ثروات خليجية في "بيتكوين": رواج رغم المخاطر

ثروات خليجية في "بيتكوين": رواج رغم المخاطر

09 مارس 2021
ترفض الكويت وعُمان التداول بالعملات المشفرة حتى الآن (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

لم تعد العملات الرقمية المشفرة حلما للفقراء فقط من أجل الثراء السريع، بل أصبحت أيضاً حلما للأثرياء لكي يزدادوا ثراء، إذ واصلت العديد من هذه العملات، وعلى رأسها بيتكوين، التوسع في الانتشار بشكل سريع خلال الآونة الأخيرة، ووصل قطارها إلى دول مجلس التعاون الخليجي الست الغنية بالنفط.
ورغم مخاطرها، باتت بيتكوين إحدى الأدوات غير التقليدية التي تجذب رؤوس أموال الخليجيين، وتنافس قطاعات أخرى تعد ملاذاً آمنا في وقت الأزمات مثل الذهب والعقارات.
وحسب مراقبين، كان الشباب أكثر الفئات العمرية إقبالاً على شراء بيتكوين في دول الخليج. وأثار الارتفاع غير المسبوق في قيمة العملات الرقمية وأحجام تداولها تساؤلات بشأن مستقبل المتعاملين في دول الخليج، وموقف البنوك المركزية من الاستثمار في العملات المشفرة مثل "بيتكوين" التي تجاوزت حاجز الـ 50 ألف دولار على مدار الأسابيع الماضية.
وبلغ متوسط سعر بيتكوين، أمس الاثنين، 50.25 ألف دولار. ومنذ ظهور أول عملة مشفرة في عام 2009، برزت العديد من العملات الرقمية المشفرة التي تجاوز عددها 5 آلاف عملة، مثل "بيتكوين" وإيثريوم ولايت كوين، غير أن البنوك المركزية الخليجية أبدت مخاوف شديدة من التداول والاستثمار في هذه العملات في بداية الأمر، لكن سرعان ما انتشرت في دول العالم، ومن بينها دول مجلس التعاون الست (السعودية والإمارات وقطر وسلطنة عُمان والكويت والبحرين).

وتباينت آراء خبراء اقتصاد ومال بشأن مستقبل التداولات بالعملات المشفرة، في ظل المخاوف من تأثير الاستثمار في العملات الرقمية على الاقتصاد الخليجي. وفيما سمحت كل من السعودية وقطر والإمارات والبحرين بتداول العملات الرقمية، ترفض كل من الكويت وعُمان التداول بالعملات المشفرة حتى الآن.
وحسب وسائل إعلام أجنبية، أصبحت دول خليجية تنافس آسيا الرائد العالمي للعملات الرقمية. وبلغت قيمة شراء عملة بيتكوين في دول الخليج خلال عام 2020 نحو 13.5 مليار دولار، حسب تقرير لمركز الأبحاث الاقتصادية (مستقل).

السعودية: إقبال من الشباب
كانت السعودية من بين الدول التي حذَّرت من التعامل بالعملات المشفرة، حيث نبهت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) إلى خطورة التعامل بالعملة الإلكترونية الافتراضية؛ لكونها خارج المظلة الرقابية داخل المملكة. ولكن بعد ذلك عقدت شركة المدفوعات الرقمية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها Ripple شراكة مع البنك المركزي السعودي لإتاحة العملات الرقمية في المُعاملات المالية الداخلية والدولية.
من جانبه، قال المحلل المالي السعودي، علي الزهراني، لـ "العربي الجديد" إن هناك مخاوف من التركيز على تداولات العملات الرقمية مثل "بيتكوين"، مشيرا إلى أنه حتى الآن لا يوجد اتفاق حول تسعيرها، أو نسب المخاطرة حولها.
وأضاف الزهراني أن الاستثمار في عملة بيتكوين يحمل مخاطر كبيرة، على الرغم من إعلان مؤسس شركة تسلا للسيارات الكهربائية إيلون ماسك ضخ استثمارات بها تتجاوز 1.5 مليار دولار، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الإقبال الأكبر على العملات الرقمية كان من فئة الشباب. وفي وقت سابق، أعلنت السعودية والإمارات استعدادهما لإطلاق عملة رقمية بهدف التبادل المالي وتسهيل العمليات المالية بين البلدين، وتطوير أنظمة الدفع عبر الحدود وخفض التكاليف.

الإمارات: مبيعات قوية
كانت الإمارات من أولى دول مجلس التعاون الخليجي التي سمحت بتداول العملات الرقمية ومن بينها بيتكوين، كما اقترحت الرقابة المالية الإماراتية إطاراً تنظيمياً يعترف بمساواة العملات الرقمية للأوراق المالية المعتادة من حيث الأسس الاقتصادية. وفي هذا الإطار، قال المدير العام لمؤسسة "المسار" للدراسات الاقتصادية والنشر الإماراتية، نجيب الشامسي، لـ "العربي الجديد"، إن الإمارات برزت كإحدى الدول القوية لشراء العملات الرقمية، لتستحوذ على أكثر من 25% من إجمالي التمويلات الخليجية التي تم جمعها خلال عام 2019.

وأضاف الشامسي أن "هذه العملات اكتسبت أهمية متنامية على مدى السنوات القليلة الماضية، وتواصل يوماً بعد يوم الإسهام في إعادة رسم معالم النظام المالي العالمي. وأكد الشامسي، أن هناك أزمة تواجه تداول العملات الرقمية، وفي مقدمتها بيتكوين، حيث لا يمكن للبنوك المحلية استقبال التحويلات الناتجة عن بيعها، فهي عملات ليست مراقبة من قبل المصارف المركزية ولا الجهات الرقابية حول العالم.

الكويت: غياب التشريعات
في ظل التطورات المتسارعة للعملات الرقمية المشفرة، إلا أن التشريعات ولوائح البنوك الكويتية تمنع التحويلات المالية لشركات التداول والوساطة المالية، خاصة التعامل والتداول في بيتكوين حتى يصدر تشريع خاص يتعلق بذلك.
وقال بنك الكويت المركزي نهاية عام 2019 إنه يجرى التجهيز من قبل فريق عمل مكون من المختصين في البنك المركزي والبنوك المحلية لتصميم وتجهيز البنية التحتية والأنظمة التقنية للقطاع المصرفي، بما في ذلك وسائل الدفع الإلكترونية، ومن ضمنها ما يعرف بالعملة الرقمية، والتي تختلف عن العملات الافتراضية مثل بيتكوين وغيرها من العملات.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الكويتي، ناصر بهبهاني، لـ "العربي الجديد" أن "الاستثمار في هذه العملات، خاصة بيتكوين، يعد استثمارا عالي المخاطر، لعدم وجود مرجعية تنظيمية لها، ولا توجد بنوك منظمة أو شركات، أو منظمات ومؤسسات تديرها، ومن المتوقع هبوط عملة بيتكوين بعد عمليات المراجعة التي ستتم قريبًا من قبل الدول والبنوك المركزية الدولية".
وقال بهبهاني إن غياب التشريعات واللوائح التي تنظم عمليات التداول يسمح للشركات والأفراد بالترويج لعمليات تداول وهمية، وممارسة عمليات النصب والاحتيال ضد المواطنين والشباب الكويتيين. وأوضح أن هناك العديد من البنوك المركزية في العالم تسعى لتبني العملات الرقمية، مشيرا إلى تصريح رئيسة البنك المركزي الأوربي، كريستين لاغارد، التي أكدت وجود خطط للاتحاد الأوربي لطرح اليورو الرقمي خلال الفترة المقبلة.

قطر: عملة مدعومة بالذهب
مع تزايد الاهتمام العالمي بالعملات الرقمية، تسعى السلطات القطرية إلى مواكبة التطور الهائل والثورة المالية التكنولوجية، حيث انطلقت في قطر ولأول مرة في العالم منصة إلكترونية إسلامية لتبادل العملة الرقمية المدعومة بالذهب، تُعرف بـ "آي-دينار" من قطر. وتعتمد منصة "آي-دينار" على كونها رمزاً إلكترونياً قائماً على أساس تبادل العملة الرقمية، فيما تُدعم قيمتها الأولية البالغة ديناراً بغرام من الذهب، فهي ليست عملة رقمية فحسب، لكن لها مقابل عيني حقيقي من الذهب.

بدوره، أكد الباحث الاقتصادي القطري، خالد الفرحان، أن أهم ما يميز عملة "آي- دينار" ويمنح من يتعامل بها الثقة والأمن هو أن لها مقابلاً عينياً من الذهب وليست مجرد رمز إلكتروني، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الشباب القطري يقبل بصورة كبيرة على التداول في العملات الرقمية. وأضاف الفرحان خلال اتصال عبر سكايب مع "العربي الجديد" أن "أكثر ما يخيف الناس من العملات الإلكترونية هو خشيتهم من انهيار أسعارها بشكل مفاجئ، أو أن تكون هذه العملات مجرد برمجة إلكترونية يمكن أن تختفي في أي وقت". ولفت إلى أن العملات الرقمية المشفرة استقطبت، مئات المليارات من الدولارات، وكانت وجهة استثمارية كبيرة، ونجحت في استقطاب تلك الأموال، وسوف تستمر خلال السنوات القادمة.

سلطنة عمان: تحذير من التداول
تتخذ السلطات العمانية نهجا متشددا ضد العملات المشفرة، حيث حذر البنك المركزي العُماني من استخدامها، وأكد أنه لا يكفل مثل هذه العملات. ولم يمنح البنك المركزي العُماني أي صلاحية أو ترخيص لأي مؤسسة أو هيئة لتداول العملات الرقمية المشفرة أو ما شابهها.

البحرين: منح ترخيص
تعد البحرين أول دولة في المنطقة تصدر ترخيصاً لتداول العملات الرقمية، ويمكن لأي متداول فتح حساب عن طريق البنك وتداول العملات الرقمية. كما أصدر مصرف البحرين المركزي بورصة العملات المشفرة تسمى "كوين مينا"، مع "ترخيص شركة خدمات الأصول المشفرة - الفئة 2"، ما يمهد الطريق لبدء عملياتها داخل البلاد. وحصلت بورصة الأصول الرقمية ومقرها البحرين على الترخيص، بعد تلبية جميع المتطلبات التشغيلية والفنية والأمنية التي حددها مصرف البحرين المركزي.

المساهمون