تكدّس الشيكل في البنوك الفلسطينية: أزمة نقدية تهدد الاقتصاد

19 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 16:39 (توقيت القدس)
فلسطينيون أمام بنك في نابلس شمالي الضفة، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه المصارف الفلسطينية أزمة تكدّس الشيكل بسبب القيود الإسرائيلية، مما يعيق دورها المالي ويزيد الأعباء لتخزين الأموال، ويهدد بزيادة الاقتصاد غير الرسمي والتهرب الضريبي.
- تبذل سلطة النقد الفلسطينية جهوداً لمواجهة الأزمة عبر التواصل مع البنك المركزي الإسرائيلي، وتوجيه المصارف لتوسيع الدفع الإلكتروني وتثقيف المواطنين لتقليل الاعتماد على النقد الورقي.
- رغم التحديات، يظل القطاع المصرفي الفلسطيني مستقراً بفضل الملاءة المالية والسيولة المرتفعة، ويمكن للمواطنين المساهمة بتقليل التعامل النقدي واستخدام الدفع الإلكتروني.

شهدت المصارف الفلسطينية أزمة متصاعدة نتيجة تكدّس كميات ضخمة من عملة الشيكل في خزائنها، بفعل القيود الإسرائيلية المفروضة على شحن العملة إلى البنوك الإسرائيلية. وتُعد هذه الأزمة واحدة من أبرز الإشكاليات التي تهدد فعالية النظام المصرفي الفلسطيني، وتكشِف عن هشاشة البنية المالية التي فُرضت على الاقتصاد الفلسطيني بفعل اتفاقية باريس الاقتصادية، والتي أبقت الشيكل الإسرائيلي عملة التعامل الأساسية في السوق المحلية.

ويمنع هذا التكدّس البنوك من تنفيذ دورها الطبيعي كوسيط مالي بين السوقين الفلسطيني والإسرائيلي، ويجبرها على تحمّل أعباء مالية إضافية لتخزين وحماية الأموال، فضلاً عن فقدان فرص استثمارية بديلة كان يمكن استغلال هذه السيولة فيها. والأخطر من ذلك أن استمرار الأزمة قد يدفع نحو توسع الاقتصاد غير الرسمي، ويضعف الرقابة المالية، ويزيد من مخاطر التهرب الضريبي والتضخم النقدي.

ورغم هذه التحديات، أكدت سلطة النقد الفلسطينية، اليوم الجمعة، أنها تواصل جهودها على أكثر من مستوى؛ من التواصل مع البنك المركزي الإسرائيلي والمؤسسات الدولية، إلى توجيه المصارف لتوسيع البنية التحتية للدفع الإلكتروني، وتثقيف المواطنين بأهمية تقليص الاعتماد على النقد الورقي. وسلّطت سلطة النقد، في تقرير لها، الضوء على حجم التهديدات الاقتصادية المترتبة على أزمة تكدّس الشيكل في المصارف الفلسطينية، عبر مجموعة من الأسئلة والأجوبة الصادرة عنها:

  • ما هي العملات المسموح تداولها قانوناً في فلسطين؟

العملات المسموح تداولها قانوناً هي: الشيكل الإسرائيلي، الدولار الأميركي، الدينار الأردني، واليورو الأوروبي. إلا أن الشيكل يُعد العملة الأكثر استخداماً في التداول اليومي وفي عمليات الشراء والبيع داخل السوق الفلسطيني.

  • لماذا يُعتبر الشيكل الإسرائيلي عملة قانونية في فلسطين؟

بموجب اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة عام 1994، يُعتمد الشيكل كعملة رئيسية في التعاملات داخل فلسطين، ويُستخدم في دفع ثمن السلع والخدمات الأساسية.

  • ما المقصود بالعلاقة المراسلة بين المصارف الفلسطينية والإسرائيلية؟

هي علاقة مالية تُتيح للبنوك الفلسطينية تنفيذ عمليات تحويل وشحن الشيكل إلى البنوك الإسرائيلية، بهدف تسديد أثمان السلع والخدمات المتبادلة بين الجانبين، خصوصاً وأنّ 85% من الصادرات الفلسطينية تتجه نحو إسرائيل، و55% من الواردات تأتي منها، من ضمنها السلع والخدمات الأساسية (كهرباء ومياه ونفط ومواد غذائية). وكل هذه العمليات التجارية تتم بعملة الشيكل حيث بلغ المتوسط السنوي لحجم العمليات المصرفية (شيكات وحوالات) حوالي 50 مليار شيكل سنوياً. 

ما هي مخاطر انقطاع العلاقة المراسلة مع البنوك الإسرائيلية؟

انقطاع هذه العلاقة قد يؤدي إلى صعوبات كبيرة في توريد السلع والخدمات الأساسية كالوقود والكهرباء، والتي لا يمكن تمويل شرائها إلا من خلال القنوات الرسمية. والتحول الى التعامل بالنقد لتمويل السلع الأخرى مما سيؤدي إلى زيادة حجم السوق غير الرسمي والمخاطر الناتجة عن ذلك. ويتمتع القطاع المصرفي الفلسطيني بشبكة واسعة ومستقرة من العلاقات المراسلة مع كافة دول العالم، كما أن التهديدات بقطع العلاقة المصرفية المراسلة الإسرائيلية لن تؤثر على ودائع العملاء، حيث إن ودائع المواطنين محفوظة بأمان ولا يشوبها أية مخاطر.

  • ما هي مشكلة تكدّس الشيكل في المصارف العاملة في فلسطين؟

تتمثل المشكلة في عجز البنوك الفلسطينية عن شحن الفائض من الشيكل (نقداً) إلى البنوك الإسرائيلية، مما يؤدي إلى تكدّسه في خزائن المصارف المحلية مما يعيق تغذية حسابات البنوك الفلسطينية لدى البنوك الإسرائيلية "حساب البنك المراسل" والذي يتم من خلاله تنفيذ المعاملات المالية مقابل عمليات شراء وبيع السلع والخدمات ما بين فلسطين والاحتلال الإسرائيلي. 

  • ما أسباب تكدّس الشيكل؟

تعود الأسباب إلى القيود الإسرائيلية المفروضة على سقوف شحن العملة، في ظل تدفق مستمر للشيكل إلى البنوك الفلسطينية، خصوصاً من المشتريات النقدية لفلسطينيي الداخل ومن أجور العمال الذين يتقاضون رواتبهم نقداً.

  • ما هي آثار تكدّس الشيكل على البنوك الفلسطينية؟

إنّ عدم قدرة المصارف على شحن الشيكل وتغذية حساباتها المراسلة، يحد من قيام المصارف بدورها كوسيط مالي في تنفيذ العمليات التجارية ما بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ويضاعف حجم الأزمة، بالإضافة الى تحمل المصارف لتكاليف تخزين وتأمين ومخاطر نقل الأموال ما بين الفروع وخسارة الفرصة البديلة لتشغيل هذه الأموال.

  • لماذا لا تستخدم المصارف هذا التكدّس في زيادة الإقراض المحلي بالشيكل؟

إن الشيكل المودع لدى المصارف يهدف إلى تمويل التجارة الخارجية مع إسرائيل لشراء السلع والخدمات الأساسية، ويستخدم الجزء المتبقي منه لأغراض الإقراض المحلي. علماً بأن المصارف الفلسطينية مستمرة بمنح القروض بكافة العملات ومن ضمنها عملة الشيكل، وذلك وفقاً لسياسات منح القروض المعتمدة.

  • ما الجهود التي تبذلها سلطة النقد لمواجهة الأزمة؟

عملت سلطة النقد على التواصل مع البنك المركزي الإسرائيلي ومع كافة الجهات والمؤسسات المحلية والدولية وبيان مخاطر وتداعيات عدم السماح للمصارف الفلسطينية بشحن النقد المتوفر لديها لضمان استمرار العلاقة المصرفية وتنفيذ العمليات التجارية وتوفير السلع والخدمات الأساسية للمواطن الفلسطيني. كما عملت سلطة النقد على توجيه المصارف على اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لزيادة قدرتها على استقبال الإيداعات النقدية وتوفير السيولة اللازمة لتنفيذ العمليات التجارية. بالإضافة الى تعزيز البنية التحتية اللازمة لاستخدام وسائل الدفع الإلكتروني والحد من استخدام النقد. 

  • هل الجهاز المصرفي الفلسطيني مستقر رغم هذه التحديات؟

على الرغم من حجم التحديات والمخاطر الناتجة عن الأوضاع الراهنة بما يشمل أزمة تكدس النقد بعملة الشيكل، لا يزال القطاع المصرفي الفلسطيني يتمتع بمستويات مرتفعة من الملاءة المالية والسيولة وفقاً للمعايير الدولية ذات العلاقة، محافظاً على استقراره ومساهماته المستمرة في الحفاظ على استمرار الدورة الاقتصادية وتوفير كافة الاحتياجات المصرفية والمالية لعملائه وللاقتصاد، إذ بلغت موجودات القطاع المصرفي نحو 25 مليار دولار، فيما بلغت قيمة الودائع حوالي 20 مليار دولار.

  • كيف يمكن للمواطن المساعدة في الحد من الأزمة؟

من خلال تقليل التعامل النقدي واستخدام وسائل الدفع الإلكتروني، وخصوصاً في محطات الوقود والمعاملات التجارية الكبرى، واستخدام الحوالات والشيكات بدل النقد.

المساهمون