الدرس الأهم يكمن في أن جيل الألفية قادر على تجاوز الخطابات السطحية وإعادة صياغة قصته.

من جيل اتُّهم بالتبذير على وجبات البرانش، إلى جيل يمتلك القوة الاقتصادية والقدرة على كسر دائرة اللوم المتبادل بين الأجيال، ليكتب فصلًا جديدًا من قصته بوصفه جيل الوعد لا جيل الفشل.

المساهمون