استمع إلى الملخص
- تزايدت الضغوط على الأسهم الأميركية نتيجة سياسات ترامب التجارية، حيث انخفضت جميع قطاعات مؤشر ستاندرد آند بورز 500، بينما ارتفع سهم نتفليكس بعد تحقيق أرباح قياسية، وتراجعت تسلا بسبب القلق حول دور إيلون ماسك.
- تواجه تسلا تحديات كبيرة بسبب السياسات التجارية لترامب، حيث تحتاج إلى تركيز ماسك الكامل على الشركة، وسط التوترات التجارية وتأثيرها على الشركات الأميركية.
تراجعت الأسهم الأميركية اليوم الاثنين، مع تزايد الضغوط عليها من جراء تهديدات الرئيس دونالد ترامب بإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول. وهوت مؤشرات الأسهم مع انطلاق تداولات الأسبوع اليوم، على وقع استمرار ترامب في مهاجمة باول لفظيا، داعيا رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة، في ظل تزايد المؤشرات على أن حرب الرئيس التجارية تدفع الاقتصاد نحو الركود. كما تراجع الدولار مع هبوط سندات الخزانة طويلة الأجل.
وفي تفاصيل حركة الأسهم الأميركية اليوم التي أوردتها شبكة بلومبيرغ، انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.1% في تمام الساعة 10:35 صباحا بتوقيت نيويورك، بينما انخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 2.5% تقريبا. ونشر ترامب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي أنه يفضل "التخفيضات الاستباقية" لأسعار الفائدة، ووصف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي بـ"الخاسر" بازدراء. وبدأت الانتقادات اللاذعة الأسبوع الماضي، مما أثار تساؤلات حول قدرة البنك المركزي على الحفاظ على استقلاليته عن النفوذ السياسي الذي يُعزز الثقة في الأسواق المالية الأميركية.
ولاحقاً، وفقاً للبيانات الأولية، انخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 500 عند التسوية بمقدار 124.87 نقطة، أي بنسبة 2.36%، ليغلق عند 5157.81 نقطة، بينما انخفض مؤشر ناسداك المركب بمقدار 407.77 نقاط، أي بنسبة 2.5% إلى 15878.68 نقطة. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 965.52 نقطة، أي بنسبة 2.47%، ليصل إلى 38159.19 نقطة.
وفي هذا الصدد، نقلت بلومبيرغ عن جو سالوزي، المدير المشارك للتداول في شركة ثيميس للتجارة، قوله إن "السوق لا يرضى بتحدي استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي"، فيما يمكن للسوق على الأقل أن يحاول التنبؤ بما سيفعله بنك الاحتياطي الفيدرالي المستقل. فإذا جرى التشكيك في استقلاليته، فقد تُتخذ قرارات أكثر تقلبا (لا يمكن التنبؤ بها). والسوق لا يُحبّذ عدم القدرة على التنبؤ.
واكتسبت حركة "بيع أميركا" (sell-America) زخما في فئات أصول أخرى أيضا. فقد انخفض الدولار وسندات الخزانة، مما دفع عائد السندات لأجل 30 عاما إلى الارتفاع بما يصل إلى 10 نقاط أساس في تداولات أقل من المعتاد بعد العطلات، في وقت يُؤجج مزيج المخاطر المخاوف بشأن مسارات النمو والتضخم وكيف يُمكن لبنك الاحتياطي الفيدرالي موازنة هذه المسارات. وبينما يُقدّر المتداولون ثلاثة تخفيضات على الأقل في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة هذا العام، كتب بيل دادلي، الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، في مقال رأي في بلومبيرغ، أن صانعي السياسات سيتحركون على الأرجح بشكل أبطأ من المتوقع.
وقد لجأ ترامب إلى موقع "تروث سوشال" يوم الاثنين، مُصعّدا هجومه على رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، مُصرا على أنه "شبه منعدم" للتضخم، وأن الوقت قد حان "لتخفيضات استباقية". ولا تزال القراءة الأخيرة لمقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي أعلى من المستوى المستهدف للبنك المركزي.
وانخفضت جميع قطاعات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأحد عشر، مع تعرض الأسهم أيضا لضغوط من سياسات ترامب التجارية غير المتماسكة. وهوى المؤشر العام الآن بنحو 9% منذ أن كشف عن الرسوم الجمركية الشاملة على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، ليُعلق العديد منها بعد أسبوع. وانخفض المؤشر بنسبة 16% عن رقمه القياسي المسجل في فبراير/شباط. وتراجعت أسهم شركة إنفيديا بنسبة 5%، ودلتا إيرلاينز بنسبة 4.5%، وكونستليشن إنرجي بنسبة 6%.
ومن بين الأسهم الأخرى التي شهدت تحركات ملحوظة، سهم نتفليكس، الذي ارتفع بنسبة 2.9%، بعدما حقق عملاق البث أرباحا قياسية في الربع الأول. في غضون ذلك، تراجع سهم تسلا، حيث صرّح دان آيفز، من ويدبوش، بأن شركة صناعة السيارات الكهربائية تواجه "لحظة حرجة". وبينما كانت إدارة ترامب "شفافة" في رغبتها في خفض أسعار الفائدة، قال مارك هاكيت، كبير استراتيجيي السوق في نيشن وايد، إن "النتيجة النهائية يستحيل التنبؤ بها". وأضاف هاكيت أن الدفعة الحالية هي عبارة عن تعليقات مماثلة صدرت في عامي 2018 و2019، على الرغم من أنه "كما هو الحال مع الرسوم الجمركية، فمن المرجح أن يكون هذا تفاوضا علنيا بهدف الضغط على قرار، لأن الإقالة ستؤدي بلا شك إلى اضطراب السوق".
واكتسبت تجارة "بيع أميركا" زخما مع تفاقم القلق بشأن تنفيذ ترامب لتهديداته بإقالة باول من منصبه كرئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وقال كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني، يوم الجمعة، إن ترامب يُقيّم ما إذا كان سيتمكن من إقالة باول، حيث أثارت هذه التعليقات تساؤلات جديدة حول ما إذا كان البنك المركزي قادرا على الحفاظ على استقلاليته الراسخة. كما أثرت التهديدات على الدولار الأميركي، مما أدى إلى انخفاض مؤشر العملة الخضراء إلى أدنى مستوى له في 15 شهرا. وفي هذا السياق، قال كريستوفر وونغ، الخبير الاستراتيجي في شركة "أوفرسي تشاينيز بانكينغ" (Oversea-Chinese Banking Corp) في سنغافورة، إن التشكيك في مصداقية الاحتياطي الفيدرالي قد "يُضعف الثقة في الدولار بشدة".
وكان ترامب صريحا في انتقاده رئيس البنك المركزي لعدم تحركه بالسرعة الكافية لخفض أسعار الفائدة. وبينما يقول خبراء القانون إن الرئيس لا يستطيع إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي بسهولة، وأن باول لا ينوي الاستقالة، فإن تعليقات البيت الأبيض حول هذه المسألة تُثير قلق المستثمرين. وكتب جاريت سيبرغ، من شركة "تي دي كوين" (TD Cowen)، في مذكرة نُشرت مساء الأحد: "لا نزال نرى أن الرئيس يفتقر إلى سلطة إقالة باول، لأن السياسة النقدية وظيفة تشريعية وليست وظيفة تابعة للسلطة التنفيذية". وأضاف: "هذا يختلف عن الوكالات المستقلة الأخرى. ومع ذلك، لا نرى أن المسائل القانونية ستمنع ترامب إذا كان مصمما على اتخاذ إجراء".
انخفاض الأسهم الأميركية المرتبطة بالشركات الكبرى
ويستمر موسم الأرباح، ومن بين الشركات الكبرى التي ستُعلن نتائجها هذا الأسبوع: تسلا، وألفابت، وبوينغ، وإنتل. ستُصدر شركة تسلا أرباحها للربع الأول يوم الثلاثاء، في ظلّ مواجهة صانع السيارات الكهربائية أزمة في علامته التجارية بسبب إيلون ماسك، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية. ووفقا لمايكل غراهام من "كاناكورد جينويتي"، كانت النتائج حتى الآن "متباينة".
وكتب غراهام في مذكرة يوم الاثنين: "لم تعكس نتائج أرباح هذه الشركات آثار الرسوم الجمركية بالكامل بعد، وقد يستغرق الأمر بضعة أشهر قبل التوصل إلى نتائج نهائية بسبب انخفاض الإنفاق المرتبط بالرسوم الجمركية وتقلب البيانات المالية". وفي غضون ذلك، وفي خطوةٍ زادت من حدة الحرب التجارية الدائرة، حذّرت الصين الدول من إبرام صفقاتٍ مع الولايات المتحدة قد تضرّ بمصالحها. وفي بيانٍ صدر يوم الاثنين، قالت وزارة التجارة الصينية إنّ بكين، مع احترامها للدول التي تُحلّ نزاعاتها التجارية مع الولايات المتحدة، "تُعارض بشدة أيّ طرفٍ يتوصل إلى اتفاقٍ على حساب مصالحها".
خسائر سهم تسلا مع تحذير من "خطر كبير"
ومن بين الأسهم الأميركية الخاسرة اليوم، انخفضت أسهم شركة تسلا مع تجدد التساؤلات حول دور إيلون ماسك في الحكومة الفيدرالية، وعدم اليقين بشأن خطط الشركة لإطلاق سيارة كهربائية منخفضة التكلفة. وصرح دان آيفز، المحلل في شركة ويدبوش للأوراق المالية، بأنه ينبغي على الرئيس التنفيذي لشركة تسلا التراجع عن عمله المثير للجدل في وزارة كفاءة الحكومة، وإعادة تركيز اهتمامه على شركة صناعة السيارات. وأضاف المحلل أن تسلا تواجه "خطرا كبيرا" مع استعدادها لإعلان أرباح الربع الأول يوم الثلاثاء.
وكتب آيفز في تقرير لعملائه يوم الأحد: "على ماسك مغادرة الحكومة، والتراجع بشكل كبير عن DOGE، والعودة إلى منصب الرئيس التنفيذي لشركة تسلا بدوام كامل". وأضاف: "تسلا هي ماسك، وماسك هو تسلا... وأي شخص يعتقد أن الضرر الذي ألحقه ماسك بالعلامة التجارية ليس حقيقيا، فعليه أن يخصص بعض الوقت للتحدث إلى مشتري السيارات في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا. ستتغير نظرته بعد هذه المناقشات".
وانخفضت أسهم تسلا بنسبة 6% في تمام الساعة 9:56 صباحا يوم الاثنين في نيويورك، مسجلة أكبر انخفاض في مؤشر ستاندرد آند بورز 500. وفقد السهم حوالي 44% من قيمته هذا العام، حيث ساهمت ردة فعل المستهلكين ضد ماسك في تراجع المبيعات العالمية. وأفادت رويترز يوم الجمعة، نقلا عن مصادر لم تُكشف هويتها، أن شركة صناعة السيارات الكهربائية ستؤجل إطلاق إنتاج طراز منخفض التكلفة طال انتظاره لعدة أشهر. وكان المستثمرون يأملون في أن تُنعش نسخة مُبسطة من طرازها الأكثر مبيعا من طراز "واي" (Y SUV) الطلب.
وقبل أسبوعين، خفض إيفز السعر المستهدف لسهم تسلا بنسبة 43%، مُشيرا إلى أزمة العلامة التجارية التي أحدثها ماسك والسياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وكان أكبر مخاوف إيفز هو احتمال تورط تسلا في ردة الفعل العنيفة ضد سياسات ترامب الجمركية في الصين، حيث حققت الشركة أكثر من خُمس إيراداتها العام الماضي. وأصبح ماسك أيضا واجهة جهود ترامب لتقليص حجم ونطاق الحكومة الفيدرالية، مما أثار حفيظة المستهلكين التقدميين الذين يُمثلون قاعدة عملاء رئيسية لشركة صناعة السيارات الكهربائية الأميركية الرائدة.
وكتب إيفز: "أصبحت تسلا، للأسف، رمزا سياسيا عالميا لإدارة ترامب/DOGE". ثم أشار إلى عدة نقاط: تدهورت أسهم تسلا بشدة منذ توليه منصبه، وكانت أرقام تسليم الشركة في الربع الأول سيئة للغاية، واستمرار الاحتجاجات ضد تسلا". ووفقا لإيفز، تواجه تسلا "انخفاضا دائما في الطلب بنسبة 15% إلى 20% لمشتري تسلا المستقبليين بسبب الضرر الذي ألحقه ماسك بالعلامة التجارية من خلال DOGE".
وعندما تُعلن الشركة عن أرباحها غدا الثلاثاء، ستواجه أسئلة حول حجم المبيعات لعام 2025، والتقدم المُحرز في مجال القيادة الذاتية، وخطط شبكة سيارات الأجرة الآلية، وكيف ستؤثر الرسوم الجمركية على الربحية. ويُخيم على كل شيء دور ماسك في البيت الأبيض. يُشار إلى أن ماسك، أغنى رجل في العالم، هو موظف حكومي خاص، وهو تصنيف يُمنح للموظفين الفيدراليين المؤقتين الذين يُفترض بهم العمل 130 يوما فقط في السنة. ومن المتوقع أن يتنحى ماسك عن منصبه بمجرد انقضاء فترة الـ130 يوما، وفقا لما ذكره أشخاص مطلعون على الأمر في وقت سابق من هذا الشهر.
كما أكد إيفز أنه لا يزال متفائلا بشأن تسلا، محافظا على تصنيف "أداء متفوق"، ووصفها بأنها واحدة من "أكثر شركات التكنولوجيا إحداثا للتغيير الجذري في العالم خلال السنوات القادمة". ومع ذلك، قال إن تسلا بحاجة إلى "أهم أصولها" - ماسك - ليعود إلى الشركة بدوام كامل. وكتب: "نعتبر هذا مفترق طرق: إذا غادر ماسك البيت الأبيض، فسيكون هناك ضرر دائم للعلامة التجارية، لكن تسلا ستستعيد أهم أصولها ومفكرها الاستراتيجي رئيسا تنفيذيا بدوام كامل (..) إذا اختار ماسك البقاء في البيت الأبيض بقيادة ترامب، فقد يتغير مستقبل تسلا/سيزداد الضرر الذي لحق بالعلامة التجارية".