استمع إلى الملخص
- تغيرت عادات الادخار لدى التونسيين، حيث تلاشت عادة اكتناز الذهب بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار بنسبة 60% خلال العقد الماضي، رغم محاولات إنعاش السوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- استفاد البنك المركزي التونسي من ارتفاع الأسعار العالمية، حيث زادت قيمة مخزوناته من الذهب بنسبة 30% لتصل إلى 1.1 مليار دينار، رغم استقرار الكمية عند 6.8 أطنان.
لا يحفّز الوضع الاقتصادي في تونس على تشغيل آلية التحوّط بالذهب، حيث تسجل أسواق الصاغة والمعدن الأصفر على مدى السنوات الماضية تراجعاً في حجم المبيعات، متأثرة بهبوط قدرتهم على الادخار واكتناز الذهب. وتقع أسواق الذهب في تونس تحت تأثيرات مباشرة لأسعار الذهب العالمية، حيث تسجل الأسعار زيادات يومية وصلت إلى حدود 340 ديناراً للغرام الواحد (120 دولاراً) في بلد لا يتجاوز فيه متوسط الأجر 500 دولار، أي إن متوسط الأجر الشهري يساوي نحو 4.16 غرامات ذهب.
وعلى مرّ عقود طويلة، مثل الذهب واحدة من أهم آليات الادخار والتحوّط الأسري، حيث كانت الأسر التونسية تكتنز المعادن النفيسة والحليّ كشكل من أشكال الاستثمار الآمن، مستفيدة من اعتدال الأسعار والازدهار الاقتصادي الذي عاشته البلاد في فترات متواترة. ترتبط مواسم شراء الذهب في تونس عادة بالمواسم الزراعية، حيث غالباً ما يوجه المزارعون جزءاً من عائداتهم نحو الاستثمارات الآمنة، سواء بشراء الذهب، أو العقارات، حسب رئيس غرفة تجار المصوغ، حاتم بن يوسف.
ويؤكد بن يوسف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحركية التجارية في أسواق المصوغات كانت ترتبط مباشرةً بالمواسم الزراعية، حيث يزيد الطلب على شراء الذهب عقب جني محاصيل الحبوب صيفاً، والزيتون والحمضيات شتاءً.
لكن سنوات الجفاف وارتفاع أسعار الذهب وتدهور القدرة الشرائية لكل الطبقات الاجتماعية بددت عادات التحوّط بالمعادن النفيسة، حسب رئيس غرفة تجار المصوغ.
وقال: "هناك محاولات لإنعاش السوق عبر استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لتنمية المبيعات والتعريف بمزايا الذهب باعتباره ملاذاً آمناً، غير أن ذلك يبقى مرتبطاً بتوفر السيولة لدى التونسيين". ويؤكد رئيس غرفة تجار المصوغ حصول تغيرات كبيرة في علاقة التونسيين بالمعدن الأصفر، مشيراً إلى تلاشي عادات التحوّط والادخار عبر اكتناز الذهب.
وأضاف: "سجلت معاملات سوق الذهب تراجعاً خلال السنوات العشر الماضية بأكثر من 50% نتيجة الأزمة الاقتصادية التي مرت بها البلاد، مؤكداً أن الذهب لم يعد ملاذاً آمناً للمدخرين مع ارتفاع سعره بما يزيد على 60% خلال السنوات العشر الماضية". ويعتبر رئيس غرفة تجار المصوغ أن الذهب من أهم آليات الادخار، نظراً لقيمته الثابتة التي لا تتأثر بعوامل التضخم التي تصيب المدخرات المالية.
ويختلف التعامل التونسي مع المعدن الأصفر عن القاعدة الشائعة في عدة دول عربية، حيث يُعَدّ الرخاء الاقتصادي وتحسن المقدرة الشرائية العامل الأساسي لتحريك الطلب على الذهب، بينما تحول الأزمات المعيشية دون كل وسائل الادخار والاكتناز. ومقابل تراجع قدرة التونسيين على شراء الذهب نتيجة ارتفاع أسعاره، حقق البنك المركزي التونسي استفادة من زيادة الأسعار على المستوى العالمي.
سجلت مخزونات البنك المركزي التونسي من الذهب زيادة في القيمة بنسبة 30% ما بين 2023 و2024، بما قيمته 267.2 مليون دينار (89 مليون دولار)، مستفيدة من ارتفاع سعر المعدن الأصفر في السوق العالمية.
وأظهرت بيانات رسمية للقوائم المالية للبنك المركزي المنشورة على موقعه الرسمي أن قيمة موجودات رصيد الذهب بلغت بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول 2024 ما يزيد على 1.1 مليار دينار (366 مليون دولار) مقابل رصيد بقيمة 843 مليون دينار (281 مليون دولار) خلال التاريخ ذاته من سنة 2023. في المقابل، كشفت ذات البيانات أن مخزون البنك من الذهب لم يسجل أي تطور في الفترة ذاتها، مسجلاً استقراراً عند 6.8 أطنان، من بينها 4.1 أطنان من السبائك مودعة في خزائن البنك و2.7 طن من السبائك مودعة في بنك إنكلترا إلى جانب قطع أثرية.
وتحتل تونس المرتبة الـ14 عربياً في حيازة الذهب، حسب تقرير مجلس الذهب العالمي، الصادر في سبتمبر/ أيلول 2021 بمخزون من الذّهب لا يتجاوز 6.8 أطنان. وقال البنك المركزي في تقريره إن تقييم الموجودات من سبائك الذهب بسعر السوق في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي تم باستعمال سعر الإقفال للجلسة الصباحية لبورصة لندن.
وفسر البنك المركزي التونسي الزيادة المقدرة بـ267.2 مليون دينار لرصيده من الذهب بالتأثير المشترك في زيادة سعر الأونصة من الذهب الخالص وتطور سعر صرف الدولار مقابل الدينار التونسي.