تونس: الصيف فرصة نجاة للعاطلين من العمل

تونس: الصيف فرصة نجاة للعاطلين من العمل

25 مايو 2022
توقعات بانتعاش السياحة وتخفيف حدة البطالة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يعوّل عاطلون من العمل في تونس على موسم الصيف لتحريك فرص العمل، بعد أن تسبب تباطؤ النمو وانحسار الاستثمارات في دفع معدلات البطالة نحو مستويات مرتفعة.
وتضرب أزمات هيكلية اقتصاد تونس بالإضافة إلى إغلاق الحكومة لباب التوظيف في القطاع العام لمدة تزيد عن الأربع سنوات، بينما يبحث التونسيون عن حلول لتوفير مصادر الرزق ولو بشكل مؤقت تفاديا للعوز ونقص الدخول.
ويمثّل الصيف فرصة نجاة للآلاف العاطلين من العمل ممن يندمجون بشكل ظرفي في سوق الشغل منتفعين من الطلب على اليد العاملة في القطاعين الزراعي والسياحي، وفي المجال الخدماتي بشكل أقل.
ويوفر موسم الحصاد الآلاف من فرص العمل في مناطق الزراعات الكبرى والشريط الغربي التونسي الذي يصنّف من بين المناطق الأفقر في البلاد والأكثر بطالة، بينما يسمح موسم السياحة باستيعاب آلاف العاطلين في مدن الشريط الساحلي الأكثر حظاً في التنمية.

ويعد حصاد الزراعات الكبرى (الحبوب) الموسم الأكبر في المحافظات المنتجة للقمح بحسب ما يؤكده عضو منظمة المزارعين محمد رجايبيّة الذي يوضح لـ"العربي الجديد" أن موسم جني المحاصيل يوفر ما لا يقل عن 60 يوم عمل للتونسيين ما بين بداية يونيو/ حزيران ونهاية يوليو/ تموز.
وقال رجايبية إن موسم الحصاد يخلق ديناميكية اقتصادية كبيرة في مناطق الإنتاج ويحّرك قطاعات راكدة ومنها النقل والمطاعم فضلا عن العمل الزراعي، إذ ينعش توفر السيولة المالية في تلك المناطق الحركية التجارية بصفة عامة.

ويقدّر عضو منظمة المزارعين عدد فرص العمل التي يوفرها موسم الحصاد بما بين 80 و100 ألف موطن شغل موسمي بمعدل دخل يومي للفرد يتراوح بين 35 و120 ديناراً (الدولار = نحو 2.96 دينار) حسب نوعية الوظيفة التي يكلف بها العامل.
وتابع رجايبيّة: "بالإضافة إلى الوظائف الموسمية لمدة شهرين يمكن أن يوفر موسم الزراعات الكبرى للعاملين دخولا تكفي لنحو 3 أشهر أخرى للمواطنين فضلاً عن مؤونة من القمح، وفق العرف الزراعي الجاري به العمل في تلك المناطق".
وبعد أكثر من 10 سنوات من ثورة تونس التي كان التشغيل أحد مطالبها الأساسية لا تزال البلاد ترزح تحت نسب البطالة العالية، ما يجعل من الأعمال الموسمية ملجأ للعاطلين لتحصيل القوت.
ووفق أحد البيانات التي كشف عنها معهد الإحصاء الحكومي، بلغت نسبة البطالة في تونس، 16.1 بالمائة خلال الربع الأول من سنة 2022 مسجلة استقراراً مقارنة بالربع الرابع من سنة 2021.
وزادت نسبة البطالة لدى الذكور بـ0.2 نقطة، خلال الربع الأول من السنة الحالية، لتبلغ 14.1 بالمائة في حين انخفضت 0.4 بالمائة في صفوف الاناث لتبلغ 20.9 بالمائة.
وأوضح المعهد أن نتائج المسح الوطني حول السكان والتشغيل، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي قد تأثرت بإضراب أعوان (موظفي) المعهد، حيث لم يغط المسح سوى شهر مارس/ آذار كاملاً وبداية شهر يناير/ كانون الثاني وهو ما يجعل نتائجه لا تمثل سوق الشغل إلّا جزئياً في الفترة المرجعية.

يقدّر عضو منظمة المزارعين عدد فرص العمل التي يوفرها موسم الحصاد بما بين 80 و100 ألف موطن شغل موسمي بمعدل دخل يومي للفرد يتراوح بين 35 و120 ديناراً

وعرفت نسبة النشاط تراجعاً ملحوظاً، إذ قدر عدد السكان النشطين بنحو 4 ملايين و46 ألف شخص في الربع الأول من العام الجاري، مقابل 4 ملايين و160 ألفاً خلال الربع الرابع للعام الماضي لتبلغ بذلك نسبة النشاط 45.6 بالمائة.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف أنّ مشكلة البطالة في تونس تظل قائمة ما لم تتمكن البلاد من الارتقاء بنسب النمو العامة إلى أكثر من 3 بالمائة سنويا على أقل تقدير، معتبراّ أنّ التعويل على العمل الموسمي حلّ جزئي لتوفير الدخول لشريحة كبيرة من التونسيين يعملون في مهن الهامش.
وقال الشريف لـ"العربي الجديد" إنّ القطاعات المهيكلة فقدت جزءاً كبيراً من قدرتها التشغيلية خلال الجائحة الصحية لا سيما القطاع السياحي الذي خسر أكثر من 50 بالمائة من عماله، مخلّفاً ما يزيد عن 150 ألف عاطل من العمل استوعب القطاع الموازي جزءاً منهم.
ورجّح الشريف أن يستعيد القطاع السياحي هذا الموسم جزءاً من تشغيليته مع تسجيل انتعاشة في القطاع وإعادة تشغيل النزل بكامل طاقتها، معتبراً أنّ مؤشرات التعافي الاقتصادي تنعكس مباشرة على نسب البطالة.

ورجّح الخبير الاقتصادي أن يظهر ذلك في نتائج المسح الثلاثي حول السكان في الربع الثالث من السنة، غير أنه أفاد بأن نسبة البطالة تظل عالية في البلاد، ما يؤثّر على الاستقرار الاجتماعي عموما.
وسجلت تونس خلال الربع الأول من السنة نموا في الناتج المحلي الإجمالي، بنسبة 2.4 بالمائة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2022، وفقا لما ذكره المعهد الوطني للإحصاء الاثنين الماضي.
وبالمقارنة مع الربع الأخير من سنة 2021، نما الاقتصاد بنسبة 0.7 بالمائة في حين أبرزت نتائج الحسابات الثلاثية تباينا في أداء الأنشطة الاقتصادية حيث سجلت القيمة المضافة لقطاع الفلاحة والصيد البحري ارتفاعاً بنسبة 3.3 في المائة بحساب الانزلاق السنوي.
وفي مجال الخدمات، ارتفع الإنتاج في قطاع النزل والمطاعم والمقاهي بنسبة 11.2 في المائة. كما ارتفعت القيمة المضافة لقطاع خدمات النقل بنسبة 8.6 في المائة.

المساهمون