ترامب يسدّ ثغرة الشحنات الصغيرة جداً في الرسوم الجمركية: تجني المليارات لكن تدمّر شركات

02 مايو 2025
تيك توك، كاب كت، شي إن وتيمو بين الأكثر رواجاً في الولايات المتحدة، إبريل 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إلغاء إعفاء الشحنات الصغيرة جداً في الولايات المتحدة، التي كانت تُعفى من الرسوم الجمركية، سيؤدي إلى فرض رسوم على الطرود من الصين وهونغ كونغ، مما يؤثر على تكاليف الشحن وأسعار المنتجات للمستهلكين الأميركيين.

- القرار سيزيد تكاليف الشحن الجوي ويبطئ عمليات التسليم، مما يؤثر على المستهلكين المعتادين على السلع الرخيصة من الصين، وقد يؤدي إلى إغلاق بعض المصانع الصينية ما لم تتخذ الحكومة تدابير مضادة.

- شركات مثل "تيمو" و"شي إن" ستواجه تحديات كبيرة، وقد تضطر لرفع الأسعار أو البحث عن استراتيجيات جديدة، مع احتمال إغلاق مصانع وتأخيرات في الشحن، مما يتطلب استجابة فعالة من الحكومة الصينية.

نعم. إنها ثغرة في الرسوم الجمركية سمّتها بلومبيرغ الشحنات الصغيرة جداً في تقرير موسّع اليوم الجمعة، لكن أثرها كبير. وقد عمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سدّها اعتباراً من اليوم. فما قصتها؟.

"de minimis" مصطلح لاتيني لم يكن معروفاً في السابق خارج نطاق سماسرة الجمارك، إلى أن أصبح حديث الساعة الآن نتيجة لسياسات إدارة ترامب التجارية، لا سيما بالنسبة للسلع الواردة من الصين وهونغ كونغ تحديداً، وهي إلى البضائع "الصغيرة جداً لدرجة أنها لا تهم". والمقصود بها الطرود الصغيرة التي تُشحن مباشرة إلى المستهلكين من الخارج، متجاوزة عادة المستودعات ومراكز التوزيع. وقد كان تصنيف الشحنات الصغيرة جداً، حتى الآن، مصحوباً بميزة كبيرة: عدم وجود الرسوم الجمركية أو الإقرارات الجمركية. ورغم صغر حجم كل طرد "ضئيل"، إلا أنه تم شحنه بكميات هائلة إلى الولايات المتحدة عبر أسواق الخصومات الإلكترونية مثل "شي إن" (Shein) و"تيمو" (Temu).

لكن من المتوقع أن تفقد الطرود الصغيرة جداً من دول أخرى غير الصين القارية وهونغ كونغ إعفاءها الجمركي أيضاً بمجرد تطبيق نظام "لمعالجة وتحصيل" الرسوم الجمركية على وجه السرعة، وفقاً لأمر تنفيذي أصدره ترامب.

فما هو إعفاء الشحنات الصغيرة جداً من الرسوم الجمركية؟

لكي تكون الطرود مؤهلة للإعفاء الأميركي، يجب ألا تتجاوز قيمتها عند البيع بالتجزئة 800 دولار أميركي، وهي قيمة مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى. وتبلغ قيمتها نحو 40 دولاراً أميركياً في كندا على سبيل المثال، ونحو 150 دولاراً أميركياً في منطقة اليورو. وقد رفعتها إدارة الرئيس باراك أوباما إلى هذا المستوى من 200 دولار أميركي في عام 2016، وفقاً لتقرير بلومبيرغ، الذي أشار إلى أن تاريخ الإعفاء يعود إلى عام 1938، عندما عدّل الكونغرس القواعد بحيث يتنازل عن الرسوم الجمركية لتجنب النفقات غير الضرورية مقابل عائدات ضئيلة، أو كما وصفها مسؤول سابق في وزارة الخزانة: "إنفاق دولار واحد لتحصيل 50 سنتاً". وبدأ الإعفاء عند دولار واحد، وظلّ لعقود قبل أن يرتفع إلى خمسة دولارات عام 1990، ثم 200 دولار عام 1993، إلى أن أصبح 800 دولار عام 2015.

من جانبها، تتنازل الصين عموماً عن رسوم جمركية تناهز قيمتها سبعة دولارات عن كل طرد، بينما لا تخضع شحنات شركات التجارة الإلكترونية للرسوم إلا إذا بلغت قيمتها نحو 700 دولار أو أكثر، بشرط استيفائها لشروط معينة.

كيف تُفرض الضرائب الآن؟ وما تأثير الشحنات الصغيرة جداً؟

تُفرض الآن ضريبة بنسبة 120% على الطرود من الصين وهونغ كونغ التي تصل قيمتها إلى 800 دولار، أو تُفرض عليها رسوم ثابتة. تبدأ الرسوم من 100 دولار، ومن المقرر أن ترتفع إلى 200 دولار في الأول من يونيو/حزيران القادم. وترد التفاصيل في أحدث أمر تنفيذي بهذا الشأن والصادر في التاسع من إبريل/نيسان الماضي.

ومع ارتفاع الحد الأقصى المسموح به في أميركا، دخل إلى الولايات المتحدة يومياً نحو أربعة ملايين طرد صغير، تدّعي إعفاءات مرتبطة بالشحنات الصغيرة جداً، في عام 2024. وغالباً ما كانت هذه الطرود تمر دون فحص قبل نقلها إلى شاحنة لتوصيلها مباشرة إلى باب منزل المستهلك. وقد ساعد هذا، حتى الآن، الأميركيين على الوصول إلى الكثير من البضائع الرخيصة التي تبيعها متاجر التجارة الإلكترونية في الصين، مثل تيمو وشي إن. لكنه أيضاً أثقل كاهل سلاسل التوريد العالمية، ورفع تكاليف الشحن الجوي، وأثقل كاهل جهود إنفاذ القانون على الحدود.

والأدهى من ذلك، بحسب بلومبيرغ، الاعتقاد بأن هذه الطرود تُعدّ إحدى طرق تهريب المخدرات غير المشروعة، مثل الفنتانيل، إلى أميركا، وطريقة دخول سلع أخرى إلى الولايات المتحدة، في انتهاك للقواعد المفروضة على الواردات من مناطق معروفة بانتهاكات حقوق الإنسان. وكانت إدارة الرئيس جو بايدن في طريقها إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد انتهاكات الشحنات الصغيرة جداً قبل خسارته في انتخابات إعادة انتخابه في نوفمبر/تشرين الثاني، لذا لم يكن قرار ترامب بإلغاء الإعفاء مفاجئاً تماماً.

ما حجم التجارة التي تأثرت بقاعدة الشحنات الصغيرة جداً؟

حول هذه النقطة، يشير تقرير بلومبيرغ إلى تأثير كبير من حيث الحجم والقيمة، إذ ارتفع كلاهما بشكل كبير. فقد كانت هذه الطرود تقتصر في السابق على القمصان والأجهزة الإلكترونية الصغيرة، لكنها توسعت لتشمل سلعاً باهظة الثمن مثل الدراجات الكهربائية التي تُباع بالتجزئة بسعر 799 دولاراً.

ووفقاً لبيان حقائق أصدره البيت الأبيض في عام 2024، تجاوز عدد الشحنات الفردية إلى الولايات المتحدة، والتي تطالب بإعفاءات "الشحنات الصغيرة جداً"، أكثر من مليار شحنة سنوياً، مقارنة بنحو 140 مليون شحنة قبل عقد من الزمن. وفي حين أعلنت الصين رسمياً عن صادرات طرود صغيرة بقيمة نحو 23 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي، تُقدر شركة نومورا القابضة أن ما يصل إلى 46 مليار دولار من الطرود المتجهة إلى الولايات المتحدة جاءت من الصين. لكن الشبكة الأميركية تلفت إلى تناقض في الأرقام، نظراً لكثرة الطرود، مما يجعل من الصعب إحصاؤها جميعاً في الإحصاءات الرسمية.

ويُعد هذا الرقم، على أهميته، جزءاً صغيراً من قيمة إجمالي واردات السلع الأميركية، التي تجاوزت 5.3 تريليونات دولار العام الماضي. وبالتالي، لا يُتوقع أن يكون لتعليق الإعفاء الضئيل تأثير كبير على الاقتصاد الأميركي، ودائماً بحسب بلومبيرغ.

ماذا يعني إلغاء إعفاء الشحنات الصغيرة جداً للمستهلكين الأميركيين؟

وفقاً للتقرير نفسه، لا يعني انتهاء الإعفاء الضئيل للواردات من الصين وهونغ كونغ أنه لا يمكن للأميركيين شراء سلع من شي إن أو تيمو. لكن الآن، تُمرر السلع عبر الجمارك وتُفرض عليها رسوم الجمركية الأميركية، مع تحميل التكاليف، إلى حد ما على الأقل، على المستهلكين. وقد رفعت كل من شي إن وتيمو أسعار منتجاتهما للمشترين الأميركيين، علماً أن بعض منتجات تيمو التي تُشحن من الصين الآن عليها ضرائب تتجاوز قيمة السلعة الأصلية.

كما من المرجح أن تتباطأ عمليات تسليم البضائع عبر التجارة الإلكترونية من الصين، بحيث ستجعل التكاليف الإضافية الشحن الجوي، وهو وسيلة نقل باهظة الثمن أصلاً، وسيلة نقل غير مربحة للسلع منخفضة التكلفة. لذا، بدلاً من السفر جواً واستغراق يومين للوصول، قد تستغرق رحلة الشحن ثلاثة أسابيع على متن سفينة حاويات من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة.

من الشركات الأكثر تأثراً بهذا التغيير؟

استخدمت شركات التجزئة الإلكترونية منخفضة التكلفة، مثل تيمو وشي إن وعلي إكسبرس التابعة لعلي بابا، إعفاء "الشحنات الصغيرة جداً" لسنوات للتوسع في الولايات المتحدة - وهو اتجاه عززته طفرة التجارة الإلكترونية في عصر كورونا. وكانت شي إن رائدة في نموذج استهداف الأميركيين المهتمين بالتكلفة ببلوزات بسعر دولارين وقمصان بسعر عشرة دولارات خلال الجائحة، إلى أن دخلت تيمو السوق عام 2022 بشعارها "تسوّق كملياردير".

وقد كانت التجارة الإلكترونية عبر الحدود بمثابة طوق نجاة للعديد من المصانع الصينية التي كانت تعمل بهامش ربح ضئيل للغاية، إذ انخفض إنفاق المتسوقين المحليين خلال أزمة كورونا ولم يتعاف تماماً. ومع سدّ هذه الثغرة، "قد نشهد تأخيرات كبيرة في الشحن وموجة من إغلاق المصانع خلال ثلاثة أشهر"، وفقاً لما نقلت بلومبيرغ عن أندي غو، تاجر التجزئة الإلكتروني للمنتجات الإلكترونية ومؤسس "وايماوجيا" (Waimaojia)، وهي منصة إعلامية لقطاع التجارة الإلكترونية عبر الحدود، مضيفاً: "ما لم تُعلن الحكومة الصينية عن تدابير فعالة للرد، فإنّ ضرر تعليق الطرود الصغيرة سيكون مدمراً لمنصات الإنترنت مثل تيمو وشي إن، وكذلك للمصانع الصغيرة".

المساهمون