جبهات تجارية مشتتة: تكتلات ضخمة بلا مواقف موحدة ضد رسوم ترامب

15 يوليو 2025   |  آخر تحديث: 09:06 (توقيت القدس)
ترامب في اجتماع بتكساس، 11 يوليو 2025 (تشيب سوموديفيلا/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتزايد المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والتكتلات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي وبريكس وآسيان، حيث يسعى الاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون مع كندا واليابان وتعميق الاتفاقيات مع الهند وآسيا والمحيط الهادئ.
- توسع تكتل بريكس ليشمل دولاً جديدة مثل مصر والإمارات، ويتوقع أن يشكل 40% من الاقتصاد العالمي في 2024، رغم تشتت موقفه تجاه السياسات الأميركية.
- تسعى آسيان لتعزيز التجارة الإقليمية عبر اتفاق RCEP، بينما أطلق الاتحاد الأفريقي مشروع منطقة التجارة الحرة القارية، ويسعى ميركوسور لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.

تتزايد حدة المواجهة التجارية بين دول العالم والولايات المتحدة، قبيل فرض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الجمركية في مطلع أغسطس/ آب المقبل. وفيما توجد تكتلات تجارية قائمة، إلا أنها تسعى إلى توثيق التعاون أو توسيع حجمها لمواجهة الأحادية الأميركية في إدارة الاقتصاد العالمي، وتغيير ركائز العولمة التي حكمت العلاقات التجارية ما بين الدول لسنوات خلت. إلا أن قرارت هذه التكتلات، على الرغم من ثقلها الاقتصادي، لا تزال مربكة وضعيفة وغير فاعلة، وكذا تنتظر اللحظات الأخيرة للتبلور، فيما يمضي ترامب بسياساته العقابية العالمية.

ويأتي الاتحاد الأوروبي من بين التكتلات الأساسية الكبرى التي تسعى للرد على ترامب ورسومه. ويتألف الاتحاد من 27 دولة أوروبية، بينها 20 دولة تتعامل باليورو عملة موحدة. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد أكثر من 17 تريليون دولار حتى عام 2024. وأوردت وكالة بلومبيرغ، أمس الاثنين، أن الاتحاد يسعى لتعزيز تعاونه مع الدول الأخرى المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية، بينها كندا واليابان.

وقالت مسؤولة المنافسة بالاتحاد الأوروبي، تيريزا ريبيرا، أمس الاثنين، إن الاتحاد يتطلع إلى تعميق الاتفاقيات التجارية مع الهند ودول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وصرّحت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين، أول من أمس الأحد، بأن الاتحاد سيمدّد تعليق الإجراءات التجارية المضادة ضد الولايات المتحدة حتى الأول من أغسطس/ آب لإتاحة المجال لمزيد من المحادثات.

والقائمة الحالية للتدابير المضادة ستطاول نحو 24.5 مليار دولار من البضائع الأميركية، في حين أعد الاتحاد الأوروبي قائمة أخرى بنحو 72 مليار يورو، فضلاً عن بعض ضوابط التصدير. وذلك بعدما أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً جمركية بنسبة 30% على الاتحاد الأوروبي والمكسيك الشهر المقبل.

مواقف من رسوم ترامب

وإلى جانب الاتحاد الأوروبي، يأتي تكتل بريكس، المؤلف من الأحرف الأولى للدول المؤسسة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إلا أنها اتسعت في عام 2024 لتشمل مصر والإمارات وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران. وقد حذر ترامب من أنه سيعاقب الدول التي تسعى للانضمام إلى المجموعة "المعادية لأميركا" بحسب تعبيره، ملوحاً بفرض رسوم جمركية إضافية عليها بنسبة 10%.

تحوّلت كتلة بريكس، التي تأسست عام 2009، إلى قوة اقتصادية تُثير قلق الولايات المتحدة الأميركية، المتوقَّع أن يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لدولها المتوسط العالمي في 2025، وفقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في إبريل/ نيسان الماضي. وتتوقع البيانات أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة إلى 3.4%، بينما سيصل المتوسط العالمي إلى 2.8%.

كما تكشف بيانات صندوق النقد الدولي أن دول "بريكس" ستشكل 40% من الاقتصاد العالمي (بمقياس تعادل القوة الشرائية) في عام 2024، مع توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى 41% هذا العام، بحسب موقع "بريكس" الإلكتروني. وتخوض هذه المجموعة حملة واسعة عبر عدد من الدول المنضوية فيها ضد سياسات ترامب الحمائية، إلا أن موقفها لا تزال مشتتاً.

كذا، تبرز مجموعة آسيان، وهي رابطة دول جنوب شرق آسيا وتضم إندونيسيا، ماليزيا، سنغافورة، تايلاند، الفيليبين، فيتنام، ميانمار، لاوس، كمبوديا، وبروناي، وتشكّل نحو 4% من الاقتصاد العالمي، ولم تُصدر موقفاً موحداً ضد رسوم ترامب، لكن بعض أعضائها عبّروا عن القلق وأصدروا مواقف رافضة لسياسات ترامب التجارية، كما سعت لتعزيز التجارة الإقليمية عبر اتفاق RCEP، وهو أكبر اتفاق تجارة حرة في العالم، وُقِّع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 بهدف تعزيز التجارة والتكامل الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ. ويغطي الاتفاق 30% من الناتج العالمي ويمثل أكثر من 2.3 مليار شخص. ويتكوّن من دول آسيان إضافة إلى الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، ونيوزيلندا. وجاء هذا التكتل لموازنة النفوذ الأميركي بعد انسحاب واشنطن من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ في عهد ترامب. ولم يصدر عن التكتل أي آلية موحدة لمواجهة الرسوم.

مجموعات بمواقف باهتة

 وأيضاً أطلق الاتحاد الأفريقي في عام 2021 مشروعاً اقتصادياً ضخماً، وهو منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي تضم 55 دولة لتصبح أكبر منطقة تجارة حرة من حيث عدد الدول، بهدف إزالة الحواجز الجمركية بين الدول الأفريقية وتحفيز التصنيع والتكامل الاقتصادي، وهو لا يزال في بدايات نشاطه.

أما تكتل ميركوسور، أو السوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية، فقد تأسس عام 1991 ويضم: البرازيل، الأرجنتين، باراغواي، الأوروغواي وعدداً من الشركاء، هدفه إنشاء سوق موحدة وتسهيل التجارة الحرة في أميركا الجنوبية وقد حاول ترامب سابقاً فرض عقوبات تجارية على بعض هذه الدول. وتبلغ حصة التكتل من الناتج العالمي وفق إحصاءات عام 2023 نحو 5.7 تريليونات دولار.

وقال الاتحاد الأوروبي في إبريل الماضي إن إبرام اتفاق تجاري مع تكتل ميركوسور سيكون "فرصة هائلة" للاتحاد الأوروبي نظراً لعدم اليقين الناجم عن قرار ترامب فرض جولة جديدة من الرسوم الجمركية. وأضاف: "سنستثمر الكثير من الوقت والطاقة مع الدول الأعضاء لإتمام الاتفاق".

كذا، يوجد تكتل كوميسا، الذي يضم 21 دولة أفريقية من شرق وجنوب أفريقيا (مثل: مصر، كينيا، أوغندا، إثيوبيا) وتبلغ حصة التكتل من الناتج العالمي حوالي 2.7%. ودعا التكتل في مايو/ أيار الماضي الدول الأعضاء المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية إلى اتخاذ موقف موحد في سعيها لإيجاد سبل لإدارة علاقاتها التجارية في ظل نظام دونالد ترامب. يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه ثماني دول أعضاء صعوبات تجارية ناجمة عن الرسوم الجمركية، من دون إعلان موقف موحد أو آليات للمواجهة.

المساهمون