استمع إلى الملخص
- يرى ستيغليتز أن التحالف بين السلطة ورأس المال يشكل خطراً على الاقتصاد، مشيراً إلى أن سياسات ترامب قصيرة المدى تفتقر إلى الفهم العميق للتجارة الدولية وتؤدي إلى اختلالات اقتصادية.
- يؤكد ستيغليتز على أهمية الرقابة الحكومية، محذراً من مخاطر الاحتكارات في قطاع التكنولوجيا، ويرى أن دعم المليارديرات لترامب يهدد العدالة الاجتماعية.
لم يكف الاقتصادي الأميركي جوزيف ستيغليتز، الحائز جائزة نوبل، عن التنبيه إلى مخاطر سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يريد التخفف من القوانين التي تضبط الأسواق، محذراً من نيات المليارديرات الذين أعلنوا ولاءهم للرئيس العائد إلى البيت الأبيض.
بدت الكثير من الأوساط الاقتصادية مهتمة بآراء ستيغليتز البالغ من العمر 81 عاماً، في هذه الظرفية المتسمة بالكثير من عدم اليقين والقلق. وهذا ما دفع العديد من وسائل الإعلام إلى الاهتمام بحضوره في فرنسا خلال الأيام الأخيرة من أجل الترويج لكتابه الجديد "طرق الحرية"، إذ يؤكد أن تقليص التنظيمات القانونية في الولايات المتحدة كما في بلدان أخرى وخفض الضرائب الذي يعد به اليمين الراديكالي بدعوى الحرية، من شأنه أن يقلّص مجال الحرية للسواد الأعظم من الناس، ويخدم مصالح الأكثر ثراء.
ينسجم هذا التصور مع قناعات عبّر عنها الاقتصادي الشهير منذ عقود، إذ دأب على التحذير من الاستسلام لليد الخفية للسوق. تلك قناعة ترسخت لدى ستيغليتز الذي دأب عبر إنتاجه الأكاديمي الذي أهله للفوز بجائزة نوبل في عام 2001 على الدعوة إلى ضرورة كبح السوق وتقليص الفوارق الاجتماعية.
وقد تمكّن ستيغليتز من الوقوف على حقيقة الاقتصاد العالمي، عبر اطلاعه على كيفية صناعة واتخاذ القرار الاقتصاد في بلده وفي المؤسسات الدولية، إذ كان كبير الاقتصاديين ونائب رئيس البنك الدولي إلى غاية عام 2000.
يدرك الكثيرون أنه مطلع على المخاطر التي ينطوي عليها التحالف بين السلطة ورأس المال. فقد ضمه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إلى عضوية مجلس المستشارين الاقتصاديين في عام 1993، قبل أن يترأس تلك اللجنة في عام 1995، التي غادرها في عام 1997، كي يلتحق بالبنك الدولي.
جوزيف ستيغليتز الذي يصنف ضمن "الكينزيين الجدد"، ومؤلف كتب عديدة مثل "انتصار الجشع" أو "ثمن اللامساواة" يعبر عن يقينه بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيفشل، ما دام لا يفهم معنى التعاون والقانون الدولي والمعاملة بالمثل، إذ يرى أن كل ما يفعل يندرج ضمن المدى القصير، ما دام يفكر بمنطق الصفقات.
لا يكف عن التنديد بمساوئ العولمة. فهو يؤكد أن النيوليبرالية فشلت في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويعتبر أن السواد الأعظم من الأميركيين أدركوا أن النظام فشل. وهو الأمر الذي استثمره دونالد ترامب من أجل الفوز بالانتخابات الرئاسية، غير أنه يعتقد أن تحليلات الرئيس الأميركي والحلول التي يقترحها تنطوي على هفوات، بسبب عدم فهمه التجارة الدولية.
ويتصور أن ترامب يحمل نظرة تبسيطية وخاطئة، ما دام يعتقد أن الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري وتخسر المال، لأن آخرين يجنون فوائد، غير أن جوزيف ستيغليتز يرى أن الاقتصاديين يتفقون على أن العجز التجاري هو كذلك نتيجة اختلالات داخلية في الولايات المتحدة.
يؤكد ستيغليتز أن فرض رسوم جمركية سيؤثر كذلك على الصناعات الأميركية، بفعل تداخل سلاسل القيمة، ويضرب مثلاً بفرض رسوم مرتفعة على الملابس المستوردة من الصين، إذ يرى أن ذلك سيضرّ بسلسلة التوزيع الأميركية "وولمارت"، التي تتمتع بحضور قوي في الولايات المتحدة.
كما يرى أن تعيين الملياردير إيلون ماسك على رأس وزارة الكفاءة الحكومية يدعم أطروحته بشأن أن الاحتكارات تقلص مجال الحرية، والسماح بإحداث تلك الاحتكارات يفضي إلى إجازة الاستغلال. ويشدد على أن اليمين المتطرف الذي يحيط بالرئيس الأميركي يريد تكريس حرية المليارديرات.
يلح على ضرورة إخضاع الأسواق لرقابة من قبل الدولة عبر الجباية والتنظيمات القانونية، وهو عكس التوجه الذي سار عليه الرئيس الأسبق رونالد ريغان وترامب وإيلون ماسك في إطار وزارة الكفاءة الحكومية. ويشدد على الخطر الذي تمثله الشركات العاملة في التكنولوجيات الحديثة. ويلاحظ أن الاحتكارات التي كانت تتعلق بالبترول والحديد، كانت تزيد ثروات البعض، بينما تتعلق الاحتكارات التي تشكلها شركات التكنولوجيا الحديثة بالمعلومة، تطاول أسس المجتمع الديمقراطي.
ويرى أن المليارديرات الذين يوجدون اليوم في خدمة دونالد ترامب، والذين يمثلون قطاع التكنولوجيا الحديثة، يتمسكون بالسلطة ليس من أجل الدفاع عن العدالة الاجتماعية أو القيم، بل بهدف الاستحواذ على السلطة وتفكيك القوانين وننشر الأكاذيب عبر الإنترنت وتعظيم أرباحهم. ويجزم بأنهم يرسمون "طريقاً نحو العبودية" ونحو مجتمع يكد فيه الناس من أجل قوت يومهم، مؤكداً أن حرية الذئب تعني موت الحملان.