تناقص حاد في معروض السيارات بالأسواق التونسية

تناقص حاد في معروض السيارات بالأسواق التونسية

13 مايو 2022
مبيعات السيارات تراجعت في الربع الأول من 2022 بنسبة 18% (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تعيش سوق السيارات في تونس على وقع تداعيات أزمة التصنيع العالمية ونقص المعروض الدولي الذي تسببت فيه أزمة الرقائق الإلكترونية، قبل أن تفاقمه الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع كلفة الشحن البحري.
وسجّلت مبيعات السيارات بمختلف أصنافها خلال الربع الأول من السنة الجارية تراجعاً بنسبة 18 بالمائة، بينما أعلن عدد من وكلاء البيع عن وقف بعض الأصناف من السوق خلال العام الحالي نتيجة عدم توفر العرض الكافي لدى المصنعين.
وتسبب نقص المعروض من السيارات في تأجيل برامج توريد أصناف من المركبات الشعبية التي تدعمها الحكومة لفائدة الطبقات المتوسطة، حيث لن يكون بإمكان التونسيين ممن ينتظرون لسنوات في طوابير الانتظار اقتناء 6 أصناف من السيارات الشعبية التي سيتم ترحيل برامج توريدها إلى عام 2023.

استمرار تراجع المبيعات
ورجّح المتحدث باسم غرفة وكلاء بيع السيارات إبراهيم دباش استمرار تراجع مبيعات المركبات على امتداد السنة الحالية، متأثرة بنقص المعروض نتيجة الأزمة العالمية في تصنيع المركبات.
وقال دبّاش في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الطلب على المركبات في تونس لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث يتواصل إقبال التونسيين على شراء سيارات جديدة، غير أن نقص المعروض أطاح المبيعات بنحو 20 بالمائة خلال الربع الأول من العام الجاري.

وأفاد: "نقص العرض تسبب في مراجعة وكلاء البيع لبرامج التوريد للعام الحالي، وسنكتفي بتوريد السيارات المتوفرة لدى المصنعين".
ونفى دباش الاستغناء عن برنامج توريد السيارات الشعبية الموجهة لصالح متوسطي الدخل، مؤكداً تأجيل برامج التوريد لعدد من الأصناف للعام المقبل، في انتظار تحسّن العرض العالمي وعودة نسق التصنيع إلى مستويات سابقة.
يتوقع المتحدث باسم غرفة وكلاء بيع السيارات أن يبدأ القطاع في التعافي خلال النصف الثاني من السنة الحالية، مرجحاً أن تتحسن وتيرة عرض السيارات وتوفرها لدى المصنعين.
وشرح في سياق متصل أن العلامات الأوروبية هي الأكثر تضرراً من أزمة الرقائق والحرب الروسية الأوكرانية، ما يجعل كفة المبيعات في السوق التونسية تميل لصالح السيارات الآسيوية الأكثر توفراً في الوقت الحالي، بحسب قوله.
كذلك قال دباش إن قلة العرض تؤثر على الأسعار التي زادت بنسب لا تقل عن 5 بالمائة منذ بداية السنة نتيجة ارتفاع كلفة الشحن وتراجع قيمة الدينار أمام اليورو والدولار.

انتظار لعدة سنوات
وسجّل الدينار التونسي تراجعاً مقابل الدولار، حيث خسرت العملة المحلية 6.9 بالمائة من قيمتها ما بين منتصف 2020 والتاريخ ذاته من السنة الحالية، وذلك بانزلاق سعر الصرف من 2.76 دينار إلى نحو 2.96.
ويجبر غلاء أسعار السيارات مقارنة بالقدرة الشرائية التونسيين على الانتظار لمدة قد تصل إلى 5 سنوات في قائمات الراغبين في الحصول على السيارات الشعبية المدعومة من الحكومة.
ويستفيد برنامج السيارات الشعبية في تونس من إلغاء رسم الاستهلاك وتخفيض الرسوم الجمركية، وهو ما يساهم في تقليص تكلفتها الإجمالية، بينما يدفع التونسيون لشراء سيارات خارج هذا البرنامج نحو 35 بالمائة من كلفة السيارة في شكل ضرائب.
وتسبب ارتفاع الطلب على السيارات الشعبية في زيادة مدة الانتظار للحصول عليها.
وتضاعف عدد السيارات الشعبية خلال السنوات الأخيرة، ليمر من 3055 سيارة سنة 2018 إلى 6364 خلال 2019، ووصلت في سنة 2020 إلى 7317 سيارة تم بيعها، فيما بلغت سنة 2021 نحو 9239 سيارة، أي بزيادة قدرها 26 بالمائة مقارنة بسنة 2020.

يجبر غلاء أسعار السيارات مقارنة بالقدرة الشرائية التونسيين على الانتظار لمدة قد تصل إلى 5 سنوات في قائمات الراغبين في الحصول على السيارات الشعبية


وفي نهاية العام الماضي، 2021، طلبت غرفة وكلاء بيع السيارات من الحكومة خفض الضرائب على السيارات من أجل الحد من تصاعد أسعار المركبات الجديدة، غير أنّ قانون الموازنة لم يحمل أيّ إجراء في هذا الاتجاه.
وكشفت دراسات حول أفق تنمية قطاع السيارات في تونس إلى سنة 2030 الحاجة إلى ضرورة ملاءمة السوق التونسية والتشريعات مع تطوّرات سوق السيارات في العالم.
وبيّنت الدراسة أن السوق التونسية غير مستعدة لاستعمال السيارات الكهربائية وأوصت بضرورة تعزيز مكانة مركبات الطاقة البديلة وتنفيذ حوافز الاستخدام لها.
كذلك أوصت الدراسة بتنفيذ سياسة تنمية وطنية تقوم على وضع رؤية وأهداف عالمية من خلال تبني استراتيجية للتخلص من مركبات الوقود الأحفوري على مستوى المدينة حتى عام 2030 ووضع استراتيجية كهربة 100 في المائة من الحافلات الجديدة خلال الفترة 2020-2025.
وتتسبب أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي تضررت منها بشدة الشركات الأميركية والأوروبية على وجه الخصوص في تغيير وجهة السوق التونسية نحو السيارات الآسيوية التي توسعت حصتها من حجم المبيعات إلى أكثر من 50%، لتتصدر العلامات الصينية والكورية الجنوبية المراتب الخمس الأولى في تصنيف المبيعات العام الماضي، وفق الغرفة الوطنية لوكلاء ومصنعي السيارات، لتتقدم بذلك على الشركات الأوروبية التي استأثرت لعقود طويلة بالحصة الكبرى من السوق التونسية.