توقعات بارتفاع الدين الأميركي إلى 40 تريليون دولار في السنة الأولى لولاية ترامب

25 ديسمبر 2024
يخطط ترامب لتمديد خفض الضرائب للأثرياء والشركات الكبرى، فلوريدا في 14 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الدين العام الأميركي، الذي بلغ 36 تريليون دولار، يمثل تحديًا كبيرًا في ولاية ترامب الثانية، مع توقعات بارتفاعه إلى 40 تريليون دولار بسبب وعوده الانتخابية والتخفيضات الضريبية.
- الانقسامات داخل الكونغرس تزيد من تعقيد الوضع المالي، حيث يعارض بعض الجمهوريين والديمقراطيين السياسات التي تزيد الدين، مع ارتفاع تكاليف خدمة الدين وأسعار الفائدة.
- معارك التمويل المتكررة وسقف الدين يشكلان تحديات سياسية لترامب، مما قد يؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني وزيادة المخاوف بشأن استقرار الاقتصاد الأميركي.

يمثل الدين العام الأميركي، الذي بلغ حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نحو 36 تريليون دولار، مأزقا للسنة الأولى من ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية والتي تبدا في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، وذلك لسبب رئيس هو أن وعود ترامب الانتخابية والتي عاد بها إلى سدة الحكم مرة أخرى يتوقع أن ترفع الدين العام خلال عام واحد بنحو أربعة تريليونات دولار، أي إلى 40 تريليون دولار، وفقا لموقع ياهو فاينانس "yahoo finance" الأميركي.

وأضاف الموقع في تقرير بعنوان "عام ترامب الأول سيكون مليئا بالحماقات المالية"، أنه "مع ارتفاع الفاتورة، خاصة إذا وسّع الكونغرس التخفيضات الضريبية الإضافية التي وعد بها ترامب، سيحاول الجمهوريون من ناحية أخرى خفض الإنفاق لتعويض بعض ذلك"، مشيرا إلى أن "معظم الإنفاق يذهب إلى الدفاع، الذي يدعمه معظم الجمهوريين، بالإضافة إلى البرامج الشعبية سياسيا، مثل الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي".

وأكد الموقع أن "التخفيضات الكبرى في الإنفاق من شأنها أن تثير غضب الناخبين، بما في ذلك العديد من الجمهوريين، ما يعني أنه لا توجد طريقة حقيقية لمنع التخفيضات الضريبية من تضخيم الدين بشكل أكبر". وتشير توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أن تكاليف خدمة الدين العام في العام المقبل قد تتجاوز تريليون دولار. هذا الرقم يفوق الإنفاق المتوقع على الدفاع، كما أنه أكبر من الإنفاق غير الدفاعي على البنية التحتية والمساعدات الغذائية وبرامج أخرى تحت إشراف الكونغرس. وكان ارتفاع أسعار الفائدة هو العامل الذي أدى إلى زيادة تكاليف خدمة الدين. 

تطورات الدين العام الأميركي (العربي الجديد)
وعود ترامب بالتخفيضات الضريبية للأثرياء سترفع الدين العام الأميركي

ورغم سيطرة الجمهوريين على أركان السلطة الثلاث (مجلسي الكونغرس، النواب والشيوخ)، فضلا عن الرئاسة، إلا أن الجمهوريين ليسوا كتلة واحدة داخل الكونغرس، حيث إن هناك نحو 30 نائبا ممن يطلق عليهم، وفق الموقع، صقور الموازنة، والذين يعارضون أي سياسات جديدة يمكن أن ترفع الدين العام الأميركي وتخفض التصنيف الائتماني لاقتصاد البلاد. يضاف إلى هؤلاء النواب الديمقراطيين الذين غالبا ما يتحدون حول بعض القضايا، ومنها ضرورة كبح الإنفاق الحكومي ورفض تمديد التخفيضات الضريبية التي فرضها ترامب خلال ولايته الأولى عام 2017 وستنتهي في أواخر 2025.

ويقول الديمقراطيون والعديد من الاقتصاديين إن تخفيضات ترامب الضريبية على الدخل تفيد الأغنياء أكثر مما تفعل للفئات الأخرى، بسبب حرمان الحكومة من الإيرادات اللازمة للبرامج الموجهة إلى الطبقة المتوسطة والفقراء.

وفي الحادي والعشرين من ديسمبر/كانون الأول، ساد شعور بالارتياح في واشنطن العاصمة بعدما أنهى الكونغرس أزمة الميزانية وأقر مشروع قانون للإنفاق قصير الأجل، الأمر الذي أدى إلى تجنب إغلاق الحكومة. ولكن معركة نهاية العام التشريعية قد تنبئ بمزيد من الفوضى المالية في عام 2025، بما في ذلك خطر خفض تصنيف الديون الأميركية مرة أخرى. 

أجندة ترامب

ويعمل المشرعون الجمهوريون بالفعل على مجموعة ضخمة من التخفيضات الضريبية التي من المفترض أن تكون حجر الأساس للعام الأول من ولاية ترامب الثانية، لكن تبدو أجندته الآن أكثر اهتزازا، وتوضح معركة التمويل الأخيرة السبب وراء ذلك، فبمجرد انعقاد الكونغرس في 3 يناير المقبل، ستكون لدى الجمهوريين أغلبية خمسة مقاعد فقط، وهي أضعف حتى من التقسيم الحالي للحزب الجمهوري.

وهذا يعني أن التشريع الحزبي سوف يتطلب تصويت كل الجمهوريين تقريبا، وهو إنجاز أصبح صعبا بشكل ملحوظ في الحزب الجمهوري المنقسم خلال السنوات العديدة الماضية. كما أن مشروع القانون الذي أقره الكونغرس أخيرا لم يتناول سقف الدين، وهو ما يعني أن ترامب سوف يضطر إلى التورط في ذلك، وهو ما كان يأمل في تجنبه.

وخلال آخر معركة إنفاق كبيرة في عام 2023، علق الكونغرس سقف الدين، ولكن فقط حتى الأول من يناير 2025. وهذا يعني أنه سوف يتعين عليه رفع سقف الدين مرة أخرى في العام المقبل، وهو ما يثقل كاهل ترامب بمعركة سياسية قبيحة باتت عادة. وستكون هناك معركة تمويل أخرى في مارس/آذار، وهو الموعد الذي تنتهي فيه فترة الإنفاق المؤقت الحالي. وفي ذلك الوقت تقريبا، قد يقترب الموعد النهائي عندما يتعين على الكونغرس رفع سقف الاقتراض.

ثم ستكون هناك معركة إنفاق أخرى في سبتمبر/أيلول 2025، وهو الموعد الذي تنتهي فيه السنة المالية للحكومة ويحتاج الكونغرس إلى الموافقة على تمويل العام المقبل. وعادة ما تنجو الأسواق من إغلاق الحكومة دون الكثير من الكدمات. ولكن معارك سقف الدين قد تصبح مرهقة لأن هناك تهديدًا ضمنيًا بأن الولايات المتحدة ستتخلف عن سداد بعض المدفوعات إذا لم يرفع الكونغرس سقف الدين. 

وخفضت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز تصنيف الدين الأميركي لأول مرة على الإطلاق في عام 2011 بعد مواجهة في الكونغرس تركت الخزانة على بعد أيام من التخلف عن السداد. كما خفضت وكالة فيتش تصنيف الدين الأميركي بعد المواجهة في عام 2023، بينما غيّرت موديز توقعاتها للولايات المتحدة من مستقرة إلى سلبية. وتشير الوكالات الثلاث إلى الخلل السياسي باعتباره مصدر قلقها الرئيسي.

وبما أن الوضع المالي الأميركي يتدهور تدريجيا، فمن المرجح أن تشتد هذه المخاوف. ففي عام 2023، عندما خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، كان الدين الوطني 32 تريليون دولار. وبعد ثمانية عشر شهرا، ارتفع بمقدار أربعة تريليونات دولار. فضلا عن ذلك، كانت هناك بعض العلامات التي تشير إلى أن الاقتراض الأميركي اللامتناهي بدأ يهز أسواق السندات، وهو ما قد يؤدي على الأرجح إلى بدء أزمة الديون الأميركية.

قد يحصل ترمب على تخفيضاته الضريبية، ولكن المشاجرات السياسية التي ستندلع لإقرارها سوف تترك الولايات المتحدة في وضع مالي أكثر اهتزازا مما هي عليه الآن، وسوف يضطر شخص ما في مرحلة ما إلى أن يقول كفى.

المساهمون