استمع إلى الملخص
- دعا رئيس حزب الشعب الجمهوري إلى مقاطعة السلع المرتبطة بالحكومة، مما أدى إلى احتجاجات واسعة وفتح تحقيقات بتهمة "التحريض على الكراهية".
- استمرت احتجاجات الطلاب على اعتقال إمام أوغلو، وشاركت شخصيات بارزة في الدعوات، مما أدى إلى تدخل الشرطة ومنع التجمعات، وسط دعم نقابة المحامين لحرية التعبير.
نددت الحكومة التركية بدعوات المعارضة إلى مقاطعة الأسواق في أعقاب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، والذي أثار احتجاجات على مستوى البلاد، ووصفت الدعوات اليوم الأربعاء بأنها "محاولة لتخريب" الاقتصاد التركي. وقال وزير التجارة عمر بولات إن دعوات المقاطعة تشكل تهديداً للاستقرار الاقتصادي واتهم أولئك الذين يدعون إليها بالسعي إلى تقويض الحكومة.
وأضاف بولات أن الدعوة لمقاطعة الأسواق التركية "محاولة لتخريب الاقتصاد التركي وتتضمن ظلماً تجارياً وتنافسياً. ونرى أنها محاولة عقيمة من جهات تعتبر نفسها أسياد هذا البلد". وقال جودت يلماز نائب الرئيس التركي إن هذه الدعوات تهدد التناغم الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي، وإنها "محكوم عليها بالفشل".
واستخدم عدد من الوزراء والمشاهير المؤيدين للحكومة وسماً يعني "ليست مقاطعة، بل ضرر وطني" لتأكيد موقفهم. وقاد الدعوات رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال، الذي شجع احتجاجات تفاقمت لتصبح الأكبر في تركيا منذ أكثر من عشر سنوات. أما الرئيس رجب طيب أردوغان فقد وصف الاحتجاجات بأنها "شريرة" وقال إنها لن تدوم. وتضرر الاقتصاد التركي من أزمة تكاليف معيشة مستمرة منذ سنوات وسلسلة من انهيارات العملة، وسط تباطؤ النمو وارتفاع التضخم إلى 39% في فبراير/ شباط.
ودعا أوزغور أوزال إلى مقاطعة السلع والخدمات من الشركات التي يُعتقد أنها مرتبطة بحكومة أردوغان. وذلك بعد أسبوعين من اعتقال رئيس البلدية، واتسع نطاق الدعوة اليوم الأربعاء، لتشمل وقف كل عمليات التسوق ليوم واحد. ونشر رئيس حزب الشعب رسماً مصوّراً على حسابه على منصة إكس الثلاثاء، كُتب فيه "أوقفوا كلّ أعمال التسوّق! السوبرماركت، والتسوق عبر الإنترنت والمطاعم، والوقود والمقاهي والفواتير، لا تشتروا أي شيء". وقال أوزال مستعيداً دعوة وجهتها مجموعات من الطلاب "أدعو الجميع إلى استخدام قوتهم الاستهلاكية، عبر المشاركة في هذه المقاطعة".
19 Mart Darbesine karşı en ön safta direnerek geleceklerine sahip çıkan üniversite öğrencilerinden 301’i hukuksuzca tutuklandı ve bayramı ailelerinden ayrı geçiriyorlar.
— Özgür Özel (@eczozgurozel) April 1, 2025
Öğrencilere, annelere, babalara, kardeşlere yapılan bu zulme karşı gençlerin başlattığı tüketim boykotunu… pic.twitter.com/AlqUJMgeSr
إلى ذلك، أعلنت النيابة العامة في إسطنبول فتح تحقيق، خصوصاً في تهمة "التحريض على الكراهية"، ضدّ أشخاص أطلقوا أو شاركوا في دعوات إلى المقاطعة، بحسب ما أفادت وكالة أنباء "الأناضول" الرسمية. وكان زعيم الحزب دعا في وقت سابق إلى مقاطعة عشرات الشركات والمجموعات التركية المعروفة بقربها من السلطة، بهدف ممارسة ضغط على الحكومة.
ردات فعل واسعة على الدعوة لمقاطعة الأسواق التركية
ولقيت دعوة مقاطعة الأسواق التركية ردات فعل واسعة، رسمية وشعبية، لما لها من آثار على الاقتصاد التركي، فضلاً عن انتقال المواجهة لطور يهدد البلاد، كما يقول أترام. واتهم نائب الرئيس، جودت يلماز، المعارضة بأنها تستهدف الاستقرار الاقتصادي، واصفاً أسلوب المعارضة الذي لا يعترف بالقانون "سيجد انعكاسه في التاريخ وفي ضمير أمتنا". في حين وصف وزير العدل، يلماز تونج، مقاطعة الأسواق التركية بأنها غير قانونية بشكل واضح.
وفي ما وجده أتراك رداً على دعوة المعارضة، وجّه وزير التجارة بولات نداءً مفتوحاً للمواطنين بقوله: إذا كنتم تخططون للتسوق اليوم أو غداً أو خلال الأيام القليلة القادمة، فنحن ندعوكم لإجراء مشترياتكم ومعاملاتكم التجارية تحديداً في يوم 2 إبريل/ نيسان، لدعم الاقتصاد المحلي وتعزيز حركة الأسواق.
وانتقد رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية، أبو بكر شاهين، دعوة المقاطعة في منشور له اليوم بقوله "هناك محاولة لزعزعة قيم تركيا وإنجازاتها" مضيفاً أن القنوات والمنشورات التي تدعو إلى المقاطعة أو تدعم المقاطعة تخضع لمراقبة خبراء الرصد والتقييم لدينا، وسيجرى اتخاذ الإجراءات اللازمة.
ويقول الاقتصادي التركي، خليل أوزون، إن المقاطعة لا تؤثر في الحكومة أو حزب "العدالة والتنمية" لكنها تؤثر بالتجار والمستهلين، داعياً إلى إبعاد المواطنين عن تجاذبات السياسة. ويضيف أوزون لـ"العربي الجديد" أن الأسواق التركية تعاني من مخاوف بطبيعة الحال، كما أن الليرة متراجعة، وجاءت دعوة المقاطعة أمس لتزيد من القلق الذي قد يؤثر بالأسواق والاقتصاد، وبالتالي معيشة المواطنين، بواقع تضخم كبير وتراجع القدرة الشرائية.
وكان اتحاد العمال التركي قد كشف عن استمرار تدهور القدرة الشرائية للعمال، حيث تجاوزت عتبة الجوع الحد الأدنى للأجور، وسط ارتفاع مستمر في الأسعار وتضخم حاد في قطاع الغذاء، مما زاد من الأعباء المالية على الأسر التركية.
ووفقاً لبيانات اتحاد الصناعات التركية لشهر مارس/آذار، ارتفع الإنفاق الشهري المطلوب لتأمين غذاء صحي لأسرة مكونة من أربعة أفراد (عتبة الجوع) إلى 23615 ليرة تركية، بينما بلغ إجمالي النفقات الضرورية لتلبية الاحتياجات الأساسية (خط الفقر) 76922 ليرة تركية.
كذلك أشار التقرير إلى أن تكلفة المعيشة الشهرية للعامل الواحد ارتفعت إلى 30617 ليرة تركية، وهو ما يفوق بكثير الحد الأدنى للأجور الصافي البالغ 22104 ليرة تركية، ما يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة للعمال وأسرهم.
ويرى أتراك أن الدعوة للمقاطعة أمس "مرت بخسائر قليلة"، مبدين الخشية من انتقال الصراع بين الحكومة والمعارضة إلى ساحة الاقتصاد وحياة المواطنين، وتكرر دعوات المقاطعة أو الدخول في إضراب عام، وذلك بعد الاستجابة "الواسعة" أمس، وانضمام المقاهي والمطاعم وأماكن العمل، وإعلان أصحابها أنهم لن يفتحوا متاجرهم أو يجروا عمليات البيع، في الثاني من شهر إبريل.
وتتالت اليوم ردات الفعل على دعوة المقاطعة، بعد ملامح الإغلاق الجزئي ببعض المحال التجارية والخدمية، ويقول المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر جيليك، إن دعوة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، هي أعظم تعصب سياسي وانقسام اجتماعي في تاريخنا السياسي.
وطاول انتقاد المقاطعة الأوساط المالية والتجارية بتركيا، إذ اعتبر رفعت هيسارجيكلي أوغلو، رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية (TOBB)، أنه "من الخطأ استهداف الشركات التي تنتج وتوفر فرص العمل وتستثمر ومقاطعتها. يجب إبعاد شركاتنا عن النقاشات السياسية".
وقال رئيس جمعية رجال أعمال أسود الأناضول (ASKON)، أورهان آيدن "إن نقل العملية إلى هذا المستوى واستهداف اقتصاد البلاد ليس موقفاً، بل هو كسوف للعقل".
كما أشار رئيس اتحاد التجار والحرفيين الأتراك (TESK)، بنديفي بالاندوكن، إلى أنه يجب دعم التجار والحرفيين الذين يحاولون خدمة عملائهم في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، داعياً إلى استمرار العمل وعدم إيقاف التجارة.
من جهته، قال رئيس غرفة تجارة إسطنبول، شكيب آفداجيتش، إنه لا يمكن مهاجمة الشركات التي تعد نتاجاً للاقتصاد المحلي والمستقل في تركيا ومصدراً للتوظيف، فيما اعتبر محمود أسمالي، رئيس جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (موسياد)، دعوات المقاطعة بمثابة محاولة واضحة لإضعاف رأس المال المحلي والوطني، وفتح المجال أمام رأس المال العالمي.
ويقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، إنه ورغم أن المقاطعة "فشلت اليوم" لكنها مؤشر خطر ويمكن أن تتطور لإضراب، داعياً لمحاسبة كل من يضر بالاقتصاد التركي، لأن هذه الإجراءات ومحاربة المنتج الوطني، مسائل "فوق سياسية، لأنها تمس الاقتصاد ومعيشة الناس".
ويضيف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد" أن دعوة الحزب المعارض إلى المقاطعة هي "مؤشر خطير"، داعياً إلى عقوبات قانونية "الأرجح سنراها بعد بيان النيابة العامة"، غير مستبعد أن يتطور رد الحكومة ليصل إلى حرمان المعارضة، أو حزب الشعب على الأقل، من دعم الخزينة التركية، نظراً لما تسببه المقاطعة من أضرار على القطاعين الحكومي والخاص.
مقاطعة الأسواق التركية سلاح جديد بيد الطلاب
يواصل طلاب الجامعات التركية احتجاجاتهم على سجن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، مواصلين إضرابهم عن التعليم، ودعوا إلى مقاطعة التسوّق بمختلف أنواعه، اليوم الأربعاء، في ظل انقسام سياسي واجتماعي، ودخول السياسيين والمشاهير على خط دعوات المقاطعة.
حراك الطلاب المستمر منذ توقيف إمام أوغلو في 19 مارس/ آذار الماضي تنوع بعد أشكال من التظاهر والاعتصام والإضراب، ودعا الطلاب إلى مقاطعة التسوق، سواء المباشر أو عبر الإنترنت، أو المنصات الرقمية، ومقاطعة شراء المحروقات، ليوم واحد، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر.
وأعلن طلاب في جامعات تركية مرموقة، مثل جامعة الشرق الأوسط وجامعة البوسفور وجامعة غالاطة ساراي وجامعة إسطنبول وجامعات أخرى الانضمام إلى المقاطعة، قائلين "نضيف قوتنا الاقتصادية في سلاح المقاطعة عبر وقف الشراء ليوم واحد". ومنعت قوات الشرطة، اليوم، طلاباً في جامعة إزمير من الدخول إلى أحد منتزهات في المدينة، حيث كانوا يعتزمون التنزه والاحتجاج بطرق مختلفة على عمليات التحقيق بمسألة المقاطعة والدعوات لها.
وقال رئيس بلدية إزمير عن حزب الشعب الجمهوري جميل توغاي "هناك مقاطعة عامة اليوم، ووصلتنا معلومات تفيد بأن العديد من الشباب في إزمير ذهبوا إلى المنتزه وأرادوا الاستمتاع بنزهة هناك، ومع ذلك أبلغنا أن النزهات غير مسموح بها في المعرض، ولسوء الحظ فإننا نشهد العنف في كل مكان". وأضاف "إذا مُنع الشباب حتى من التنزه في الحديقة بمبادرة من بلدية إزمير، فإننا سنصدق بالتأكيد أن الادعاءات لمن هم في السجن صحيحة، أؤكد أننا في نقابة المحامين بإزمير لا ندعم المحامين فقط، بل جميع المواطنين".
وتحدث طلاب لوسائل إعلام محلية عن أنهم قرروا التنزه بمأكولات منزلية ومن المتبرعين مع المقاطعة ليوم واحد، ولقاء الطلاب بعضهم ببعض، لكن فوجئوا بوجود قوى الأمن قبل وصولهم إلى المنتزه وإغلاقهم المداخل".
وقال أحد الطلاب لموقع صحيفة إزمير، وقد امتنع الطلاب عن كشف الهوية كي لا يتعرضوا للمساءلة، كما أفادوا سابقاً في تظاهرات دعم إمام أوغلو، "نحن لم ندع لمقاطعة منتجات معينة، بل مقاطعة عامة فقط ليوم واحد، ولهذا قررنا التجمع مع بعضنا بمأكولات منزلية، ولكن مُنعنا من الدخول، رغم قولنا إننا سنحضر للتنزه فقط، وقالوا لنا إن المقاطعة أيضاً ليست قانونية". وأضاف "تحدثنا مع نقابة المحامين وجاؤوا إلينا، ورغم حديثهم مع المسؤولين لم يتغير الوضع، كما منعونا من عمل استبيان عن المقاطعة، ورغم قولنا إنه أمر قانوني منعونا من ذلك".
ومن الدعوات اللافتة للمقاطعة، كانت مشاركة الممثلة أيبوكه بوسات، بطلة مسلسل تشكيلات الذي يعرض على شاشة التلفزيون الرسمي، والمسلسل لديه شعبية كبيرة، وعقب دعمها أعلن عن إخراجها من طاقم العمل، ما دفع نقابة الممثلين للتضامن معها، واعتبار طردها يخالف حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور، وفق المواد 25 و25 و34.