توقف أفران مصنع الحديد والصلب يجدد أزمات المصريين

توقف أفران مصنع الحديد والصلب يجدد أزمات المصريين

31 مايو 2021
خلال تحرك لعمال شركة الحديد والصلب (تويتر)
+ الخط -

أثار توقف أفران شركة الحديد والصلب المصرية عن العمل ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما قرر مجلس إدارة الشركة الإغلاق بداية من اليوم الإثنين مع وقف حضور العاملين، تمهيدا للتصفية إلى حين التوصل لاتفاق بشأن التعويضات.
وكان عاملون بالشركة نظموا وقفة يوم أمس الأحد للمطالبة باعتماد تعويضات، تتراوح بين 400 إلى 700 ألف جنيه للعامل، فيما طرحت وزارة قطاع الأعمال العام تعويضات تتراوح بين 225 ألفاً و450 ألف جنيه، وهو ما يراه العمال غير كاف.
والحديد والصلب المصرية، هي شركة مساهمة، تعد من أكبر شركة للحديد والصلب في مصر وأول شركة في الشرق الأوسط، تأسست عام 1954 بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر، وهي عبارة عن مجمع كامل للحديد والصلب في مدينة التبين في حلوان. 
وقد واجهت الشركة بحسب التصريحات الرسمية، فترات عصيبة، وتعرضت لخسائر كبيرة وتراكمت مديونيتها، وتوالت على الشركة إدارات عدة لكن لم يعلن عن تحقيقات أدت إلى محاسبة أي منها. 

‏وبعد جدل بين إدارة الشركة ووزارة قطاع الأعمال ورفض مقترح تقسيم الشركة، وافقت الجمعية العامة غير العادية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على فصل نشاط المناجم في شركة مستقلة بعد إقرار التقسيم، بعدها قررت الجمعية العامة غير العادية للشركة في 11 يناير/ كانون الثاني 2021، تصفية نشاط مصنع الشركة في التبين. يليها تشكيل لجنة لبحث تعويض العاملين، مع استمرار العاملين بقطاع المناجم ضمن الشركة المنقسمة الجديدة المزمع تأسيسها.
وكتب أحمد عز العرب على تويتر: ‏"أخيرا انكشف الملعوب، فلا الحكومة تفاضل بين مشاريع التطوير المقدمة لها، ولا هي مشغولة بمشاكل مصنع الحديد والصلب كما ادعوا ..النية المبيتة لتصفية المصنع ظهرت اليوم على عينك يافاجر، وصدر الأمر بإطفاء الشعلة وإغلاق المصنع. خسارة فادحة وخبر حزين كيوم التخلي عن الجزيرتين". 

وعلقت عزة مطر بتغريدة: ‏أفران شركة الحديد والصلب تطفأ لأول مرة منذ عام ١٩٥٤، نعزي أنفسنا". 
ومطالباً بعدم تصفية الشركات شارك حساب الاشتراكيين الثوريين: ‏"نقلًا عن دار الخدمات النقابية، قطع الغاز عن أفران شركة ‎#الحديد والصلب بحلوان، ومنع دخول العمال منذ قليل، وإغلاق المصنع. ‎#لا_لتصفية_الشركات". 

وكتب السفير محمد مرسي على فيسبوك : ‏"يوم تاريخي حزين. فبالأمس أطفئت أفران مصنع الحديد والصلب بحلوان. وأغلقت أبواب المصنع للمرة الأولى والأخيرة، أمام سبعة آلاف عامل. وفقد جيلنا وبصرف النظر عن مبررات القرار أو نواقصه، إحدى قلاع الفخر التي صمدت طويلا لتحكي لأبنائنا تاريخ وطن ونضال شعب". 

وفي هذا السياق، أعلنت دار الخدمات النقابية والعمالية -منظمة مجتمع مدني مصرية- مجدداً رفضها لقرار تصفية شركة الحديد والمصرية. وأعربت الدار عن إدانتها الشديدة للإصرار على البدء في إجراءات التصفية الذي يتجاهل اتجاهات الرأي العام المصري والموقف المجتمعي الواضح الرافض لقرار التصفية.

كما أكدت أن إصرار وزارة قطاع الأعمال العام على تنفيذ القرار المرفوض لا ينطوي فقط على تحدي الإرادة الشعبية، وإنما يتغافل أيضاً عن اعتبارات شديدة الأهمية، ذلك أن الاختيار بين تصفية شركة الحديد والصلب المصرية، أو استمرارها وتطويرها هو في المحل الأول قرار سياسي.

وتساءلت الدار "هل نرغب في أن تكون لدينا صناعة الحديد والصلب الإستراتيجية أم أننا يعوزنا الطموح إلى ذلك؟.. ليس خافياً على أحد أن الحديد والصلب صناعة مغذية لصناعات كثيرة تتكامل معها، وليس هناك من ينكر أن الشركة الكبيرة كانت ولم تزل صرحاً من صروح الصناعة الوطنية ، وقلعة من قلاعها، وأنها لبت احتياجات بالغة الأهمية في لحظات فارقة بدءاً من الصناعات الحربية، وانتهاءً لأسطوانات الأكسجين في ظل أزمة كورونا الخانقة".

وقالت دار الخدمات النقابية والعمالية، إن صناعة الحديد والصلب كانت حلماً وأملاً يراود المصريين إلى أن أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 14 يونيو/حزيران 1954 مرسوماً بتأسيس شركة الحديد والصلب كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب في المنطقة العربية باستخدام تكنولوجيا الأفران العالية وبمعدات ألمانية للصهر من خامات الحديد المستخرجة من أسوان لتحتل الشركة مكانتها الرائدة في صناعة الحديد والصلب في المنطقة العربية.

إلا أن الشركة رغم ريادتها أخذت تعاني خلال الأعوام الماضية بسبب تقادم الآلات والمعدات، وازدياد نفقات التشغيل، وضعف قدراتها التنافسية في السوق في ظل منافسة غير عادلة مع إغراق السوق بالحديد المستورد بأسعار تقل عن تكلفة إنتاجه على الأخص من تركيا وأوكرانيا والصين، ثم ازدادت الأمور سوءاً مع قرار الحكومة عام 2017 "بتعويم الجنيه المصري" حيث تزايدت نفقات التشغيل وتكرر انقطاع الغاز الطبيعي عن المصانع، وعدم انتظام توريد الفحم إضافة إلى مخالفته معايير التشغيل وانخفاض جودته فضلاً عن عدم وجود إدارة ذات كفاءة، حسب الدار.

وأضافت دار الخدمات "ثم تم اتخاذ القرار المشؤوم بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية حيث أصيب المجتمع المصري بصدمة موجعة، وتوالت ردود الأفعال، ولفت الأوساط العمالية- على الأخص- مشاعر الأسى والإحباط، فشركة الحديد والصلب المصرية ليست فقط أبرز صروح الصناعة المصرية، وواحدة من أهم قلاعها، ولكنها أيضاً رمز وطني له مكانته الخاصة في وجدان الشعب المصري، الحديد والصلب بالنسبة لآلاف العمال وملايين الأسر والأبناء قصة كفاح اختلط فيه العرق بالدم..".

وحتى بحسابات الربح والخسارة، أكدت دار الخدمات النقابية والعمالية "أن ما يترتب على التصفية الكثير من الخسائر؛ فشركة المناجم والمحاجر التي تم فصلها عن الشركة الأم وتأسيسها تستند فقط إلى إمكانية تصنيع مكورات الحديد، غير أن الأبحاث الكثيرة التي سبق إجراؤها أثبتت أنه يكاد يكون مستحيلاً صناعة مكورات الحديد من الخام المصري، وأن الطريقة الوحيدة لتصنيع هذا الخام هي أفران شركة الحديد والصلب المصرية التي تم بناؤها وإعدادها خصيصاً لكي تناسب هذا الخام.. نحن إذاً أمام مخاطر إغلاق هذه الشركة المنقسمة وإهدار الخام المصري".

المساهمون