استمع إلى الملخص
- أظهرت بيانات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تصاعد الاحتجاجات من 475 في الربع الأول إلى 752 في الربع الثالث، مع تركيز على القضايا المهنية والاجتماعية وتحسين الخدمات الأساسية.
- أشار رمضان بن عمر إلى أن الاحتجاجات تعكس فشل السياسات العامة في معالجة الغضب الشعبي، مع ارتفاع البطالة إلى 16.2%، مؤكدًا على ضرورة تحسين الوضع الاقتصادي لتهدئة الاحتجاجات.
لا تزال التركة الاجتماعية الثقيلة تُلقي بظلالها على الأوضاع في تونس بعد 14 عامًا من ثورة يناير 2011، حيث طغى الاحتجاج المهني والمطالب بتسوية الوضعيات على تحركات المواطنين خلال الربع الأخير من العام الماضي. وشهدت تونس تصاعدًا ملحوظًا في الاحتجاجات الاجتماعية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، إذ سُجّل 826 تحركًا احتجاجيًا، بالتزامن مع اقتراب البلاد من إحياء الذكرى الرابعة عشرة للثورة، التي كان شعارها الأساسي الحق في التشغيل والكرامة.
وتُظهر البيانات الصادرة عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن الاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية اتسم بوتيرة تصاعدية خلال العام الماضي، إذ لم يتجاوز عدد التحركات الاجتماعية المرصودة خلال الربع الأول 475 تحركًا، ليرتفع تباعًا إلى 586 تحركًا خلال الربع الثاني، ثم إلى 752 تحركًا خلال الربع الثالث من العام. وأوضح التقرير الصادر اليوم الاثنين أن حالة الغضب وعدم الرضا التي سادت خلال تلك الفترة ارتبطت في معظمها بالأوضاع المهنية والاجتماعية، إذ شكّلت هذه القضايا ثلث تحركات الاحتجاج التي شهدتها البلاد خلال الربع الأخير من العام.
وتعلقت الاحتجاجات بتحسين ظروف العمل، ونقص التجهيزات، والتسوية المهنية، والمطالبة بصرف الأجور والمنح، والحق في التشغيل والترسيم، فضلًا عن انتهاك حقوق العمال والحق في ممارسة النشاط النقابي. كما تضمنت المطالب تسوية وضعيات مهنية عالقة منذ الثورة، مثل عمال الحضائر والمعلمين والأساتذة المعوضين، وتطبيق اتفاقيات الزيادات في الرواتب. وشملت الاحتجاجات أيضًا تحركات للفلاحين ومنتجي الزيتون بسبب التراجع المسجل في أسعار زيت الزيتون، فضلًا عن احتجاجات مواطنية بسبب نقص مواد أساسية مثل القهوة، وارتفاع الأسعار، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ورصد التقرير 83 تحركًا احتجاجيًا متعلقًا بمطالب تحسين الخدمات الأساسية العمومية، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، وفك العزلة، وتحسين الطرقات، والحق في التنمية. وسُجل أيضًا 13 تحركًا بيئيًا، و43 تحركًا متعلقًا بالحق في المياه، و5 تحركات على خلفية انقطاعات التيار الكهربائي.
وأوضح المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، أن المطالب العالقة لأكثر من عقد من الزمن تمظهرت في شكل احتجاجات اجتماعية تصاعدية، ازدادت حدتها بعد الانتخابات الرئاسية وتسلم الرئيس قيس سعيد ولاية حكم جديدة. واعتبر بن عمر أن هذه الاحتجاجات تكشف فشل السياسات العامة في معالجة الأسباب العميقة للغضب الشعبي بعد 14 عامًا من الثورة. وأشار إلى أن ضعف الأداء الاقتصادي وفشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق نمو اقتصادي ملموس يطيل أمد الأزمة الاجتماعية، ويعوق حل الملفات الثقيلة العالقة.
وأضاف بن عمر أن العاطلين عن العمل وحاملي الشهادات سيعودون للتحرك والمطالبة بالانتداب والتشغيل ما لم تبادر السلطات بإطلاق إشارات واضحة لتحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين. وأشار إلى أن السلطات أصدرت الأسبوع الماضي أوامر تقضي بالحسم النهائي في ملف انتداب أكثر من 20 ألف مدرس يعملون بعقود هشة، وذلك بعد 17 عامًا من اعتماد هذه الآلية لسد الشغورات في قطاع التعليم. كما صرح الرئيس قيس سعيد بأن القطاع الحكومي يجب أن يستعيد دوره في التوظيف من خلال فتح باب الانتدابات مجددًا.
لكن بن عمر يرى أن تحسين الوضع الاجتماعي وتراجع الاحتجاجات الاجتماعية يرتبطان بتحسن الوضع الاقتصادي العام وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، مما سيساهم في تحقيق رفاهية اجتماعية تُلبي تطلعات التونسيين. ومع ذلك، ودعت تونس عام 2024 بنمو اقتصادي باهت لم يتجاوز 1% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، بينما ارتفعت معدلات البطالة إلى 16.2%، ما يعني أن أكثر من 670 ألف تونسي ما زالوا يبحثون عن فرص عمل.
وشهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام حالات غضب وسخط تنوعت بين مسيرات سلمية، واحتجاجات باتجاه العاصمة، ووقفات احتجاجية، وحمل الشارات الحمراء، وإغلاق الطرق، وتعطيل الأنشطة، وحرق العجلات المطاطية، وحتى تهديدات بالانتحار. واحتلت العاصمة تونس صدارة المناطق التي شهدت حراكًا اجتماعيًا بـ137 تحركًا. وكان شكل الاحتجاج الأكثر شيوعًا هو الوقفات الاحتجاجية، التي مثلت حوالي 40% من التحركات الاجتماعية المسجلة، إضافة إلى تنفيذ 85 إضرابًا و85 اعتصامًا خلال الربع الأخير من العام.