توقعات بعودة الربحية لقطاع النقل البحري بعد سنوات عجاف

توقعات بعودة الربحية لقطاع النقل البحري بعد سنوات عجاف

12 مايو 2021
سفينة تجارية عملاقة في ميناء روتردام الهولندي
+ الخط -

تتجه تجارة الشحن البحري لاستعادة مكانتها التي كانت عليها قبل تفشي جائحة كورونا، إذ يبعث ارتفاع الطلب على المعادن الرئيسية والسلع المصنعة الأمل في عودة الربحية لقطاع النقل البحري الذي عانى من سنوات عجاف حتى قبل ضربة كورونا للتجارة العالمية خلال العام الماضي.

ولاحظت تقارير متخصصة ارتفاع الطلب على الشحن البحري في قطاعات المعادن والسلع والمواد الأولية بين الصين وأوروبا وأميركا.

فالشركات الصينية ترفع وارداتها من الحديد الخام والنحاس والذرة الشامية والعديد من السلع الأخرى التي تدخل ضمن اتفاق التجارة الأولي بين واشنطن وبكين، الذي وقع في بداية العام الماضي، 2020، ولا يزال هذا الاتفاق ساري المفعول حتى في عهد إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.

ويقول المحلل بشركة كيبلر الأميركية بيتر هوغن إنه واثق من أن "أسعار الشحن ستواصل الارتفاع خلال العام الجاري"، ولا يستبعد هوغن أن يرتفع سعر إيجار السفن الضخمة إلى 100 ألف دولار في اليوم بالنصف الثاني من العام الجاري. ومن دلائل عودة انتعاش تجارة الشحن، ارتفاع مؤشر شحن السفن التجارية، الذي يطلق عليه "مؤشر البلطيق لأسعار الشحن"، إلى أعلى مستوياته منذ عقد كامل، حيث بلغت نسبة ارتفاع المؤشر 70% منذ إبريل/ نيسان الماضي، حسب شركة "كلاركسونز بلاتيو سيكيورتيز" البريطانية.

وحسب بيانات الشركة، ارتفع متوسط سعر الشحن لسفينة سعة 180 ألف طن إلى 41.500 ألف دولار في اليوم الواحد، وهذا السعر يقترب من ضعف سعر الشحن في العام الماضي.

وفي هذا الشأن، قال الرئيس التنفيذي لشركة "غولدن أوشن" لصحيفة فاينانشيال تايمز: "يعد ارتفاع شهية الطلب على الحديد الخام في الصين من أهم العوامل التي ترفع أسعار الشحن". وتقدر تقارير ارتفاع الطلب على الحديد الخام في الصين إلى مليار طن خلال العام الجاري.

ومنذ يوم الجمعة الماضي، ترفع تجارة المشتقات من أسعار إيجار ناقلات النفط بين أوروبا وأميركا. وقد استفادت ناقلات المشتقات النفطية خلال الأيام الماضية من أزمة الهجوم السيبراني على أنبوب "كولونيال بايب لاين في أميركا"، الذي فاقم نقص الوقود في الولايات الشرقية في أميركا.

وحسب بيانات "ريفنيتيف أيكون داتا" في لندن، فإن تجار المشتقات النفطية في أوروبا يؤجرون في المتوسط نحو 6 ناقلات لإيصال الغازولين إلى الموانئ الأميركية. ولكن هذه أزمة عابرة لا يمكن اعتمادها لقياس نشاط حركة إيجارات الشحن البحري. ولكن المهم على صعيد الحاويات الناقلة للنفط والغاز هو عقود الطاقة بين الشرق الأوسط والصين.
ولكن ما يؤثر أكثر في أسعار الحاويات التجارية الضخمة حالياً هو الارتفاع المتوقع في واردات السلع الزراعية الصناعية، خاصة السلع مثل الذرة الشامية، التي تستوردها الشركات الصينية من السوق الأميركية لتلبية حاجة الأعلاف لتعويض فاقد اللحوم الذي خسرته بسبب الجائحة. ومن المتوقع أن ترتفع الواردات الصينية من الذرة الشامية خلال العام الجاري بنحو 4 أضعاف مقارنة بمتوسط مشترياتها السنوية.
وحسب التقرير الأخير الصادر عن منظمة التجارة والتعرفة الجمركية "أونكتاد" التابعة للأمم المتحدة، فقد تمكنت تجارة الشحن البحري من الخروج من أزمة جائحة كورونا بسرعة أكبر من التوقعات السابقة. وتتوقع أونكتاد ارتفاع هذه النوعية من التجارة بنحو 4% خلال العام الجاري.
ويرى جون هوفمان، مسؤول الشحن البحري بالمنظمة الأممية، أن 80% من البضائع الاستهلاكية يتم نقلها عبر الشحن البحري، وبالتالي يرى اقتصاديون أن مستويات أسعار الشحن البحري تعد من أهم مكونات تسعير السلع في العالم.
من جانبها، تنظر نشرة "لويدز ليست" اللندنية المتخصصة بقطاع الشحن البحري والتأمين، بتفاؤل لقطاع الشحن البحري خلال العام الجاري. وترى النشرة، في منظارها السنوي للعام 2021، أن صناعة الشحن البحري ربما ستتمكن من استعادة مستويات التشغيل التي كانت عليها قبل الجائحة.
واستفادت شركات السفن التجارية الكبرى من تعاقدات شحن السلع بين أميركا الجنوبية والصين، حيث تستورد الشركات الصينية كميات ضخمة من المواد الخام من دول أميركا الجنوبية، مثل الحديد والنحاس والمعادن الأخرى المستخدمة في التصنيع، كما تصدر هذه الشركات كميات ضخمة للأسواق الأميركية.
ووفق بيانات أونكتاد الصادرة في إبريل/ نيسان، ارتفعت أسعار الشحن بين الصين وأميركا الجنوبية بنسبة 443% خلال العام الجاري مقارنة بمستوياتها في العام الماضي، كما ارتفعت أسعار الشحن بين آسيا والسواحل الشرقية بالولايات المتحدة بنسبة 63%.

ومن بين العوامل الأخرى التي ساهمت في ارتفاع أسعار الشحن النزاع التجاري بين الصين وأستراليا، التي حجزت العديد من السفن بسبب قضايا العقود التجارية وما تترتب عليها من التزامات قانونية.

يُذكر أن إيجارات السفن تراجعت في بداية العام الماضي وبنسبة 25% خلال الشهور الأولى حينما ضربت الجائحة تجارة الصين الخارجية، ولكن خسائر شركات السفن التجارية تزايدت خلال الربع الثاني من العام الماضي حينما أغلقت معظم الدول الغربية موانئها أمام مرور السفن واتخذت تدابير صارمة في تقييد الحركة والتنقل. وتعد التجارة بين آسيا والولايات المتحدة وبين آسيا وأوروبا من الخطوط التي تعتمد عليها شركات السفن في عقود الإيجارات طويلة الأجل في النقل البحري.

المساهمون