تناقض إماراتي تجاه زيادة إنتاج "أوبك"

تغريدات متناقضة للعتيبة والمزروعي حول سياسة الإمارات النفطية

11 مارس 2022
محطة وقود في جنوب هوليوود بكاليفورنيا (Getty)
+ الخط -

يبدو أن "أوبك" تواجه مأزقاً حقيقياً وربما أزمة مستقبلية مع تطور الحرب الروسية على أوكرانيا وإلحاح الولايات المتحدة على أعضائها الكبار بضخ المزيد من النفط لخفض الأسعار المرتفعة التي باتت تهدد الاقتصادات الغربية وقدرتها على تحمّل كلفة الحظر الاقتصادي المشدد على روسيا.

كما أن هناك تردداً واضحاً في مواقف بعض الدول الأعضاء الكبار بين دعم الحظر الغربي، وبين دعمهم لروسيا العضو في تحالف "أوبك+"، وفق مراقبين. وخلال يوم الأربعاء، صدرت تصريحات إماراتية متناقضة بشأن مطلب زيادة إنتاج أوبك الذي تطالب به واشنطن لتهدئة أسعار الطاقة.

إذ بينما أعلنت الإمارات العضو المؤثر في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، في تغريدة مساء الأربعاء، على لسان سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة، "نحبذ زيادة الإنتاج، وسنشجع أوبك على زيادته إلى مستوى أعلى"، قال وزير الطاقة والبنية التحتية، سهيل المزروعي، في وقت متأخر من يوم الأربعاء، إن الإمارات ملتزمة باتفاقية "أوبك+"، وآليتها الشهرية الحالية لتعديل الإنتاج.

وأضاف الوزير، في تغريده له على حسابه الرسمي في "تويتر"، أن "الإمارات تؤمن بالقيمة التي تقدمها مجموعة "أوبك+" لأسواق النفط". وهو ما يعني أن الإمارات، وتحديداً أبوظبي، ترسل إشارات متناقضة حول موقفها من أزمة الطاقة في السوق النفطي.

وأمس الخميس، كرر وزير الطاقة الإماراتي تصريحاته لوكالة الأنباء الإمارات الرسمية "وام"، إذ قال إن الإمارات تؤمن بالقيمة التي تقدمها أوبك+ لسوق النفط العالمي ولا يوجد أي اتفاق لزيادة الإنتاج بشكل منفرد.

وحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، قال مسؤولون في "أوبك" إن موقف الإمارات الذي تحدّث عنه العتيبة كان مفاجئاً لهم ولم تتشاور الدولة معهم بشأن القرار.

ويبدو أن المزروعي كان يرد على العتيبة في تصريحاته بالتأكيد على أن "الإمارات ملتزمة باتفاقية "أوبك+"، وآليتها الشهرية الحالية لتعديل الإنتاج". وإذا كان تقرير "وول ستريت جورنال" دقيقاً، فإن ذلك يعني أن هناك تناقضاً في الموقف الإماراتي الخاص بسياستها تجاه "أوبك+".

ونسبت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى مسؤول سعودي قوله بشأن تصريحات العتيبة الخاصة بدفع أوبك زيادة الإنتاج، "هذا ليس هو الموقف المتفق عليه مع السعودية".

وفي ذات الصدد، قال مسؤولون في أوبك، "أصابتنا الدهشة من التغيير المفاجئ لموقف الإمارات، وأن أبوظبي لم تتشاور معنا". من جانبهم، قال مسؤولون في المنظمة النفطية إن خطوة الإمارات يمكن أن تخلق شرخاً داخل "أوبك".

وتمر علاقة إدارة الرئيس جو بايدن بتوتر شديد مع المسؤولين في كل من الرياض وأبوظبي، ولكن ضغوط الحظر ربما تدفع واشنطن للتفاهم مع كبار المنتجين في "أوبك"، في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها السوق النفطية، بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وضرورة نجاح الحظر المالي والاقتصادي المشدد على روسيا، وكسر شوكة الرئيس فلاديمير بوتين وهزيمة خططه الاستراتيجية في أوروبا.

وعلى الرغم من حرص التحالف الغربي على محاصرة الطاقة الروسية التي تغذي الخزينة الروسية بأكثر من 100 مليار دولار سنويا، فإن واشنطن وحلفاءها لا يجدون بديلاً يسد النقص في سوق النفط العالمي.

وحتى الآن، يبدو أن الدول القادرة على زيادة المعروض العالمي من النفط ولديها طاقات فائضة جاهزة للضخ في العالم، لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، وعلى رأسها السعودية والإمارات.وحسب تقديرات مصرف "جي بي مورغان"، فإن الطاقة الفائضة لدى السعودية تقدر بنحو مليوني برميل، بينما لدى الإمارات طاقة فائضة تقدر بنحو مليون برميل يومياً.

وتضغط واشنطن منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا على الدولتين لضخ هذه الطاقات الفائضة في السوق، حتى لا تضطر للتعامل مع الملف النووي الإيراني في الوقت الحاضر، أو حتى تضطر لفك الحظر المفروض على فنزويلا، وهما دولتان فرضت عليهما الولايات المتحدة حظراً نفطياً مشدداً منذ عام 2018، على أمل أن يحدث تدهور الاقتصاد وانهيار العملة موجة من غلاء المعيشة، وبالتالي يقود إلى ثورة شعبية لتغيير النظام في كلا البلدين.

وكانت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر جرانهولم قد دعت، الخميس، شركات النفط والغاز الطبيعي القادرين على زيادة الإمدادات إلى سرعة القيام بذلك، لمواجهة أزمة الطاقة المتسارعة في أعقاب الحرب الروسية.

وقالت خلال مؤتمر "سيراويك" الدولي للطاقة، إن الأسواق بحاجة إلى زيادة إنتاج النفط والغاز لتلبية الطلب الحالي، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تريد العمل كشريك في صناعة الطاقة، بعد شكاوى من محاولات البيت الأبيض لتسريع الانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون.

وشددت جرانهولم على أنه من الصعب تحقيق التوازن بين الحاجة إلى المزيد من النفط والغاز وأهمية التحول إلى الطاقة المتجددة لمكافحة الاحتباس الحراري، كما شددت على ضرورة مراعاة تأثير تغيير المناخ.
وذكرت أنه يتعين زيادة الإمدادات قصيرة الأجل بشكل مسؤول لتحقيق الاستقرار في الأسواق، وذلك بعدما أعلنت الولايات المتحدة حظرًا فوريًا لإمدادات الطاقة الروسية.

المساهمون